Author

السعادة: أن تفهم عظمة دينك

|
رمضانيات - 7 التصور والنظرة الإسلاميان خاصان بنظرتهما لهذه الحياة وكامل الوجود، ومن هنا يكون المدخل الحقيقي لفهم هذا الدين العظيم.. الإسلام. ومن أهم قيم الإنسان الحرية.. وجاء الإسلام متفهما لحرية الفرد والجماعات تفهما كاملا غير مسبوق وغير ملحوق. لأن رسول الإسلام ــ صلى الله عليه وسلم ــ جاء بأمر الله ليطلق الحريات ويحميها ويصونها دون العبث والبطش والاستغلال. خذ أن في الحرية الدينية لا يكره الإسلام أحداً على ترك دينه أو إكراهه على عقيدة معينة، بل تركت لأهل الكتاب الحرية ليمارسوا شعائرهم وعباداتهم داخل المجتمع المسلم، فلا تهدم معابدهم. نعم، لقد أعلن الإسلام الحرية الدينية وكفلها للناس بصورة لم تعهدها كل حضارات الإنسان من قبل، ولا من بعد. دخلت جيوش المسلمين الأمم الكثيرة وهي ليست خالية بدون تحضر أو دين، فلها حضارتها وفلسفتها وموروثاتها وعقيدتها، وما كان للجيش المسلم القوي ذي العنفوان الممتد عبر مساحات آلاف الأميال أن يكره الناس على ترك كل ما يتعلق بهم من موروثات حضارية وعقائد يؤمنون بها، لماذا؟ لأن دينهم يأمرهم بترك الحرية للناس في أديانهم وعباداتهم، وبتأثير من هذا الهدي وصى الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ بعدم إيذاء أهل الذمة من المنتمين لأديان أخرى، وبتأثير من هذا الهدي أيضا يأمر أبو بكر ــ رضي الله عنه ــ قادته: "ألا يكرهوا معاهدا على أن يترك دينه، وأن يتركوا الرهبان في أديرتهم لا يمدوا لهم أيديهم بالأذى". وبتأثير هذا الهدي أيضا يقف الخليفة عمر بن الخطاب ــ رضي الله عنه ــ أمام كنيسة القيامة بفلسطين فيصلي خارجها ويمتنع أن يصلي داخل الكنيسة. فقط مثل اليهود يكفي ويفيض. هؤلاء المنغلقون اليهود الذين يمصّون دم أي مجتمع يحلون بينه، لم يهنأوا بحياتهم يوما واحدا من القرن السادس الميلادي، أبدا. قتلوا وشردوا وحوربوا، وتغير لون نهر السين في القرن الرابع عشر من فرط سيل الدم اليهودي في عمليات الانتقام النصرانية المتتابعة ضد اليهود. يشهد التاريخ اليهودي نفسه ــ واسألوا مؤسس الدولة المحتلة اليهودية في فلسطين بن جوريون ــ أن اليهود لم يعرفوا السلام إلا في فترة وجودهم تحت حكم دولة الإسلام من بغداد شرقا حتى الأندلس غربا. ونعرف كلنا أن اليهود تبوأوا مناصب وأدواراً حساسة في مفاصل الدولة الإسلامية وكان فيهم الكتاب والمترجمون والأطباء والمهندسون. وخذ مثلا أن للإسلام الشعلة الأولى والأسطع في مسألة الحريات الشخصية، وبالذات ما يسميه الآن ناشطو الحقوق بحرية الرأي. جاء الإسلام ليعزز حرية العقل وانطلاقه عن كل قيد أخره وأثقله، فالله تعالى يقول: "قل انظروا ماذا في السموات والأرض" يا للروعة في عظم هذه الآية وكأنها مفتاح كل العلوم، فكل ما تقدمت به حضارة الإنسان هو هذا التأمل في السموات والأرض واكتشاف النظريات، وإحراز المخترعات. وحرية الرأي الأروع ما عهد عن الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ ونُقل عن حثه لأصحابه أن يقولوا الحق مهما كانت الظروف وألا يخافوا في الله لومة لائم، لذلك يقول ــ صلى الله عليه وسلم: "الساكت عن الحق شيطان أخرس". ولم أجد جملة في كل تاريخ الحضارة أقوى تأييدا لحرية الرأي مثل هذه الجملة. ولدت مسلما، وأيقنت بعقلي بدين الإسلام، وسلمت بوجداني أنه الدين الحق.. فحقّ لي وكل مسلم أن نكون من السعداء.
إنشرها