يفجّرون .. ونزداد تلاحما

يفجّرون .. ونزداد تلاحما

يفجّرون .. ونزداد تلاحما

بعد أسبوع واحد .. من حادث تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في بلدة القديح، في محافظة القطيف، تمكنت الجهات الأمنية أمس، من إحباط محاولة تنفيذ عملية إرهابية أخرى من خلال انتحاري، استهدف المصلين في جامع العنود في الدمام، وذلك أثناء أدائهم صلاة الجمعة. حيث نجح الأمن في تتبع خطوات الانتحاري وتصدى له قبل دخول المسجد وتنفيذ مخططه الإجرامي بحق الأبرياء . من جانبه، كشف أسعد سعود الناطق الإعلامي لصحة الشرقية أنه إثر الاعتداء الآثم الذي وقع في جامع العنود في الدمام، استقبل مجمع الدمام الطبي أربع إصابات طفيفة، منها حالتان إصابات مباشرة وحالتان هلع وسقوط، وخرج ثلاثة مصابين بعد أن تلقوا العلاج اللازم، فيما بقيت حالة واحدة لمتابعة استكمال العلاج، كما استقبل المجمع حالة وفاة واحدة حتى ساعة إعداد الخبر. وبالعودة لحادث محاولة تفجير جامع العنود في الدمام، قال لـ "الاقتصادية" شهود عيان إن التفجير وقع في المدخل الجنوبي لجامع العنود، عندما كان أغلب المصلين داخل الجامع، بينما كان هناك اثنان من أبناء الحي يهمون بالدخول وقت وقوع الانفجار ما أدى إلى استشهادهما. وقال لـ "الاقتصادية" جواد الأربش أحد أعيان حي العنود في الدمام، إن اثنين من أبناء عمومته استشهدا في حادث التفجير وهما عبدالجليل جمعة الأربش ومحمد حسن البن عيسى. وأوضح أنه بعد تفجير مسجد الإمام علي بن أبي طالب في القديح الجمعة الماضي، تم تغيير وضع الدخول والخروج للجامع، وتم إخطار وإبلاغ النساء بعدم حضورهن لأداء صلاة الجمعة. وأضاف الأربش أنه تم إغلاق أغلب مداخل جامع العنود، وتم السماح للمصلين بالدخول من الجهتين الشمالية والجنوبية. وقال إن المدخل الجنوبي هو الذي شهد التفجير الإرهابي، حيث قدم شخص يرتدي عباءة نسائية، وعندما توجه لمدخل النساء وجده مغلقا وقتها فتوجه إلى البوابة الجنوبية للجامع، حيث كان يوجد اثنان من أبناء الحي وهما عبدالجليل جمعة الأربش, ومحمد حسن العيسى، فقام الإرهابي بتفجير نفسه، ما أدى إلى استشهاد الأربش والعيسى. وأضاف أن الإرهابي- من خلال ارتدائه العباءة- كان يخطط لتفجير المكان الذي خصص للنساء، ولكن عندما وجد مدخله مغلقا وحاصره رجال الأمن السعودي توجه إلى المدخل الجنوبي للجامع فوقع الانفجار. وأشار إلى أن هناك ستة مداخل لجامع حي العنود، مدخلين من جهة الشمال وآخرين من جهة الجنوب، ومدخلين آخرين من الشرق، وتتراوح مساحة الجامع، الذي تم تشييده منذ قرابة أكثر من 25 عاماً، ما بين 2000 إلى 2500 متر مربع. وأوضح أن الشهيدين عبدالجليل الأربش ومحمد العيسى سيتم دفن جثمانيهما في منطقة الأحساء، بعد انتهاء الإجراءات الأمنية في مثل هذه الحالات. وأفاد بأن التفجير تسبب في حدوث أضرار كبيرة لأكثر من عشر سيارات كانت قرب موقع التفجير. وقال الأربش إن مثل هذه الأحداث الإرهابية لن تزيد المجتمع السعودي إلا تكاتفا وتعاضدا، وإن المخططين لهذه الأحداث الإرهابية سينالون جزاءهم وسيكونون بين أيدي الجهات الأمنية والعدلية ليأخذوا عقابهم الرادع. الشهيد الأربش قال لـ "الاقتصادية" عدد من أصدقاء الشهيد عبدالجليل الأربش، إنه يدرس الهندسة الميكانيكية في أمريكا، التي أمضى فيها قرابة أربع سنوات، وعاد إلى وطنه قبل خمسة أيام، حيث قدم لإتمام عقد قرانه، وقد تحقق له ما أراد، حيث قام بعقد قرانه أمس الأول، على كريمة إحدى الأسر في الدمام، وكان عازما على العودة مجددا لأمريكا لاكتمال دراسته، والعودة مرة أخرى لأرض الوطن. ووفقا لأصدقاء الأربش فإنه كان مرحا مبتسما ضاحكا دائما، يحب التواصل مع أهله وأقاربه باستمرار، إلى جانب أنه كان مولعا بالتحصيل الأكاديمي، ومحبا لوطنه. عم الأربش: بصوت مجلل داخل المسجد عبد الجليل شهيد وبطل قال علي طاهر الأربش عم عبد الجليل الأربش إن هدف الإرهابيين معروف ونواياهم مكشوفة، لكن هيهات أن يصلوا إلى مبتغاهم، وهو التفريق بين أبناء الوطن الواحد وضرب اللحمة الوطنية، وزعزعة أمن الوطن والمواطن السعودي، وتابع: بالأمس كنا نعزي في شهداء القديح الذين ذهبوا ضحية تفجير مسجد الإمام علي، واليوم نتلقى التعازي في أبنائنا، وهو ابن أخي الشهيد عبد الجليل، وابن خالته محمد العيسى، والحمد لله على كل مكتوب. وتابع علي طاهر حديثه لـ "الاقتصادية" وهو في حالة نفسية سيئة بقوله وبصوت مرتفع سمعه كل من في أرجاء المسجد: الشهيد عبد الجليل وصل من أمريكا قبل عدة أيام، وعقد قرانه قبل يومين قاصدا إتمام نصف دينه واصطحاب زوجته معه إلى أمريكا حتى ينتهي من بعثته الدراسية، التي كانت في الهندسة. #2# وتابع: "نحمد الله أن الأمر لم يتطور ولم يستطع ذلك المجرم الوصول إلى داخل المسجد". وبالعودة لحديث مسؤول وزارة الصحة فإن الطواقم الطبية والإسعافات باشرت منذ اللحظات الأولى بعد وقوع الاعتداء الإرهابي، وأعلنت حالة الاستنفار القصوى للأطقم الطبية والإسعافات المجهزة التي باشرت الحادث حين وقوعه، وتم فرز الحالات في موقع الحادث وتقديم الخدمات العلاجية والإسعافية، إضافة إلى مشاركة الجهات الأخرى المساندة. وبين أن هناك متابعة لمجريات الحادث لتوفير كل الإمكانات لعلاج المصابين وتقديم العناية الطبية اللازمة لهم وتنفيذ خطة الطوارئ التي يعمل بها في مثل هذه الحالات، حيث وجه المهندس خالد الفالح وزير الصحة بتقديم العلاج اللازم للمصابين، وأن يحظوا بالرعاية الطبية المناسبة لحالتهم. من جانبه، قال عبدالله بن محمد اللحيدان مدير عام فرع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد في المنطقة الشرقية إن هذه الجريمة، التي كانت تستهدف أكبر عدد من الضحايا، فلولا لطف الله ثم يقظة رجال الأمن والإعداد الاستباقي، لدحر هؤلاء المجرمين لوقعت كارثة اكبر وسقط العديد من الضحايا وأشار اللحيدان إلى مدى انسلاخ هذا الفكر عن منهج الكتاب والسنة، وأن أفراده من الموصوفين بقول الرسول- صلى الله عليه وسلم-: "إن الخوارج شر الخلق والخليقة وإنهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودن إليه"، وإنهم "يدعون إلى كتاب الله وليسوا منه في شيء" وإنهم "يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان", وحث- صلى الله عليه وسلم- على قتالهم، وقال: "لئن أنا أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد". وقال: "طوبى لمن قتلهم وقتلوه", وإنهم "كلاب النار، وشر قتلى تحت أديم السماء". وقال، إنه جرم يدينه كل عاقل وعمل مشين لا يقره دين ولا عقل ولا فطرة سوية، لذلك لم نجد تباينا في المواقف مما وقع مثله في مسجد القديح، بل الإدانة مجمع عليها والسكينة ضاربة أطنابها بين الناس مع ما يعتري المسلم من حزن وعدم رضا على هذا التصرف، إلا أن عدم تحقيق أهداف منفذيها وتصاعد درجات الالتحام بين فئات المجتمع يبعث في النفس الاطمئنان مع ما تحققه الجهات الأمنية من إنجازات في محاربة الإرهاب المنظم. داعيا إلى أهمية القيام بإصلاح المعوج من شباب المجتمع وغيرهم، وتحذير الشباب من دعاة الفتنة والسوء، وإعادة النظر لتصحيح موقفنا من تحمل المسؤولية تجاه أمن البلاد ووحدتها. من جهتهم، قال أعضاء من لجنة مسجد العنود إن إمام المسجد- بالتشاور مع اللجنة- أوصى بعدم وجود النساء في صلاة الجمعة تحسبا لأي طارئ وزيادة في الحيطة، والحذر، الأمر الذي ساعد على الإمساك بالإرهابي المنتحر خارج أسوار المسجد كونه متنكرا في زي امرأة، وشك أهل الحي في أمره، وكان له عبد الجليل الأربش بالمرصاد، عندما استوقفه لتفتيشه ليجد الانفجار بعد ذلك. وصف الدكتور غازي بن علي الشمري مستشار إمارة المنطقة الشرقية حادث التفجير الذي حدث عند أحد أبواب مسجد العنود بالعمل البربري والجبان، والمسلم وغير المسلم يستنكر ويشجب هذا العمل، فما بالنا بأبناء الوطن الواحد بجميع أطيافه وتوجهاته؟ ونعتبر ما حدث من إرهاب مصاب وطن، ونحن جميعا آلمنا هذا العمل المشين ومن قبله حادثة القديح، والموت موتانا جميعا وما حدث آلمنا بكل شرائحنا، وهذا يزيدنا إصرارا وقوة وعزيمة وتلاحما مع قيادتنا الحكيمة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن نايف وولي ولي عهده الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، وعلينا أن نعرف أن ما يحدث في نجران يحدث في القطيف، وما يحدث في نجران يحدث في تبوك، والإرهاب ليس له خريطة محددة، ويستهدف جميع مناطق المملكة ولكن نحن ثقتنا بقيادتنا وبرجال أمننا ومثلما استطاعوا خلال ساعات من كشف إرهابي القطيف، أنا على ثقة بأنهم قادرون على كشف من يقف وراء هذه الحادثة الأليمة ومتفائل بذلك. وأضاف ولله الحمد رأيت هنا في مكان الحادث أمام المسجد أهل الحي في تعاون مع رجال الأمن وفي ثبات، وهم على علم ويقين بأن المصاب واحد وثقتهم برجال الأمن كبيرة، وهم بأنفسهم شهدوا بذلك، وقالوا إن الأمن كان موجودا، لكن الإرهابي المنتحر كان متنكرا في زي امرأة، والمرأة لها خصوصيتها ووضعها، وقد نجد ذلك في مسجد أو مطعم أو سوق، لكن نسأل الله أن يحفظ علينا أمننا، وأن يرحم الموتى ويجبر مصاب ذويهم ومصابنا جميعا، وثقتنا بالله كبيرة ثم بقادتنا وولاة أمرنا بالقضاء على الإرهاب ومحاربة الفكر الضال.
إنشرها

أضف تعليق