Author

متطرف «الثامنة»

|
ظهر داوود الشريان في برنامجه الثامنة على mbc بحلقة مع معتقل إرهابي تكفيري يدعى خالد المولد. جاءت ردود الفعل تجاه الحلقة على شكل عاصفة أثارت الآراء. كثير من الآراء الكثيفة كانت تقول إن الرجل لا يمثل "المتطرفين"، في إشارة ضمنية إلى أن المتطرفين ليسوا مجانين!. والحقيقة أنني خشيت واحترت في تسمية من يتمثلون هذا الرأي، لأنهم متعددو الأوجه والهوى والتيار. المرعب أن يعتقد بعضهم بأن هناك تطرفا أو إرهابا سويا! وهذا يعني أن هذا التطرف يكاد ينسحب على الذين يتخفون بآرائهم التي يحملها المولد، ما دامت الأفكار هي نفسها معلنة أم مخفية. حاولت أن أبحث في أسباب التطرف والإرهاب، الأسباب الأكثر تحديدا في مجتمعنا. وقد كتبت غير مرة أن للكبت الجنسي دورا مهما في الاضطراب النفسي والانفعالات منذ بداية الشباب، إضافة إلى نقطة مهمة وهي "النموذج ـــ model". والحقيقة أن كل مجتمع لديه نماذج اجتماعية مؤثرة كنموذج. في المجتمعات الغربية هناك نجوم السينما والفن والسياسة وغيرها. لم يكن ليتوافر لدينا مصادر إلهام متعددة لها نجومية وتأثير، ولا سيما أن مصادر الإلهام ليست مرتبطة فحسب بالنجاح والنجومية، بل الأدهى مرتبطة أيضا بالرضا الاجتماعي على هؤلاء الأفراد، والرضا عكسه الرفض والقسوة! وهذا أمر مخيف كون كل شاب وشابة يبحثان عن الرضا الاجتماعي فيتمثلان تماما مظهر وسلوكيات النماذج الأقرب لرضا المجتمع. والملاحظ أن بعض الوجوه المعروفة اجتماعيا في مجالات مختلفة لدينا ممن هم الآن في عقدي الـ30 والـ40 كانوا مشاريع متطرفين في فترات مبكرة من حياتهم، ككثير من الشباب، منهم من نجا ومنهم من لم ينج. وقد قال لي أحدهم إنه كان مشروعا متطرفا كي يحوز على رضا مجتمع المدرسة والمعلم والناس والمسجد، وكان يقدم مساهمات مادية للحصول على هذا الرضا والقبول من المجموعة. وتحول المشاهير الناجحين تحديدا من التطرف إلى الحياة الطبيعية أمر يستحق الدراسة. وهذا يعني أن النماذج وعناصر الإلهام تتغير، ومصادر الشعور بالرضا الاجتماعي تتغير، والممارسات الفردية وطريقة العيش أيضا تتغير، فينظر للحياة بمنظور مختلف أشمل وأوسع وأكثر هدوءا. حتى إن تفريغ الطاقات المكبوتة يأخذ منحى آخر نحو النجومية المختلفة حد الإشباع، وهو إشباع آخر بعيد عن قلق الاضطراب. يقول المولد إنه كان مدمن مخدرات ويغازل النساء، وهذا يعني أن الصراع العقلي يأخذ الحيز الأكبر من المشكلة منذ بدايتها. يترافق ذلك مع الصراع على القوة التي يعتقد المتطرف أنه يحوزها من خلال قدرته على إدارة المجتمع والسيطرة باسم سلاح لا يمكن لأحد أن يقاومه وهو الدين ونصوصه، حتى إن أغلبهم يحاول التعبير عن رأيه بصفته متحدثا عن البقية قسرا باستخدام "الشعب السعودي يقول لك العب غيرها يا داوود". وهو تعبير ينم عن حالة رعب من أن يكون هناك أي اختلاف عن الرأي، المطلوب تنميطه، بشكل يسحب البساط. إذن فهي ثلاثية "الجنس، والنموذج، والقوة" للتطرف والإرهاب والتكفير، وليس للأمر علاقة بالدين. والكبت الجنسي هو المفتاح وهو صندوق الديناميت الخطر الذي يغذي الأسباب الأخرى جميعها.
إنشرها