Author

أم في تبوك

|
قضت الأم المسكينة وهي تطالب بأن تقبل ابنتها في كلية الطب. هذه العلاقة غير المنطقية بين وفاة الأم والقبول في الجامعة تنذر بخطر كبير. أصبح القبول في الجامعات أكثر ضبابية من حال سابق كنا نشكو منه. صحيح أن البوابات الإلكترونية تتولى عملية الفرز والمفاضلة بين المتقدمين، لكن هناك ثغرات كثيرة في النظام تدفع باتجاه التحذير من وقوع ضحايا لهذه الضبابية. أطرح مثالاً هنا: المتقدم الذي يرفض الخيار الذي تعرضه عليه الجامعة يحرم من القبول في الجامعة بشكل نهائي. بناء على هذه الإشكالية، يتوجه كثير من المتقدمين للبحث عن قبول في جامعات أخرى غير التي يرغب في الدراسة فيها. يصبح المقعد في هذه الحالة شاغرا، ويخضع القبول فيه لآراء واجتهادات شخصية، وهي التي تدفع للفساد في عملية القبول في الجامعات. تزداد خطورة المشكلة على أولئك الذين يتقدمون للبعثات الخارجية، حيث يتم إنهاء إجراءات قبولهم بعد إجراءات قبول كل الجامعات السعودية. هؤلاء هم النخبة من خريجي الثانوية، ومعنى خروجهم من المفاضلة في البعثات خسرانهم فصلا دراسيا واحدا على الأقل، رغم أن القبول في الجامعات لا يتم إلا مرة واحدة في السنة وهو يعني أن يفقد الطالب فرصته في دخول الجامعة لسنة كاملة. غرد وزير التعليم أواخر شهر رمضان، بأن عدد المتقدمين للابتعاث تجاوز 111 ألفا، وعدد المقاعد المتوافرة ثمانية آلاف، ما يعني أنه سيكون لدينا أكثر من 103 آلاف من خيرة خريجي الثانوية العامة خارج أسوار الجامعات السعودية، فأين سيذهبون؟ بالعودة إلى حال الطالبة التي حرمت من التسجيل في كلية الطب رغم استحقاقها، فمهما كان السبب الذي دفع الجامعة لرفض الطالبة، فاللجنة المسؤولة عن التحقيق مطالبة بأن تكون شفافة وتقدم الحقائق للرأي العام، لأن القضية تجاوزت حدود الجامعة والوزارة وأصبحت قضية رأي عام. ما أطلبه من اللجنة، هو أن تكون محايدة وواضحة وصريحة في كشف ملابسات الحادثة، وأن تقدم الحلول الجذرية لأي إشكالية قد تكون السبب في قهر الطلبة وأولياء أمورهم، فوفاة أم نتيجة عدم عدالة القبول أمر غير مبرر. يجب أن تكون الجامعات أكثر مرونة وأسهل في التعامل وأرقى بسبب وضعها ودورها ومسؤوليتها الاجتماعية والأخلاقية والإنسانية.
إنشرها