Author

وطن صلب في وجه إرهاب طائش

|
عضو جمعية الاقتصاد السعودية
ليس أصعب على الأم من عقوق أبنها، إلا أن يسدد طعنة غدر في ظهرها. ولا ندم أصعب على قلب المرء كالعلقم من أن يكتشف بعد فوات الأوان، أنه لم يكن سوى دمية يتلاعب بها عدوه. ولا أغبى من عدو مفضوح السوأة، من ذلك الذي كلما أوغل في الغدر، أرتد عليه مكره السيئ (ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله). يزيد الإرهاب في طيشه لا بطشه، فيزيد وطني صلابة والتحاما، وشتان بين وطن التف مجتمعه بأكمله حول قيادته ووحدته، صهر عبر عقود من الوحدة الوطنية كل تبايناته الصغرى في مصيره المشترك، وبين عدو غادر سقط منذ أول نشأة له في تناقضاته وإفلاس مشروعه قبل أن يبدأ، أهدر كل مقدراته وموارده في سبيل مطاردة سراب، لم يزد شعبه إلا خوفا وجوعا وهلاكا، يوشك على السقوط الداخلي في فخاخ غدره بين لحظة وضحاها. اجتمع في "داعش" وصعد بها في سلم فتن عصرنا الراهن كل من: (1) خبث ومكر المد الصفوي، العدو اللدود التاريخي للدين والأمة الإسلامية، الذي لم ينفك عن محاربة الدين والأمة نيابة عن أعدائها منذ وجد على الأرض. (2) أتباع لم يدركوا من حقيقة الدين إلا قشوره، قبل أن يكونوا عرضة للتغرير من كل من هب ودب مرتديا عباءة الدين، فسبب جهلهم وضعف فكرهم؛ يمكن لمن شاء أن يقتادهم كالأنعام كيفما شاء (لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولئك كالأنعام بل هم أضل أولئك هم الغافلون). لكل داء دواء يستطب به؛ فدواء الصفوية الغادرة عقيدة راسخة، وإيمان صادق تترجمه سواعد أبناء الأمة بالقوة والعزم. أما دواء أنصاف المتفقهين في الدين، فلا نصيب لهم منه إلا قشوره، فهو الصدع بالعلم والفكر في وجه جهلهم قبل الصدع بالسيف في وجه غدرهم، فإن خذلهم الله عن فقه القول المبين، فليس لهم إلا السيف بالشرع اليقين. ما كان لغدر الإرهاب مهما بلغت به أوهامه أن ينتصر، ولا كان له أن يثني أهل الحق عن حملهم لواء خلافة الله في أرضه بالبناء والعمار ونشر السلام في العالمين، ولا كان له أن ينقص مقدار ذرة من قوة إيمان أهل الحق بل يزيد. أنظر في تاريخ الأمة الإسلامية الممتد لـ 14 قرنا من الزمان، ولا تعجب أبدا أن تكتشف ثباتها ورسوخها المتين، مقابل تغير وتعدد أعدائها من كل صنف ولون، تراهم ينسلون من كل حدب وصوب، قد تكون لهم الصولة الأولى، ولكن بفضل من ربك العظيم تكون الصولة الأكبر أولا وآخرا لأهل الحق على أهل الباطل. لم ولن يجن أعداؤك يا وطني من إيذائك إلا الخسران وذل المصير، ولن يزيد غدر الخونة بطعنتهم في خاصرتك إلا قوة في وحدة أبنائك المخلصين، فأي وهم كبير هذا الذي ذهب بعصبة الإرهاب ومن أرسلهم غدرا إليه، إن هم ظنوا بقتل الأبرياء غيلة في مسجد أو غيره في أي بقعة من بقاع بلادنا، أنه سيشق وحدة الصف، أو حتى يزعزع جزءا من حصنه المنيع؟! لقد آلم الخونة أيما إيلام وهم يرون بأعينهم التفاف أفراد المجتمع السعودي بأطيافهم كافة دون استثناء، حول جرح القرية الحبيبة "القديح"، ليس الدعاء والصلاة لشهدائها، والتبرع بالدماء لجرحاها، والوقوف معهم وأسرهم قلبا وقالبا، إلا أحد المواقف الأبية لوطني وأهله النبلاء. اطمئن يا وطني وأهلك، واجزع أيها العدو الغادر. إخوتنا وأخواتنا في "القديح" الحبيبة كلنا لكم ومعكم، أنتم منا ونحن منكم، نقولها جميعا بقلوبنا لكم كما قالها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز أيده الله: (إن كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة، سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة، وسينال عقابه الذي يستحقه ولن تتوقف جهودنا يوما عن محاربة الفكر الضال ومواجهة الإرهابيين والقضاء على بؤرهم. ونرغب إليكم نقل تعازينا الحارة لأهلنا في القديح من أسر المتوفين، نسأل الله تعالى أن يتغمدهم بواسع رحمته ومغفرته ويسكنهم فسيح جنته ونقل تمنياتنا ودعواتنا للمصابين بأن يمن الله عليهم بالشفاء العاجل. حفظ الله بلادنا وشعبنا من كل مكروه إنه سميع مجيب). جرحنا واحد، وألمنا واحد، ووطننا واحد، ومهما تعدد الأعداء وتقلبوا في ألوان الغدر والدناءة، فليس لهم منا إلا وحدة في الصف، وقوة في الردع والعقاب، فلا فرق بين أبناء هذا الوطن في ميزان عدالته ومساواته واستحقاقاته. والله ولي التوفيق.
إنشرها