default Author

لغات بلا كلمات

|
سؤال ظل عالقا بعقول الناس والعلماء، وهو لماذا تسبب زلزال "تسونامي جنوب شرقي آسيا" في موت ربع مليون من البشر عام 2004، بينما نجت الحيوانات منه؟! ما الذي حدث كيف عرفت تلك الحيوانات بوقوع الزلزال؟ وكيف انتشر الخبر بينها وهربت من المنطقة؟! لا بد أن هناك وسيلة للتواصل بين تلك المخلوقات وبعضها، إنها "اللغة" التي إما أن تكون صوتية وتحتاج إلى حنجرة مثل الموجودة لدى البشر والثدييات وإما ما يشبهها لدى الطيور فتصدر النغمات المتفاوتة للتواصل ولطرد العدو وفي فترة التزاوج! لقد استطاع العالم الألماني إيريخ بوينر؛ بعد 60 عاما أمضاها في دراسة الطيور، التعرف على 30 نوعا من الأصوات للطيور المتشابهة في ظاهرها المختلفة في طبقتها وزمنها. كما يكون التواصل الصوتي بإحداث ضجة مثل الضرب بالحوافر واحتكاك الأجنحة في الحشرات، فكل حركة لها دلالة. أما في ظلمة الكهوف وأعماق المحيطات فتتواصل الخفافيش والدلافين عن طريق الأصوات ذات الترددات فوق الصوتية للكشف عن الخطر وتحديد نطاقه وسط الظلام الدامس، لذا استفاد البشر من هذه الميزة لدى الدلافين للكشف عن الألغام البحرية! وحينما تكون المسافة قريبة تكون حركة الجسد "لغة الجسد" هي الأفضل للتواصل بين المخلوقات، مثل ملامسة الجلد، كما يحدث بين القرود حين تلامس جلد صغارها لتعبر عن حنانها واهتمامها وتحملها المسؤولية، أما حينما ترى كلبا يضع قدميه على ظهر كلب آخر ـــ أجلكم الله ـــ فهذا يعني تعبيره عن السلطة والنفوذ والتفاوت الطبقي والمكانة الاجتماعية. أما أغرب لغات التواصل فهي "لغة الكيمياء" وتستخدم للأغراض نفسها، إضافة إلى تقفي الأثر ورسم خرائط مناطق النفوذ والسيطرة وتتميز هذه اللغة ببقائها فترة من الزمن حتى عند ابتعاد مرسلها، فيتعرف عليها المرسلة إليه بالشم أو التذوق فيتبع الأثر أو يتجنب الخطر حسب نوع المادة. بعد سنوات من اعتقاد العلماء أن النمل يتواصل عن طريق قرني الاستشعار والحركة الراقصة وجدوا أن لديه نظاما متطورا من الغدد الموزعة على جميع أجزاء بدنه وكل غدة لها تجويف تصدر منه رسائلها الكيماوية الخاصة فـ "نمل النار" يملك غدة في طرف إبرة اللدغ في مؤخرته يلمس بها الأرض بصورة متقطعة لتحدد طريق المرور للهدف وتبقى لدقائق ثم تختفي وبذلك لا يحدث تشويش أو تداخل بين اتجاه حديث وقديم، وللتحذير من الخطر في مستعمرة النمل يفرز النمل مواد كيماوية قصيرة المدى مسافة "3 سم" ولمدة 30 ثانية فقط، وللموت رائحة فعند موت النمل تفرز أجسادها رائحة خاصة تجعل الباقين يرمون بجثتها خارج المستعمرة وعندما تم دهن نملة حية بهذه المادة لم يرحمها الباقون وقذفوا بها بعيدا فتموت كمدا. وتستخدم الكائنات الحية أكثر من لغة للتواصل ويسعى العالم اليوم إلى إيجاد لغة موحدة تجمع البشر فيما بينهم وتربطهم بباقي الحيوانات حتى لا تتكرر الحوادث الكارثية من الترجمة.
إنشرها