المشراق

الحديث عن جمال المرأة .. ماذا عن جمال الرجل؟

الحديث عن جمال المرأة .. ماذا عن جمال الرجل؟

مشت قوافل الرجال تباعا خلف جمال امرأة، وهاموا على وجوههم إرضاء لها. وإن كنا ممن يحذو حذو المذهب العامي القائل "الزين للمرة"، إلا أننا نود أن نسجل ملاحظة عنت لنا، وهي أن أجمل إنسان خلقه الله تعالى هو رجل وهو يوسف عليه السلام الذي أوتي شطر الحسن كما في الحديث الشريف، ولشراح الحديث كلام طويل في شرحه، ومنهم من يرى أن نبينا محمدا عليه السلام هو أحسن ذرية آدم وجها وأكثرهم جمالا. دائما ما يكون الحديث عن جمال المرأة، وكثيرا ما نرى تغزل الرجل بالمرأة وبجمالها وحسنها، وهذا أمر كلنا نتفق عليه، ولكن بالمقابل هناك رجال سلبوا قلوب النساء بجمالهم وحسنهم، ولا نريد أن نذكر قصة نبي الله يوسف عليه السلام، الذي قالت فيه النسوة حين رأينه: "ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم"، فهذه الحالة استثنائية، فنبي الله يوسف عليه الصلاة والسلام أوتي شطر الحسن كما أخبرنا خاتم المرسلين عليه السلام. ونريد في هذه العجالة أن نتحدث عن بعض الرجال الذين اشتهروا بالجمال في جزيرة العرب، ونقول قبل ذلك ما قاله سيد الشعراء أبو الطيب المتنبي: وما الحسن في وجه الفتى شرف له إذا لم يكن في فعله والخلائق عمرو بن حممة أحد المعمرين، قيل إنه عاش أكثر من ثلاثمائة سنة. آلت إليه رئاسة دوس بعد موت أبيه، اشتهر بالحكمة، وهو واحد ممن تتحاكم إليه العرب، ومن أحسن الناس وجها. كان إذا نزل مكة تقنع لئلا يصاب بالعين، أو تفتتن به النساء، وقد حصل ذلك. قيس بن الخطيم فارس الأوس وشاعرهم في الجاهلية، قال عنه الصفدي: كان مقرون الحاجبين، أدعج العينين، أحم الشفتين، براق الثنايا كأن بينهما برقا، وما رأته حليلة رجل قط إلا ذهب عقلها. وذكروا أنه من أحسن الناس وجها، وأنه ممن يتعممون لجمالهم، وأن النساء يخشين على أنفسهن من جماله. الزبرقان بن بدر التميمي، واسمه الحصين، وإنما قيل له الزبرقان لحسنه، والزبرقان: القمر. ويقال له‏: قمر نجد، لجماله‏.‏ وكان يدخل مكة متعمما لحسنه. ولاه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، صدقات قومه بني عوف، ثم أداها في الردة إلى أبي بكر، فأقره أبو بكر على الصدقة لما رأى من ثباته على الإسلام وحمله الصدقة إليه حين ارتد الناس، وكذلك عمر بن الخطاب‏.‏ جرير بن عبدالله البجلي سيد بجيلة، أسلم في العام الذي توفي فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال فيه الرسول حين وفد عليه: يطلع عليكم خير ذي يمن، وكأن على وجهه مسحة ملك، فطلع جرير ولما دخل على النبي أكرمه وقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه. ووصفه الخليفة عمر بن الخطاب بيوسف الأمة لجماله. دحية الكلبي قال ابن قتيبة: كان دحية إذا قدم، لم تبق معصر إلا خرجت تنظر إليه، (المعصر: الفتاة). وما ذاك إلا لجماله، وذكر بعض العلماء أنه كان أحسن الصحابة وجها. قال ابن حجر في ترجمته: كان يضرب به المثل في حسن الصورة، وكان جبرائيل عليه السلام ينزل على صورته. عمرو بن الأهتم صاحب البيت الشهير: لعمرك ما ضاقت بلاد بأهلها ولكن أخلاق الرجال تضيق وهو خطيب تميم، صحابي شاعر لقب بالمكحل لجماله. قالوا وكان له ابن جميل أيضا، فقدر الحسن بن علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليه أن ابنة عمرو بن الأهتم ستكون في جمال أبيها وأخيها، وتزوجها، ولكنه رآها بخلاف ذلك، وقيل كانت قبيحة فطلقها. وأخوها نعيم بن عمرو بن الأهتم، وفيه قال الشاعر عبدالرحمن بن حسان بن ثابت: قل للذي كاد لولا خط لحيته يكون أنثى عليها الدر والمسك المقنع الكندي محمد بن ظفر بن عمير، شاعر شهير من العصر الأموي، لقب بالمقنع كما قالوا بسبب تلثمه خوفا من العين لفرط جماله وبهاء حسنه. وقالوا: كان مقنعا طول حياته، والقناع من سمات الرؤساء، كما يقول الجاحظ. وقال التبريزي في تفسير لقبه: المقنع الرجل اللابس سلاحه، وفي القاموس والتاج: المقنع، المغطى بالسلاح أو على رأسه مغفر خوذة. نصر بن حجاج: السلمي، كان من أحسن الناس وجها ولمة، جميلا للغاية، عاش زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أخذ بلب امرأة فهامت به عشقا وأنشدت بيتا من الشعر تقول فيه: هل من سبيل إلى خمر فأشربها أم من سبيل إلى نصر بن حجاج مصعب بن الزبير فارس مغوار وقائد شهير، وابن حواري رسول الله، الزبير بن العوام. تولى إمرة العراق في خلافة أخيه عبدالله، كان جميلا وسيما شجاعا، تزوج أجمل امرأتين في قريش: عائشة بنت طلحة بن عبيدالله، وسكينة بنت الحسين بن علي، رضوان الله عليهم جميعا. ذكروا في سيرة مصعب أن النساء إذا رأينه يحدث لهن أشياء لشدة جماله. وفيه يقول ابن قيس الرقيات: إنما مصعب شهاب من الله تجلت عن وجهه الظلماء ورآه جميل بثينة الشاعر المشهور واقفا بعرفة فخشي أن تراه محبوبته وقال: "إن هاهنا فتى أكره أن تراه بثينة‏". وكان مصعب من أحسن الناس وجها، وأشجعهم قلبا، وأسخاهم كفا‏.‏ قال الحسن البصري عنه إنه أجمل أهل البصرة. سليمان بن يسار أحد فقهاء المدينة السبعة، عالم ثقة عابد ورع حجة. كان جميلا من أحسن الناس وجها، وله قصة يذكرها المفسرون عند قوله تعالى: "ولقد همت به وهم بها لولا أن رأى برهان ربه". فقد اشتاقته امرأة فسامته نفسها فامتنع عليها، فقالت: إن لم تفعل لأشهرنك، فخرج وتركها، فرأى في منامه يوسف عليه السلام. أبو دهبل الجمحي وهب بن زمعة الجمحي، عاش في العصر الأموي وشارك مع جيش التوابين. ذكر في ترجمته أنه من أجمل الناس وأحسنهم منظرا. قال المدائني: "كان أبو دهبل رجلا جميلا شاعرا". مالك بن أنس الأصبحي، إمام دار الهجرة، ينسب إليه المذهب المالكي، قالوا في سيرته: كان من أحسن الناس وجها، وأجلاهم عينا، وأنقاهم بياضا، وأتمهم طولا في جودة بدن.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق