Author

حليب على الطريق

|
عندما قررت وزارة الصحة أن هناك علاقة بين بعض الأمراض والطريقة غير الصحية التي يمارس من خلالها بيع حليب الإبل على الطرق السريعة، نشطت اللجان المسؤولة عن محاربة الظاهرة حتى تمكنت من التخلص من عدد كبير من التجمعات التي تمارس بيع حليب الإبل بطريقة خطرة إلى المستهلك. لكن ــ وكما هي العادة ــ توقفت عمليات الرقابة، فعاد الأشخاص أنفسهم لممارسة المخالفة نفسها، هذه المرة بقيت أساليب العرض على حالها وأضيف صنف جديد. أصبحت مواقع بيع الحليب تبيع البول أيضا. ممارسة خطيرة تستهدف المعتمرين، خصوصاً على طريق مكة المكرّمة ــ جدة السريع وطريق الشميسي. تجمع الإبل في حظائر غير صحية، وتقدم المواد بطريقة تفتقر إلى أبسط اشتراطات حماية المستهلك. هنا تجتمع إشكالية مخالفة النظام وتقاعس الجهات المسؤولة عن التطبيق ليصبح المعتمرون ــ خصوصا ــ ضحايا للمواد والمعلومات التي يقدمها أصحاب مباسط بيع الحليب والبول. يقدم العاملون معلومات لتسويق بضاعتهم ويربطونها بفضل مكة المكرمة، وبعضهم يستخدم أحاديث لا رابط بينها وبين ما يقوم به من استغلال لهؤلاء. ثم يكتشف الزبون أن البائع لا يستخدم أي وسيلة من وسائل الحماية والأمان سواء القفازات أو الأواني النظيفة. لم تفلح جهود الأمانة في إصلاح الوضع القائم، فرغم تشكيل اللجان وتوزيع المخالفات والإنذارات، لا تزال الحظائر والشبوك ومولدات الكهرباء منتشرة على الطريق، وما زال البائعون يمارسون عمليات البيع والخداع لقاصدي بيت الله الحرام. تشهد مستشفيات مكة حالات مرضية كثيرة من جراء هذه الممارسات. حالة تنذر بكارثة، إن لم يتم التعامل معها، كما تعيدنا إلى نقطة لا يتنبه لها كثير من المسؤولين الذين يندفعون في فترة محدودة ثم يتوقفون. وهي ضرورة أن يكون التعامل مع المخالفات مستمرا، فمهما حققت الحملات من نجاح، فذلك لا يضمن اختفاء المخالفة نهائيا. بل إن المخالفة قد تعود بشكل أخطر إن توقف أو انخفض المجهود. يضاف إلى ذلك ضرورة أن تكون العقوبات فاعلة، حيث تضمن ألا يعود الأشخاص للمخالفة. توزيع الإنذارات والتحذيرات وقرارات الإزالة، إن لم يرتبط بعقوبات مالية وإجراءات نظامية أخرى فهو لن يسهم إلا في استمرار المخالفة. سلوك يسيء لسمعة بلاد الحرمين ويخاطر بحياة المعتمرين، ولا بد من اجتثاثه.
إنشرها