Author

ربما تكون النكهة التي نفتقدها

|
كانت الشابة جين أوستن تواجه مشكلة مع الجنس الآخر. لديها "فوبيا" من التعامل مع الرجال. وعلى الرغم من ذلك كانت تحب الكتابة عنهم. تعتقد أن لديها شيئا مختلفا ونظرة لم يلتفت غيرها إليها. أخبرت أختها كاسندرا عن عزمها الكتابة والنشر. خالفتها بقوة. قالت لها بصوت عال: كيف تكتبين عن ناس لا تعرفينهم. سيسخر منك النساء والرجال معا. ستمشين في الشارع مطأطئة رأسك بسبب عملك السيئ. لم ترضخ جين لكلام أختها ولا غيرها. شرعت في الكتابة. تقول جين إنها عندما بدأت كتابة (كبرياء وتحامل) أحست بأنها تطير في السماء. كلما كتبت حرفا ارتفعت مترا نحو السحاب. هذا الارتفاع جعلها تحلق عاليا عندما تمسك القلم. نشرت الرواية وانتشر العمل بسرعة قياسية. وأصبحت مأوى لأسئلة المراهقات والنساء عن كيفية التعامل مع الرجل الذي لا تعرفه. نجحت في الكتابة الرومانسية رغم عدم خوضها أي تجربة عاطفية. وتعد من أعظم الروائيين الذين عبروا عن الحب، وكتبوا عن الزواج، وتسابق مخرجو السينما لتحويل أعمالها إلى أفلام سينمائية. كتبها اللاحقة سجلت نجاحا فائقا، وتم تحويلها لعديد من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية وحتى الأنيميشن. أوستن ماتت على فراشها وحيدة، لكن استطاعت وصف الحب وتجسيده بدقة متناهية. عندما تسأل أوستن عن سر نجاحها تجيب إجابة واحدة. وهي الخيال. مع الأسف جميعنا يرتكب حماقة كبيرة بعدم تغذية الخيال. إنه نعمة كبيرة في متناولنا لا نغذيها ولا نستثمرها. بوسعها أن تحول حياتنا إلى أجمل. كل المشاريع الراسخة في أذهاننا بدأت بقطرة هطلت في خيالنا. هناك من حول القطرة إلى بحر، وهناك من جففها واستمر خياله صحراء قاحلة. أوستن لا تعرف شيئا عن عالم الرجل، لكن كتبت عنه كمن عاش معه طوال عمره. لم تتزوج وكتبت عن الزواج بشكل أعجب المتزوجين وسحرهم قبل غيرهم. لا تسمح لأحد أن يقول لك "ابتعد فأنت لا تعلم عن هذا الموضوع أو ذاك". خُضِ التجربة. حلل، ناقش، فَكِّر، والأهم أن تتخيل، فلعلك تأتي بما لم يأت به الأوائل. ليس شرطا أن تكون بارعا في مجال معين لتجرب نفسك فيه. ربما تكون عابرا وتبدع فيه. قد تكون أنت الشخص الذي طال انتظاره وكلنا في انتظاره. تذكر دائما أننا ما زلنا جوعى للنكهة التي لم نتذوقها بعد.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها