Author

«داعش» في «سيلفي» .. رسالة إيجابية أم سلبية؟

|
مختص في التمويل والتنظيم وأكاديمي
هل رسالة المسلسل في نظر شبابنا إيجابية أم سلبية؟ بمعنى كيف انعكست حلقات "داعش" في مسلسل سيلفي على المشاهد؟ وهل استطاع المسلسل نقد "داعش" بصورة تحذيرية وكشف بواطن هذه الحركة المتطرفة، خصوصا في عين المشاهد الشاب؟ قبل أن أجيب على هذا السؤال أريد أن أذكر القارئ أنه حين عرض مسلسل الجماعة عام 2010 وهو مسلسل مصري درامي تدور أحداثه حول جماعة الإخوان المسلمين ومؤسسها حسن البنا، وصرف على المسلسل أكثر من 50 مليون جنيه مصري، وعرضته معظم القنوات المصرية إبان حكم الرئيس المصري محمد حسني مبارك كالتلفزيون المصري وقناة القاهرة والناس وغيرها. هدف المسلسل الرئيس كان بيان عور الجماعة ورئيسها حسن البنا. لذا كان من الطبيعي أن يتعرض المسلسل قبل عرضه لهجوم شديد من جماعة الإخوان المسلمين. بل وصلت حدة النقد للمسلسل أن اعتبر أنه مسلسل للحرب على الإسلام، وليس مجرد نقد لفكر الجماعة. لكن وحسب وكالة أسوشيتد برس "فقد أدخل المسلسل جماعة الإخوان في كل بيت مصري وتسبب المسلسل في نتائج عكس ما أراده القائمون عليه". حتى إن الموقع الرسمي لجماعة الإخوان المسلمين نشر قصيدة شكر للمسلسل؛ لما أسهم فيه من زيادة مبيعات كتب جماعة الإخوان، خصوصا كتب مؤسسها حسن البنا. ما أريد قوله إن النقد في عين المنتج والمخرج والممثل قد لا يكون بالضرورة نقدا، بل دعاية بصورة غير مباشرة في عين المتلقي. آمل ألا تكون الرسالة التي أراد إيضاحها منتجو مسلسل سيلفي قد فهمت بصورة مغايرة لما أرادوه. لكن قد نتفق أن الحبكة الدرامية في المسلسل كانت سطحية ولم تركز على جوهر وحقيقة "داعش" خصوصا لنا كسعوديين. فمثلا، من المؤسف أن المسلسل صور قادة "داعش" على أنهم سعوديون. وأن السعوديين هم المتنفذون داخل التنظيم. كما بينت الحلقة الثانية، وهي نظرة تخالف الواقع. فالحقيقة كما تشير معظم الدراسات حول تنظيم داعش، أن قادة "داعش" من البعثيين ومن قادة الجيش العراقي السابق، ولعل الإعدامات الأخيرة لبعض قيادات التنظيم داخل التنظيم تبين الشرخ الكبير بين قيادات التنظيم من غير العراقيين ومن قبل قائد التنظيم أبو بكر البغدادي. ولعل تصوير المسلسل أن السعوديين هم قادة هذا التنظيم يتعارض مع حقيقة رؤية قادة هذه البلاد من أننا ضحايا الإرهاب الداعشي، لكن رسالة المسلسل كانت تحكي عكس هذه الحقيقة، فالمسلسل أوضح أن أبناءنا هم من قادته وليسوا من ضحاياه. وكأن كل تفجير داعشي خلفه قيادة التنظيم من السعوديين. أما الحلقة الأولى حول "داعش"، فبينت أن قادة هذا التنظيم المتطرف جاملوا الابن الداعشي السعودي من أجل أبيه. وهذا يتعارض مع العقلية الداعشية الأوحادية وغير المجاملة، خصوصا لمن هم أدوات داخل التنظيم وليسوا صناعا للقرار فيه. كما أن الحلقة أيضا أظهرت أن التنظيم يوفر نوعية راقية من السكن لأتباعه، وكأن السعوديين المنظمين للتنظيم يعيشون رغدا من العيش، ولا يعكس واقع حال السعوديين داخل التنظيم. لذا كان الأولى لو أن الحلقة أوضحت أن قادة "داعش" يعيشون حياة المتعة، أما البقية فهم مجرد أدوات للتنظيم ومنتشرون في جبهات القتال. لذا كان بودي لو أوضح المسلسل بطريقة درامية راقية أن من هم مع "داعش" على مستويين: المستوى الأول: قادة "داعش" وهم الطبقة المستفيدة والمتنفذة. والمستوى الثاني: هم المغرر بهم وهم الأكثرية. كان بودي أيضا لو ركز المسلسل على كيفية إغراء "داعش" للشباب والشباب السعودي على وجه الخصوص. فليت المسلسل أوضح كيفية استغلال التنظيم لوسائل عديدة للتسويق لمبادئه كوسائل التواصل الاجتماعي وغيرها. كان بودي لو أوضح المسلسل حقيقة أنه بمجرد الانضمام للتنظيم، فإن الشخص سيصبح مجرد أداة لتحقيق أهداف التنظيم التي ليس بالضرورة أهدافه. المسلسل ركز في كلا الحلقتين على قضية السبايا بصورة ضعيفة؛ لذا كان الأولى لو عرض سيناريو السبايا بصورة أكثر سوداوية من الطريقة التي عرضها المسلسل. فمثلا كان الأولى لو عرض المسلسل أن السبايا قد تشمل أمك أو أختك أو زوجتك. باعتقادي أن المسلسل طرح الموضوع بسطحية ونظرة أحادية بعيدا عن العمق. فمن أجل أن ننجح في حربنا ضد كل الجماعات المتطرفة فلا بد من أن نعرض سموم الخصم بصورة أكثر احترافية. فإظهار سذاجة قادة التنظيم قد لا تكون الطريقة الصحيحة لحربه ومناكفته. فنحن بحاجة إلى أن تسهم الدراما السعودية بقتال "داعش"، لا أن تكتفي بإيجاد الإثارة حول هذا الموضوع. ولعل الحلقتين ركزتا على الإثارة أكثر من التركيز على رصانة الرسالة باستثناء المشهد الأخير في حلقة داعش الأولى، التي يتذكر الأب صورة طفولة ابنه الداعشي، بينما يقدم الابن على قتل أبيه.
إنشرها