Author

«واي فاي» في الحرم

|
تندفع المؤسسات لتجاوز المتوقع منها، وتقديم خدمات فوق توقعات المستخدم، وهو ما ينشئ مراكز البحوث والدراسات التسويقية، التي تفتح الآفاق للخدمات وتطوير الآليات وتحسين ورفع كفاءة الأداء. تستشري تلك الحالة الباحثة عن الكمال كلما كانت المنافسة محمومة بين مجموعة من الشركات التي تقدم الخدمات أو المنتجات نفسها، وهو من مبادئ المنافسة التي تشجع عليها مفاهيم الاقتصاد الحديثة. على أن التوجه نحو التميز وتقديم الأفضل لم يعد حكرا على المؤسسات الخاصة التي تعيش على ما تحصل عليه من جيوب المستهلكين، بل أصبح هاجساً للمؤسسات والهيئات والوزارات الحكومية في أغلب دول العالم. دفع إلى ذلك ما انتشر من جوائز عالمية ومحلية تدعم التميز، وتمكن عناصرها من المقارنة بين المتنافسين، وإن لم يكونوا من القطاع نفسه. روح المنافسة هذه معدية، ويسهم في نقل العدوى بالسرعة العالية التواصل المباشر والفوري الذي يسهم في توسيع أفق المسؤول، ويسمح له بتبني الفكر الجديد والمختلف، الذي يبرز في أي مكان من العالم. يضاف إلى ذلك توافر كافة التقنيات التي تسمح بالتغيير الفوري في الأداء، مثل أنظمة تخطيط موارد المنشأة التي توفر كما هائلا من قواعد البيانات، التي تسمح بالتغيير السريع والكفء. أعجبتني الخطوة التي أقدمت عليها رئاسة الحرمين الشريفين، التي تمكن من معرفة عدد الأشواط التي أكملها المعتمر، وهذا من قبيل التخفيف وتسهيل أداء النسك. إن كل ما يمكن أن تفعله أي مؤسسة عامة أو خاصة في سبيل التسهيل على المستخدم يستحق الشكر. لكن الاندفاع وراء التطوير لمجرد إدخال تقنية جديدة يجب أن تحكمه عدة عناصر أهمها مهمة الجهاز. فإذا كان الاستخدام التقني سيسهم في تحويل المستفيد عن الغرض أو هدف تعامله مع القطاع، فهذا يدفع بنا إلى إعادة النظر في التطوير المعروض للاستخدام. يرى محدثكم أن هذه القضية تنطبق على تقديم خدمة "الواي فاي" في الساحات الخارجية للحرم. أظن تلك الخدمة ستؤدي إلى التأثير في قدسية المكان، وتدفع بكثيرين للوجود للاستفادة من خدمة الواي فاي بدلا الانشغال بما هو أهم من ذلك. أشك في ملاءمة تقديم تلك الخدمة في ذلك المكان بالذات، فلو كانت في مكان خارج الساحات فقد نبرره بالضرورة، أما داخل مساحة المسجد الحرام فلا.
إنشرها