Author

هذه هي أهم بنود السفر

|
كان من المفروض أن أكتب لكم اليوم عن موضوع العودة للمدارس وما يصاحب ذلك من عودة إلى العمل والجد والاستذكار والتحصيل، وما يصاحب ذلك من تغيير في نظام العائلة والنظام الاجتماعي بشكل عام، ولكنني أريد أن أكمل ما بدأته الأسبوع الماضي حول السفر والسياحة. نحن نعرف أن السفر كمتعة وكجزء من الترفيه دخل على مجتمعنا قريبا، فكان كثير منا يستمتعون بإجازاتهم في دورهم وبيوتهم ولا يخرجون منها، ثم تطور الأمر فأصبحنا نخرج إلى الحدائق والمنتزهات العامة، ثم أتى الترحال إلى المدن الأخرى عندما تحسنت الطرق وتسهلت وسائل النقل. بعد ذلك شب الكثير عن الطوق فانطلقت الأسر السعودية تجوب العالم بأسره ولم يعد لها حدود، بل لا يوجد لديها قيود حتى ترسخت لدينا قناعة أن الاستمتاع بالصيف لا يمكن أن يتحقق إلا بالسفر والترحال، وقد تكوَّن هذا المعتقد بالفعل في أذهاننا وأصبح جزءا من ثقافتنا الترفيهية. ولكن دخول السفر في السنوات الأخيرة كأحد عناصر ثقافتنا السياحية أدى إلى إضافة أعباء مالية ضخمة تثقل كاهل كثير من الأسر وهنا نريد أن نفصل في ذلك. إن حجم ميزانية السفر تحدده عدة بنود منها وجهة الرحلة هل هي داخلية أم خارجية، بالطيران أم بالبر، ضمن برنامج سياحي أم منفردا. وسواء كانت الرحلة داخلية أم خارجية فإن أكبر بند يلتهم أموال المسافرين هو السكن، فإذا استطاع المسافر أن يدير هذا البند بعقلانية واحترافية فقد استطاع بالفعل أن يسيطر على تكاليف رحلته. تتمثل مشكلة السكن للسياحة والسفر خصوصا في الداخل، في أن الأماكن المعدة لسكن السياح في غالبية المدن حتى المدن السياحية الكبيرة تكون بمبالغ كبيرة، ورغم أن هناك شققا مفروشة متوسطة التكلفة إلا أنها رديئة الجودة وغير مهيأة للسكن من الناحية الصحية والنظافة والقرب من المراكز الحيوية. غالبية الشقق تفتقر إلى أبسط أنواع النظافة، ناهيك عن انتشار الحشرات الزاحفة والقوارض، ويقدمون لنا هذا المنتج وكأنهم يتفضلون علينا. البند الآخر الذي يلتهم ميزانية السفر هو الطعام، ويمكن إدارة هذا البند بتخفيض عدد الوجبات من ثلاث إلى اثنتين لأسباب عدة، منها أن طبيعة المطاعم ليس فقط هنا في بلادنا بل في بلاد عديدة رديئة وغير مراقبة من قبل الجهات المعنية من ناحية السعر والناحية الصحية والجودة وطريقة إعداد الوجبات. فقد تجد وجبات ملوثة وقد تجد وجبات منتهية الصلاحية حتى في أرقى المطاعم وأشهر الفنادق. لذا أرى أن نتعلم كيف نخفض عدد الوجبات من ثلاث إلى اثنتين ونتعلم كذلك كيف نعد وجباتنا بأنفسنا في السفر فمن قال إن الإجازة إجازة حتى من إعداد الطعام؟. إن الوجبات في كثير من المطاعم مكلفة وغير آمنة ونحن نعتمد عليها اعتمادا كليا، وهذا عمل لا يكون في مصلحة المسافر، لذا عليه أن يتعلم ويعلم من يعول أن من واجب كل فرد أن يقوم بإعداد الطعام خلال الرحلة ولا تكون هذه المهمة مقتصرة على المرأة فمن حقها أن تبتعد عن هذه المهمة خلال السفر، وبهذا نضمن تخفيض التكاليف ونضمن أيضا وجبة آمنة ونظيفة. بقى لنا التسوق وهو القارضة التي تلتهم ميزانية السفر وتعيد السياح وهم يندبون حظهم وقد يبقى بعضهم أعواما عديدة لا يحالفه الحظ في السفر إلا أن يقترض من المؤسسات المالية. ونحن لا نقول ألا يتسوق المسافر، ولكن يجب ترشيد هذا البند ومحاولة إدارته بعناية. فغالبية الأسر تتسوق طوال العام ولدينا أهم وأرقى أماكن التسوق من "ماركات" وأسواق تنافس غالبية أسواق دول العالم. لذا أرى أن السفر من أجل التسوق ضرب من الجهل فكيف تتبضع من مكان يحمل إليك المنتج ويأتي به إلى جوار بيتك؟. كثير من المنتجات الاستهلاكية والكمالية وغيرها متوافرة في أسواقنا فهل من العقل أن نحملها عند عودتنا من السفر ونتحمل تكاليف الشحن والمواصلات ومشقة الحمل وهي بين أيدينا وفي أسواقنا؟. إذا السكن والطعام والتسوق تعد أهم بنود ميزانية السفر فمن يتحكم بها فقد أدار رحلته بنجاح، وماذا عن البنود الأخرى كألعاب الأطفال وزيارة الآثار والمتاحف وغيرها؟ غالبيتنا لا يحبذ المناطق الثقافية وزيارة المتاحف والآثار، وقد يشعر البعض بالكآبة والضيق عندما يواجهون هذا النوع من السياحة لعدة أسباب منها أنهم لم يعتادوا عليها ولجهلهم بأهميتها ولارتفاع تكاليفها. فالناس في بلادنا لم تتربَّ على أهمية زيارة الآثار والمتاحف، ولم ندرك بعد كيف تضيف هذه الآثار إلى حياة الناس وكيف تختزل سنوات من تاريخ عريق وأحداث جسام. المهم أن غالبيتنا لا يحبذون زيارة الآثار والمناطق الأثرية، فلهذا لن أركز على هذه النقطة من الناحية الاقتصادية وطريقة المسافر في التعامل معها، ولكن دعونا نركز على ترفيه الأطفال. الطفل خلال العام في غالبية المناطق يستمتع باللهو واللعب في مرافق أعدت لذلك في المراكز التجارية ونحوها خلال عطلة نهاية الأسبوع. لذ أرى أن الأطفال ليسوا بحاجة إلى ورود هذه الأماكن بشكل مكثف خلال السفر التي تزيد أسعارها وتتضاعف في كثير من المناطق السياحية حول العالم. لذا أرى التقليل منها بقدر الإمكان والتركيز على ذلك النوع الذي يندر وجوده ويضيف المتعة للأسرة والطفل وليس من أجل التقليد وهذا البند يحتاج إلى تفصيل أكثر نؤجل مناقشته في مناسبة قادمة ـــ إن شاء الله. ونريد أن نختم فنقول إن على المسافر أن يدير رحلته بعقلانية فعند عودته ـــ بإذن الله ـــ يجد كثيرا من النفقات تنتظره، فهناك العودة للمدارس، وهناك مستلزمات العيد، وهناك متطلبات اجتماعية يتعين عليه الوفاء بها، فإذا استطاع أن يتحكم بتكلفة السكن والوجبات والتسوق فقد يستمتع برحلة هادئة جميلة متزنة دون مبالغة في التكاليف.
إنشرها