حراج بن قاسم .. إرث تاريخي واقتصادي يتنقل بين أحياء الرياض منذ 66 عاما

حراج بن قاسم .. إرث تاريخي واقتصادي يتنقل بين أحياء الرياض منذ 66 عاما

حراج بن قاسم .. إرث تاريخي واقتصادي يتنقل بين أحياء الرياض منذ 66 عاما

حراج بن قاسم .. إرث تاريخي واقتصادي يتنقل بين أحياء الرياض منذ 66 عاما

حراج بن قاسم .. إرث تاريخي واقتصادي يتنقل بين أحياء الرياض منذ 66 عاما

حراج بن قاسم .. إرث تاريخي واقتصادي يتنقل بين أحياء الرياض منذ 66 عاما

قبل 66 عاما وتحديدا في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن -طيب الله ثراه- من عام 1371 هـ، قدم رجل يعمل في الدلالة على بيت المال، وطلب من المؤسس أن يسمح له بالدلالة على تركة الأموات، ذاك الرجل كان معروفا باسم «ابن قاسم»، وهو ما أطلق لاحقا على أكبر سوق شعبية على مستوى المملكة في مدينة الرياض «حراج ابن قاسم»، هذه السوق التي مرت عمليا بطفرتين اقتصاديتين رفضت أن تنصاع للواقع والانسحاب من المشهد التجاري للعاصمة الرياض، رغم مئات “المولات” والأبراج التجارية التي حدثت على مدى ستة عقود، بل إن الحديث منها في الأحياء المجاورة للحراج جنوب الرياض، لم تستطع مجاراته في حجم النشاط والمبيعات والحيوية، بل وحتى “الشهرة”. تعود بدايات السوق عندما أطلق «ابن قاسم» دلالته الأولى في ساحة الصفاة بجانب قصر الحكم، رياح التطوير عصفت بحراج «ابن قاسم» لاحقا لتنقله إلى شارع «الريس»، بعدها انتقلت السوق إلى حي منفوحة، وهناك عاشت أزهى شهورها وسنيها، حيث كان المكان الأمثل للبحث عن أي شيء تريده، وبأسعار زهيدة، جديدة وقديمة، الأثاث المنزلي، المعدات الرياضية الأقمشة، الأجهزة الكهربائية، الأشياء التراثية، يأتي بها المواطنون والمقيمون من منازلهم لبيعها في السوق، وعبارة هذه السوق الشهيرة” كل شيء قابل للبيع”. #2# ###تخوف من المغادرة وعوائق سهولة العمل وعشوائيته أحيانا وارتفاع أرباحه كانت أهم سمات البائعين والدلالين في حراج بن قاسم، إذ يمكنه أن يشتري سلعة بعشرة ريالات ويبيعها بـ 1000 ريال، والعكس صحيح طبعا، ويدخل متى شاء وبأي شيء شاء، لذلك فإن التطويرات والإجراءات الإدارية الجديدة لم ترق لكثير من البائعين والمحرجين، وشكا عدد من البائعين والدلالين في حراج بن قاسم القديم من تشديد الإجراءات التنظيمية، واصفيها بالوقوف ضدهم في المقر الجديد للحراج، ورصدت «الاقتصادية» خلال جولة ميدانية للمقر القديم استياء واسعا من البائعين ضد ما وصفوه استغلالا واحتكارا للمكان الجديد من قبل بعض المتنفذين، وتعقيدات في التجهيزات والتنظيمات الإدارية للسوق، مطالبين تلك الجهات بتسهيلها ومنحهم حريات أكثر من أجل جلب البضائع وانتقال سلس وسهل من المقر القديم للجديد. وما إن بدأت أمانة الرياض في توجيه العملاء والبائعين والمحرجين إلى السوق الجديدة حتى تواجهت مباشرة معهم، بعدما كشف عدد من المحرجين ثغرات أدت إلى خسارتهم للأرباح المضاعفة التي كانوا يحصلون عليها من الحراج القديم، حتى علق بعضهم في حديث إلى «الاقتصادية» أن التنظيمات الجديدة أرهقتهم، وقللت من فرص ربحيتهم. طلال الغامدي مواطن في العقد الرابع من عمره، يملك محلين أحدهما في السوق القديمة وآخر في السوق الجديدة، حمل الجهات المنظمة للسوق الجديدة التقصير في تحويل العملاء المحتملين إلى المكان الجديد، وعدم التسويق بشكل جيد يتم من خلاله دعوة العملاء المحتملين للمقر الجديد، ومعتبرا أن جزءا كبيرا من التنظيمات المتوافرة في السوق الجديدة تؤثر سلبا في فرص ربحيتهم. يقول الغامدي إن «السوق تدهورت كثيرا في الآونة الأخيرة بعد التنظيمات التي فرضتها الجهات المسؤولة، التي أسهمت في تعقيد التسجيل والدخول والبيع والشراء»، مطالبا الجهات المنظمة «تجهيز التنظيمات وتيسيرها وعرض المغريات من أجل جلب المستثمرين، إلا أن الجهات التنظيمية أصبحت تعقدها»، مضيفا أن السوق الجديدة لا يوجد بها سوى قليل من العملاء، وإغلاقه من كل الجهات وإجبار العملاء والبائعين على باب واحد ألغى البساطة التي هي روح السوق القديمة. #3# الغامدي يؤكد أنه يتواجد في السوق منذ عام 1410 هـ، أي ما يقارب 26 عاما منذ اندلاع حرب الخليج الأولى، التي منها مثلا، "منع بائعي المواد والسلع المستعملة من بيع الأغراض الجديدة، وتباعد الأمكنة يؤرق محملي السلع وتدخل بعض حراس السلامة في السوق بمنع بضاعاتهم مع أنه ليس من اختصاصهم". الدلال والمحرج علي بن سعيد الزهراني يتواجد في السوق منذ نحو 25 عاما يقول من ناحيته، «الحراج الجديد محتكر من قبل الجهات المنظمة، ووضعوا عددا من الشروط والتنظيمات المشددة التي تتعب البائعين»، وضرب مثالا على أن الأثاث والبضائع والسلع لا تدخل السوق إلا بدفع الرسوم وهو ما يرفضه البائعون، إضافة إلى أن هناك بندا يحرم الدلالين من الانتقال في البيع من بضاعة إلى أخرى فكل دلال له حملة سلعة واحدة يدلل عليها وفي قوائم انتظار، سواء كانت قليلة أم كثيرة، وربما البعض يحصل على بضاعة جيدة والآخر يحصل على العكس وهو أمر غير مقبول. ويضيف" الدلالون لهم سمات مختلفة وكانت المنافسة هي التي تجلب العملاء وتفرز حصص كل دلال، نعم نريد عدالة ولكن برغبة الزبون". ووصف الزهراني إدارة السوق باستغلال الدلالين، وذلك بعد أن فرضت عليهم رسوما تنظيمية من أجل الدلالة، وبعد أن حدثت احتكاكات مع الدلالين وخوفا من الضغط عليهم تم إلغاء تلك الرسوم. ###أمانة الرياض تطالب بالرحيل في مسعى منها لتحفيز الناس عمدت أمانة منطقة الرياض إلى توزيع منشورات ولوحات دعائية في المقر القديم لحراج «ابن قاسم»، تفيد وتشعر فيه البائعين بإغلاق الحراج نهاية الشهر الماضي. وقالت في منشوراتها المكثفة التي اطلعت «الاقتصادية» عليها: «سيتم بدء العمل في تنظيف الموقع القديم والمناطق المحيطة به»، مؤكدة على أنها غير مسؤولة عن أي بضاعة موجودة بعد الإعلان. وأضافت: «الحراج انتقل إلى الموقع الجديد على طريق الحائر باتجاه الجنوب، على بعد 2 كم من الدائري الجنوبي»، مؤكدة أنها تمنع البيع والتحريج في الموقع القديم. وأفادت أمانة منطقة الرياض بأنها ستقوم ببناء مبنى إداري لمشروعها باسم «مشروع المركز الإداري بالبطحاء»، الذي تملكه الأمانة. #4# الباعة والدلالون من جانبهم وبعيدا عن عوائق السوق الجديدة، يرفض كثير منهم المغادرة لشهوره أن يتم طرده من منزل لا يريد مغادرته، رغم أن المنزل الجديد أكثر تنظيما وجمالا، وهنا يقول مساعد الدوسري" إن مجرد التفكير فإن روتين الحياة اليومية الذي اعتدت عليه لنحو 30 سنة ستغير الآن يحزنني كثيرا.. لا أستطيع ترك المكان هو مصدر رزقي على بساطته، ولا أرغب في الجديد". ويضيف" لنا قصص عميقة مع هذه السوق، لذلك نشعر أن إجبارنا على ترك المكان ليس صحيحا"، وعن مسألة الزحام، يقول الدوسري هذا سر السوق أنه عامر بالزبائن. بينما يرى محمد الحمادي وهو صاحب أربعة محال لبيع الأثاث في السوق أن حراج بن قاسم أيقونة تجارية في الرياض كان الأولى أن يتم تطويره في مكانه وليس نقله، ولكننا مع ذلك سنسعى للبقاء هنا قدر الإمكان. أخرون رأوا في خطوة هيئة تطوير الرياض لنقل أقدم أسواقها التاريخية من منطقته إلى مكان آخر خطوة عملية وبناءة ستسهم في تقدم المدينة، حيث يعتبر محمد الخالد أن نقل الحراج إلى المنصورية وفي إمكاننا بناؤه وفق آليات المزادات العالمية، وبصورة أكثر تنظيما سيخدم البائعين والمتسوقين على حد سواء، وسيسهم في حفظ الوقت ومزيد من العدالة وضبط الغشاشين والسارقين، الذين يجدون من الحراج القديم الملجأ الأول لهم لتصريف ما معهم دون أي إثباتات ملكية، أو حتى تسجيل بيانات. الحراج الجديد الرئيس التنفيذي لشركة الرياض القابضة سعود بن عبدالله الدغيثر قال خلال افتتاح المقر الجديد "حرصنا على وضع آلية عمل جديدة ومطورة ستنقل المعاملات التجارية والمزايدات، وتحافظ على روح السوق القديمة"، مشيراً إلى أنه تم إدخال أنشطة جديدة في السوق مثل التحف التراثية ومعروضات الأسر المنتجة وغيرها من المنتجات والمعروضات التي من شأنها أن تجعل السوق معلماً سياحياً وحضارياً، وأيضاً مقصداً ترويحياً في قلب العاصمة الرياض. الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض قال من جانبه في تصريح صحافي عقب افتتاح السوق" يعود الفضل بعد الله في هذه السوق إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وكذلك للأمير سطام بن عبدالعزيز الذي قدم كثيرا لهذه السوق بتبرعه لهذا الموقع جنوب الرياض. #5# وأضاف "كلي فخر واعتزاز بالزملاء سواء العاملون في القطاع الحكومي والقطاع الخاص بمنطقة الرياض، فدورهم واضح في خدمة هذه المدينة التي لها حق على الجميع" واصفاً حراج بن قاسم بالسوق التاريخية الواجب دعمها لتظل علامة بارزة في الرياض. وأكد أمير منطقة الرياض أن السوق روعيت فيها عوامل الجذب والترويح والتنظيم العالي وذلك لأهميته لدى سكان الرياض في تلبية الاحتياجات، مشيرا إلى اطمئنانه بالاحتياطات الأمنية في السوق من خلال التأكد من إدخال السلع وخروجها مبيناً أن هناك ضبطا وربطا لهذا الأمر بشكل واضح. وتنقَّل حراج بن قاسم في عدة أمكنة من المدينة، فبدأ في ساحة الصفاة بجوار قصر الحكم، ثم تحوّل إلى شارع الريس، ثم إلى منفوحة بجوار سوق الغنم ومن ثم حي المنصورية، ليستقر أخيراً في موقعه الجديد على شارع الحائر. وتشكل السوق عامل جذب كبير لفئة من ساكني منطقة الرياض نظراً لارتباطها بأذهان الناس وكذلك توافر جميع أنواع البضائع فيها وبأسعار تقل عن مثيلاتها في أسواق المدينة الأخرى.
إنشرها

أضف تعليق