Author

تمكين إمارة المنطقة من إدارة التنمية

|
تطور مفهوم إدارة التنمية لدى عديد من الدول، خصوصا النامية خلال العقود الماضية ليتجاوز مهمة تنفيذ السياسات والبرامج والمشاريع الهادفة إلى تحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية، وأصبح مفهوما شاملا لجميع جوانب التنمية الشاملة وجميع مراحلها بدءا من وضع السياسات والاستراتيجيات التي تتمثل فيها أولويات التنمية وترتبط بقضايا الإنسان وحاجاته وطموحاته، ومن ثم تنظيم واستخدام الموارد والإمكانات المتاحة استخداما أمثل لتحقيق أهداف تلك السياسات والاستراتيجيات. وفي السعودية، قامت الحكومة بالدور الأكبر في إدارة التنمية وأولتها اهتماما كبيرا ومتزايدا بدءا من إطلاقها خطة التنمية الأولى في بداية السبعينيات الميلادية وإنشاء أجهزة التنمية المختلفة، وأخيرا أنشأت مجلسا للشؤون الاقتصادية والتنمية يتولى تحديد التوجهات والرؤى والأهداف ذات الصلة بالتنمية والشؤون الاقتصادية ومراجعة الاستراتيجيات والخطط الاقتصادية والتنموية اللازمة لذلك ومتابعة تنفيذها، ولكن بالرغم من ذلك الاهتمام وتلك الجهود لا تزال إدارة التنمية تعتمد على الأسلوب المركزي لإدارة التنمية من خلال الأجهزة المركزية في الرياض ولم تمكن بعد إمارات المناطق وأجهزة المناطق ومجالسها من القيام بدور أكبر في إدارة التنمية. ولذلك تأتي موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ـــ أيده الله ـــ على مشروع الملك عبد الله لتطوير العمل بإمارات المناطق "ريادة"، لتمثل نقلة نوعية في إدارة التنمية وبدء التحول من المركزية إلى اللامركزية وتمكين إمارة المنطقة من إدارة التنمية. وكانت التنمية أحد أهم المحاور التي ناقشها أمراء المناطق يوم الأحد الموافق 11/9/1436هـ خلال اجتماعهم السنوي الـ22 في محافظة جدة برئاسة الأمير محمد بن نايف بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية. ومن المؤمل أن يكون من مخرجات هذا المشروع تحول في إدارة التنمية من الإدارة المركزية إلى الإدارة المحلية وأن تمكن إمارة المنطقة من القيام بدور أكبر في إدارة التنمية. وقد كان هناك مبادرة متميزة لتعزيز دور المناطق في إدارة التنمية من قبل الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني التي سعت بالتنسيق مع وزارة الداخلية لإنشاء مجالس للتنمية السياحية بالمناطق وأصبحت تلك المجالس التي يترأسها أمراء المناطق تقوم بالإشراف على إدارة التنمية السياحية، ولكنها تظل مبادرة مقتصرة على جانب واحد من جوانب التنمية. وهذه المبادرة الرائدة في إدارة التنمية السياحية في المناطق تستحق الاهتمام وأقترح على القائمين على مشروع الملك عبد الله لتطوير العمل بإمارات المناطق "ريادة" بدراسة هذه المبادرة والاستفادة منها في تمكين إمارات المناطق من القيام بالدور الريادي والأكبر في إدارة الجوانب الأخرى من التنمية. وأخيرا بقي أن نقول: إن تمكين كل إمارة منطقة من القيام بدور أكبر في إدارة التنمية يتطلب إعادة النظر في كثير من الأنظمة والتنظيمات التي نعمل من خلالها اليوم ومن بينها نظام المناطق ونظام المجالس البلدية وتطويرها بما يمكن إمارات المناطق من الإشراف على إدارة التنمية بما في ذلك معالجة الازدواجية في المهام بين الجهات الحكومية في المناطق ومجالسها المختلفة. ومن المؤمل من مشروع "ريادة" القيام بمراجعة المهام المنوطة بالمجالس المختلفة المتعلقة بإدارة التنمية في المنطقة وأهمها مجلس المنطقة والمجلس البلدي، وأن تكون له توصية تتضمن دمجها وتطويرها بما يمكن إمارات المناطق من الإشراف على إدارة التنمية من خلال إنشاء مجلس واحد للتنمية في إمارة المنطقة مكون من الأجهزة الحكومية المعنية بالتنمية ويشارك المواطنون ذكورا وإناثا في اختيار من يمثلهم في عضوية ذلك المجلس.
إنشرها