المشراق

ليلة لبنانية تجمع الأمراء الثلاثة: الهزاني وشوقي ونخلة

ليلة لبنانية تجمع الأمراء الثلاثة: الهزاني وشوقي ونخلة

ليلة لبنانية تجمع الأمراء الثلاثة: الهزاني وشوقي ونخلة

ولد رشيد نخلة عام 1873 وبعد دراسته تقلب في وظائف عديدة من بينها مدير معارف لبنان، وهو أديب وشاعر ألف مجموعة من الكتب تدور حول الشعر والزجل والمذكرات والتاريخ والنقد والأدب والاجتماع والرسائل والسياسة. نظم بالفصحى وبالعامية كما كتب النثر. وهو ناظم النشيد الوطني اللبناني سنة 1926 ولقب بأمير الزجل سنة 1933، وهو أول من تلقب بذلك في لبنان. أما أحمد شوقي (1285 - 1351هـ / 1868 - 1932)، الذي تغني شهرته عن التعريف به فقد لقب بأمير الشعراء. وأما محسن بن عثمان الهزاني فهو شاعر من أشهر شعراء النبط عبر تاريخه، ومن أجودهم وأجزلهم شعرا، بل اختاره شيخنا عبدالله بن خميس أفضل شعراء النبط على الإطلاق. لقبه البعض بأمير شعراء النبط. ولد في منتصف القرن الثاني عشر الهجري، وعاش في الحريق، وتوفي على الأرجح عام 1220هـ. وفي لبنان عام 1925 جمع لقاء أدبي بين أمير الشعراء أحمد شوقي، وأمير الزجل رشيد نخلة، كان محوره أمير الشعر النبطي محسن الهزاني، وعن رواية نخلة التي تحمل اسم الهزاني. كيف كان ذلك، وما التفاصيل. جاء بدوي اسمه سليمان الأحمد لزيارة عباس بك، ابن عم والد رشيد نخلة في لبنان، وحكى لهم إحدى قصص شاعر النبط الكبير محسن الهزاني، وأورد لهم أبياتا من شعره، وكان هذا الخبر هو العلاقة الأولى التي ربطت أمير الزجل رشيد نخلة، بأمير الشعر النبطي محسن الهزاني. ويبدو أن رشيد نخلة أخذ يبحث بعد ذلك عن محسن الهزاني ويسأل عن أشعاره وأخباره، ومن المعروف أن أشعار وقصص محسن كانت متداولة في دول الشام والعراق ومصر وغيرها، ولم تكن مقتصرة على الجزيرة العربية، والدول العربية، بل إنها وصلت إلى الغرب عند المهتمين، فقد طبع المستشرق الألماني ألبرت سوسن كتابه "ديوان وسط جزيرة العرب" عام 1900، وضمنه مجموعة من أشعاره وأخباره، كما عني مستشرقون غربيون آخرون بمحسن الهزاني. وكان من بين القصائد التي سمعها واطلع عليها رشيد نخلة، تلك الأبيات المتبادلة بين محسن الهزاني وعبد رنية، وقد أعجب فيها أمير الزجل فعارضها ونظم على نسقها. #2# كتب رشيد نخلة روايته "محسن الهزاني" وظلت مخطوطة عنده لسنوات طويلة، حتى جاء أمير الشعراء أحمد شوقي زائرا للبنان سنة 1925، فدعاه نخلة إلى بيته فدار الحديث بينهما عن الشعر الملحمي، وذكره براوية "محسن الهزاني"، فطفق يبحث عنها حتى وجدها، ثم التقى مرة أخرى بشوقي بعد أيام وأخذ يقرأ عليه منها، ومن أشعاره، ولا شك أنه قد حدثه عن محسن وأسمعه بعض أشعاره. لندع الحديث لصاحب الشأن وهو رشيد نخلة ليخبرنا بتفاصيل القصة، وذلك في مقدمته لرواية محسن الهزاني: "ثم سبح بي العمر، فغرقت رواية محسن في النسيان دون أن يعلم بها أحد، حتى نزل أمير الشعراء شوقي لبنان عام 1925، وعقدنا ذلك الوداد الذي لا يفت فيه غياب الوجوه، واختلاف الدنياوات فذكر شوقي مرة عندنا في البيت قضية الملحمة في الشعر العربي فاذكرني رواية محسن فطفقت أفتش عنها وراء غبار الماضي، وأجمع أبياتها المبعثرة، وأصلح برأي الكهولة عبث الصبا فيها حتى تم لي ذلك بعد جهد كثير وكان من سروري فوق ما أصف حين أقبلت على شوقي بعد أيام أقرأ عليه طائفة من محسن وهو يطرب ويستعيد هذا المقطع مرة مرة ومرتين مرتين: والسهل كان يموع موع الحرير والليل من ضو القمر قطعة رخام والليل من ضو القمر لونو انمحى حتى الذهب خالط الفضة من الضحى وراح النسيم عالسهل يمشي سوسحا واللولحا لردان محسن والكمام" وقد نظم رشيد نخلة روايته على طريقة الزجل اللبناني، وبعد ذلك ارتأى أن ينظمها على الطريقة الدارجة في الشعر النبطي أو الشروقي كما يسميه، ونظم مقاطع منها لكنه أضاعها ولم يعثر عليها، حتى جاء ابنه أمين نخلة فبحث عنها ووجدها. وقد أورد لنا أمين نخلة في مقدمته لديوان أزجال والده والمسمى "معنى رشيد نخلة" أبياتا منها، ومن الواضح أن رشيد نخلة قد عارض فيها قصيدتي محسن الهزاني وعبد رنية الشهيرتين، والأبيات التي أوردها هي: يا مير من جنب الطويلع بيومين مربع وضيح الرحب لتقول جنه مسبح بعمدان الذهب طول رمحين والخز والديباج من تحتهنه والتمر بزهير السمن عقد كومين والنوق تردف من ورا الجوف بنه وبيض المذاكى تحيط بالربع صفين غيه مصاليت العرب فوقهنه ويا محسن الهزاني وتمر بالعين أخت القمر وتقول للعقل جنه ذباحة بالعين من بين هدبين لو سايلوك السحر لتقول هنه تحدج على الوركين من فوق ساقين ما ند لون العاج من لونهنه ومن حولها زينات غرن تهادين والعنبر الفواح بردانهنه ولني يا محسن ناشدك صوت وتنين وتقبع قبوع الريم من بينهنه وتعطي وتصنت والهوى بين لحظين كني قريت اسمك يلوح بهنه وقد طبعت رواية "محسن الهزاني" في بيروت عام 1936، ثم طبعت في البرازيل عام 1940، ثم طبعت في صيدا في لبنان مرة أخرى، وطبعت أيضا في سورية باسم آخر وهو "هند بنت جفيل".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من المشراق