Author

أعداء الإسلام .. شوهتم سماحته

|
"ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" (النحل من الآية:125) دين يدعو إلى السماحة والإحسان كيف لأبنائه أن يشوهوه لدرجة التنفير منه. إن العمل الإجرامي الذي أقدمت عليه ثلة من فتيان هذا الزمان ممن غُرر بهم واختطفتهم أيدي الأعداء ليكونوا أدوات إجرام تتقرب لأسيادها بدم القريب قبل البعيد، وتعيثُ في الأرض الفساد، تنفيذا لأجندة خارجية معادية لمبادئ الدين السمحة، لأمر مرفوض من الأغلبية الساحقة في وطننا العزيز. ما قام به هؤلاء المراهقون المختطفون فكريا من جريمة لا يقرها العقل أو الدين في استهدافهم مسجداً في قرية القديح، الذي خلف ضحايا من الأبرياء وجرحا غائرا لن يندمل بسهولة. حادث مسجد قرية القديح أصاب عضوا من الجسد الوطني الواحد، الذي يتألم لما أصاب إخواننا في هذه القرية الآمنة المطمئنة. وعزاؤنا لقادتنا ولأبناء وطننا في قرية القديح ولأمتنا التي أصابها هول الفاجعة على يد ثلة فاجرة من أبنائها. ولكن العقل يحتم علينا أن نحلل المشهد ونربطه بمجريات الأحداث من حولنا لنتمكن من معرفة الدواعي والأسباب التي اختطفت شبابا في مقتبل العمر، ليكونوا أدوات تكفير وتفجير وإفساد في الأرض، مخالفين شرع الله وهدي نبيه -صلى الله عليه وسلم-. المتأمل في الأوضاع من حولنا يدرك تماما مقدار الحقد والمؤامرات التي تحيط بنا من كل صوب. المحافظة على وسطية هذا الدين أصبحت هدفا لكثير من المتطرفين، الأمن والرخاء الذي نعيشه في بلادنا أضحى هدفا لكثير ممن استهوتهم الأحقاد لاستهداف وحدة هذا الوطن وشموخ هذا الدين في هذه الدولة وهذا الشعب. ما يحدث في هذا الزمن من تطرف تتبناه جماعات وأفكار خارجة عن الدين الإسلامي ممن ينتمون إلى فكر القاعدة، أو داعش أو غيرها من التنظيمات المتطرفة لم يكن ولن يكون يوما سببا في انتشار دين الله الحق، بل هي أدوات غبية غيبت العقل والمنطق وأعمت البصائر عن التفكير والتفكر، وأصبحت قنابل موقوتة لا تفرق بين قريب وبعيد. والهدف الخفي من ورائها هو النيل من سماحة هذا الدين ووحدة الوطن. الفكر الداعشي ومن يقومون عليه أشخاص مختلون نفسيا وعقليا، لا يملكون القدرة على التمييز بين الأعداء فاستهدفوا رجال الأمن، واستهدفوا الآمنين في المساجد، واستهدفوا المستأمنين في بلاد الأمن والسلام. بل إنهم يتجاوزون ذلك للتقرب بدم القريب ببرودة واستهتار. محاولات إثارة الفتن وزعزعة الأمن ليست وليدة اللحظة، وقد عانت منها بلادنا على مر عقود من الزمان. بدأت باستهداف المستأمنين والمقيمين، واستهداف رجال الأمن في تفجيراتهم التي شهدتها الرياض عام 2003. وعندما أحكمت الدولة قبضتها ورقابتها لحماية الآمنين، علم أولئك المجرمون أن هذا الباب لن يكون سهلا لاستهداف هذه الدولة وشعبها، فبحثوا عن بدائل لاختراق الوطن بإثارة الفتنة الطائفية بين أبناء هذا الوطن من السنة والشيعة ممن عاشوا وتعايشوا بسلام لعقود من الزمان في ظل العدل الذي لا يفرق بين مواطن وآخر. الاستهداف الأخير لمسجد القديح وقبله جريمة استهداف المواطنين في قرية الدالوة، كلها إشارات لمحاولة اختراق هذا المجتمع المتماسك بإثارة الفتنة الطائفية، ولكن المشهد الذي نراه يفيد -وبحمد الله- أن هذه المحاولات لن تؤتي ما يأملون فيه. وأبناء هذا الوطن من سنة وشيعة إخوة في الدين والدم، لهم نفس الحقوق التي كفلها لهم الدين والوطن، ولن يُخترقوا من هذا الباب أبدا. المثير في هذه الأحداث أن أدوات التنفيذ كانت تتركز في التغرير بصغار السن والشباب الذين حرموا من حياتهم الطبيعية، وغرر بهم وغُسلت أدمغتهم ليكونوا أدوات قتل في يد غيرهم ممن يثيرون الفتنة، ويبحثون لإيقاد الفتنة في بلادنا أسوة بما يحدث في كثير من دول الجوار التي اكتوت بنار الفتنة التي أشعلتها دول معادية وحاقدة من دول الجوار الطائفية. الغزو الفكري الذي نعيشه في هذا الزمان كبير، وأدواته أصبحت كثيرة ومن الصعب السيطرة عليها. انتشار الفكر الضال، وغياب أو ضعف الدور الأسري والمجتمعي في المحافظة على الشباب وحمايتهم من التغرير بهم وجرهم إلى مستنقعات التطرف. شباب هذه الأمة هم الهدف الحالي لإضعاف الأمة وإحداث شرخ فيها. لا بد من الحزم في التعامل مع هذه الأدوات ودعم الدور الأسري والمجتمعي لحماية الشباب وإبعادهم عن المخاطر المحيطة التي تتبناها دول فاسدة دأبت على إثارة الفتن والقلاقل في المجتمعات. من أجل حماية الوطن والمحافظة على استقراره. في المقابل، ما يدعو إلى الفخر والاعتزاز ذلك الدور الكبير الذي يقوم به رجال الأمن وقطاعاته في حمايتهم بلادنا. لا جريمة بدون فاعل، بل إن الفاعل لا يهنأ كثيرا بفعلته إلا ويُكتشف، ما قام به رجال الأمن من الكشف عن قاتل الجندي المرابط في مدينة الرياض أخيرا، ومن قاموا بفعلتهم في القديح دلائل مطمئنة -بحمد الله- على مستوى وقوة رجال الأمن والأجهزة الأمنية وقدرتهم على كشف هذه الجرائم وإحداث التوازن بإحلال الأمن والمحافظة عليه. لهم منا كل الشكر والتقدير، مقرونا بالدعاء بأن ينصرهم الله ويحفظهم من كل مكروه. وحفظ الله وطننا وأمننا وشبابنا، وهم مقومات عزة هذه البلاد تحت راية التوحيد، وحكم قادتنا وفقهم الله.
إنشرها