Author

تكريس التراث الوطني

|
نحو 15 عاما مرت منذ إطلاق الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. خلال هذه الفترة شهدت الهيئة ثلاث محطات: إذ بدأت تحت مسمى هيئة السياحة، ثم تم ضم الآثار إليها، وأخيرا جاء قرار مجلس الوزراء البارحة الأولى ليقر تغيير مسمى الهيئة ليصبح الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني. من المؤكد أننا في هذه الفترة في أشد الحاجة إلى إثراء الصورة الوطنية، وإعلاء هذه القيم، وجعلها جزءا من خطاب يتماهى مع عبقرية الوحدة التي صاغت هذا الوطن الشامخ، الذي يتكالب عليه الخصوم، بهدف النيل من وحدته وأمنه الاجتماعي. هذه المهمة تحتاج إلى خطاب عصري، يتكئ على معطيات الحاضر والماضي، ويستشرف المستقبل، من خلال نظرة شاملة تستحضر الشمال والجنوب والشرق والغرب، وتستنطق من خلاله التراث الوطني بكل فصوله وأطيافه، من أجل بناء نسق يتشح بالجمال والألفة والمحبة والسلام. ولا ننسى أن المقوم الرئيس في تراث المملكة الوطني هو التاريخ الإسلامي بمساراته المختلفة، منذ انطلاق الرسالة المحمدية من مكة المكرمة مهد الإسلام الأول. نجحت السياحة في بناء هذا النسق، وبدأت الثمار تظهر. وفي السياق نفسه تحقق تحرك مهم فيما يخص الآثار والمتاحف والتراث العمراني. وهذا أمر مشهود. لسنا هنا بصدد الثناء لمجرد الثناء، لكن تراثنا الوطني في هذه اللحظات، يمثل حصنا يعلي كل القيم الجميلة، بدءا من قيمة التسامح في مقابل التطرف، والمحبة في مقابل الكراهية... إلخ. إن من شأن خطاب التراث الوطني بكل مقوماته، أن يعزز حتمية تلاقي الأطراف، وعدم السماح للطروحات المتطرفة بالتأثير في النسيج الوطني. كما أنه يساعد على بناء جيل ينظر للماضي والحاضر بتصالح ورضا. هكذا نقطع الطريق على خطاب التطرف الذي يراهن على القطيعة مع الحاضر والمستقبل، والرهان على ثقافة التوحش والإرهاب والقتل. إن إعلاء قيمة التراث الوطني والاهتمام به، يسهم في كسر العنصرية والطائفية، وكل السلبيات التي تعانيها المجتمعات، ويستغلها المتطرف للاختراق والتغلغل في النسيج الاجتماعي.
إنشرها