العالم

اليمن .. «حزم ذهبي» يقوض تمدد إيران ويمنع إعادة إنتاج النموذج السوري

اليمن .. «حزم ذهبي» يقوض تمدد إيران ويمنع إعادة إنتاج النموذج السوري

اليمن .. «حزم ذهبي» يقوض تمدد إيران ويمنع إعادة إنتاج النموذج السوري

مثلت عملية "السهم الذهبي" تحولا استراتيجيا فارقا على مستوى الحرب في اليمن، منذ انطلاق "عاصفة الحزم" على الرغم من كونها عملية خاصة ضمن مراحل عمليات التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية استهدفت تحرير محافظة عدن والمديريات التابعة لها من سيطرة حركة الحوثيين وحلفائها التي اجتاحت الجنوب عبر بوابة عدن منذ نحو أربعة أشهر. وبحسب تقرير أعده ونشره "المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية"، فإن ما يزيد من أهمية تلك العملية هو أنها مهدت الطريق أمام عودة تدريجية لحكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن كمحور ارتكاز لبسط سلطتها المعترف بها دوليا، وهو ما يمثل هدفا رئيسيا للتحالف. وربما يمكن القول إن إحدى أهم السمات الرئيسية لهذه العملية تتمثل في أنها تفادت مصير المعارك المماثلة التي تفتقر إلى تقييمات موضوعية لنتائجها، خاصة بعد أن اعترفت حركة الحوثيين بهزيمتها فيها. كما كشفت تلك العملية عن الدور المركزي الذي مارسه التنسيق الثنائي السعودي - الإماراتي، خاصة فيما يتعلق بعمليات الدعم النوعي للقوات المشاركة في العملية، وهو ما كان له تأثير مباشر في النتائج التي انتهت إليها. عملية نوعية تعتبر عملية "السهم الذهبي" أول عملية تتضافر فيها آليات المواجهة الشاملة في الحرب، وذلك من خلال تبني الآليات التالية: 1- استخدام القوات البرية للمرة الأولى في العمليات العسكرية من جانب قوى التحالف وبإدارتها عبر غرفة العمليات المركزية في السعودية، مع الدلالة الرمزية لإشراف الرئيس عبد ربه منصور هادي على العملية. وقد أشارت تقارير عديدة إلى أن القوة المشاركة في العملية وصلت إلى 1000 عنصر مدرب، معظمهم من المحافظات الجنوبية ومن الكوادر العسكرية التي قام نظام علي عبد الله صالح بتسريحها من الجيش بعد حرب 1994. وقد ساهمت هذه القوات بشكل رئيسي في حسم المعركة على الأرض، خاصة مع حرصها على التعاون مع قوات المقاومة الشعبية، حيث جرى التنسيق بينهما ميدانيا. 2- تنفيذ عمليات التدريب والتأهيل والتسليح للطواقم البرية اليمنية في منطقة حدودية يمنية، مع إمدادها بمساعدات نوعية، حيث قام التحالف في هذا السياق، بتسليح هذه الطواقم بمعدات ثقيلة من أبرزها نحو 150 مدرعة عسكرية ظهرت للمرة الأولى في محافظة عدن خلال عملية "السهم الذهبي". 3- اعتماد استراتيجيات التخطيط العسكري الحديثة للعملية ميدانيا، حيث كانت المقاومة الشعبية تعاني فوضى التنسيق فضلا عن تدني مستويات التأهيل للمعارك، إضافة إلى ضعف القدرات التسليحية. وقد كان لذلك تأثير مباشر على الأرض، حيث ساهم إلى حد كبير في نجاح أهداف العملية العسكرية ضد الحوثيين وحلفائهم، الذين فوجئوا بالتطور النوعي في مستوي تدريب وتسليح القوات المشاركة في العملية. عناصر التفوق شكلت جملة من المتغيرات عناصر رئيسية في نجاح عملية "السهم الذهبي" في تحقيق أهدافها ويتمثل أهمها في: 1- استفادت قوات التحالف من الخبرات التي تراكمت خلال فترة العمليات السابقة، وذلك عبر قراءة دقيقة لمسرح العمليات ومستوى وشكل تخطيط حركة الحوثيين والقوات التابعة للرئيس السابق علي عبد الله صالح، ومن ثم ركزت المرحلة الأولى من العملية على استهداف البنية التحتية العسكرية في الجنوب من معسكرات تستخدمها ميليشيات التمرد كمراكز انطلاق في المعارك. 2- يوضح سير المعارك في عملية "السهم الذهبي" أنه جرى التخطيط باستخدام عنصر المفاجأة للسيطرة أولا على المواقع الاستراتيجية والحيوية في عدن وعبر أحد الثغرات التي تعد بمثابة نقطة ضعف لميليشيات التمرد في عدن وهي منطقة البريقا التي تطل على سواحل عدن، وفي إطار محدد تمت السيطرة على منطقة رأس عمران ذات الأهمية الاستراتيجية التي تقع شمال منطقة البريقا ومن خلال مينائها جرت عملية الإنزال الرئيسية للقوات والمعدات الجديدة، ومنها تم الانطلاق للسيطرة على ميناء عدن. #2# تداعيات مختلفة ربما يفرض نجاح عملية "السهم الذهبي" جملة من التداعيات التي يمكن تناولها على النحو التالي: 1 - تحقيق الهدف الرئيس لقيادة التحالف المشتركة، وهو استعادة الشرعية، حيث تمهد العملية العسكرية الطريق أمام عودة تدريجية لسلطة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن، خاصة بعد عودة ثلاثة وزراء من حكومة خالد بحاح هم وزراء الداخلية والصحة والنقل، وهي وزارات استراتيجية يمكن أن تمارس دورًا رئيسيا في الفترة القادمة، ولا سيما في ظل الدمار الهائل الذي تعرضت له عدن خلال المعارك، حيث من المستهدف في مرحلة أولى القيام بإعادة إعمار المدينة التي انهارت بنيتها التحتية ووقف حركة النزوح منها، وبشكل أساسي تأهيل المرافق الاستراتيجية والحيوية التي تساهم في إعادة الاستقرار إلى المناطق المحررة كالمطار والميناء. وبعبارة أخرى، يمكن القول إن عودة الوزراء الثلاثة إلى عدن في هذا التوقيت له مغزاه، بالنظر إلى أن الأولوية الآن تنصب حول تكريس حالة الأمن والاستقرار داخل عدن، وهو ما يبدو جليًا أيضًا في عودة بعض القيادات الأمنية إلى عدن، فضلا عن تهيئة المرافق الرئيسية أمام استقبال المساعدات الإنسانية، خاصة من جانب دول التحالف. وفي هذا الإطار، تتوقع بعض الاتجاهات أن تساهم كل من السعودية والإمارات بشكل رئيسي في تمويل عملية إعادة الإعمار داخل اليمن خلال المرحلة القادمة. 2 - دعم التحرك نحو تحرير اليمن من القوى المناوئة للسلطة الشرعية المتمثلة في حركة الحوثيين وحلفائها. ومن المتوقع في هذا السياق، أن تستمر عمليات تحرير باقي محافظات ومناطق الجنوب التي سيطرت عليها الحركة، حيث تكشف مؤشرات عديدة عن قيام المقاومة الشعبية في تلك المناطق بعمليات تنسيق واسعة لتنظيم صفوفها استعدادًا للمواجهات القادمة. 3 - تقويض التمدد الإيراني في اليمن، خاصة مع تزايد احتمالات تطلع إيران نحو تصعيد دورها في المنطقة من خلال دعم حلفائها في مرحلة ما بعد الوصول إلى اتفاق نووي مع مجموعة "5+1" في 14 يوليو 2015. 4 - منع إعادة إنتاج النموذج السوري سواء في المعارك أو في المفاوضات، حيث ترى دول عديدة في التحالف، خلال الفترة الحالية، وبناء على ما أسفرت عنه نتائج مؤتمر جنيف، أن قوى التمرد تفتقد لأي رغبة في تسوية الأزمة ووقف الحرب، خاصة بعد فشل كثير من الاتفاقات التي وقعتها حركة الحوثيين منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر 2014. تحديات عديدة لكن ثمة جملة من التحديات أيضا يتعين وضعها في الاعتبار. فعلى الرغم من اعتراف الحوثيين بالهزيمة في معركة عدن، إلا أن ذلك لا يعني بداية مرحلة الانهيار بالنسبة للحركة التي سوف تسعى، على الأرجح، إلى تعزيز وضعها في الشمال وربما تعمل على تبني سيناريو فصل الشمال عن الجنوب ومن ثم إفشال أي اتجاه لتفعيل العملية السياسية وعرقلة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني كآلية رئيسية لتلك العملية. فضلا عن ذلك، فإن ثمة عقبات عديدة تواجه عملية إعادة مأسسة الجيش النظامي على قاعدة إشراك الجنوبيين فيه دون الشماليين على عكس ما فعله الرئيس السابق علي عبد الله صالح بعد حرب 1994، ولا سيما أن ذلك سوف يؤدي إلى حدوث خلل بنيوي يعيد إنتاج الأوضاع الراهنة نفسها مستقبلا. في النهاية، يمكن القول إن النتائج التي انتهت إليها عملية "السهم الذهبي" سوف تفرض، في الغالب، تأثيرات مباشرة في توازنات القوى العسكرية داخل اليمن خلال المرحلة القادمة، بشكل ربما يكون له دور في تحديد المسارات المحتملة التي يمكن أن تنتهي إليها الأزمة في اليمن.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من العالم