Author

مسيرة المناخ المناهضة لظاهرة الاحتباس الحراري

|
في 21 سبتمبر 2014م تجمهر عدد تاريخي من الناس في جميع أنحاء العالم لتنظيم مسيرة لمناهضة تغير المناخ. ونفذت المسيرات الشعبية المناهضة لتغير المناخ في كل من مانهاتن، ولندن، وبرلين، وعديد من المدن الأخرى، وشارك فيها مئات الآلاف من الناس. وفي مانهاتن وحدها قدرت أعداد المشاركين بنحو300 ألف إلى 400 ألف شخص، موجهين دعواتهم للسياسيين لاتخاذ إجراءات أكبر. وتنوع المتظاهرون فكان من بينهم دعاة حماية البيئة والأطباء بل والأطفال الصغار. وكان من بين المجموعات الممثلة في هذه المسيرات التي بلغت 1500 مجموعة، النقابات العمالية، والمؤسسات الدينية، ونشطاء المجتمع والجامعات. وعلى سبيل المثال تظاهر الأطباء احتجاجا على الآثار الصحية العالمية لتغير المناخ، لأن التلوث يؤدي إلى الربو وأمراض القلب والسرطان. وحدد منظمو المسيرة توقيتها بحيث يوافق انعقاد قمة الأمم المتحدة حول المناخ، من أجل إحداث قدر أكبر من التغيير في القمة. وقد شارك بعض السياسيين والمسؤولين أنفسهم في المسيرة، وكان من بينهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ونائب الرئيس الأمريكي السابق آل جور. ووفقا للمدير التنفيذي المؤسس لحركة "آفاز" المنظمة للمسيرة فإن: "الحل واضح، وهو الوصول إلى مجتمع واقتصاد يستمد طاقته بنسبة 100 في المائة من المصادر النظيفة". وهذا الأمر لن يكون من السهل تحقيقه لأنه سيلقى مقاومة من صناعة النفط والفحم، وكذلك من السياسيين الذين يستفيدون من الدعم والإيرادات والنفوذ. ومع ذلك فإن التغيير ممكن حال توظيف التقنيات الخضراء الجديدة. حاليا بالفعل يتم توليد 22 في المائة من الكهرباء في العالم من الطاقة النظيفة، ولكن هذا التحول لا يتحرك بالسرعة الكافية لمنع وقوع ضرر لا يمكن إصلاحه. وتولد الأنشطة الصناعية ربع ثاني أكسيد الكربون الموجود في الغلاف الجوي، بينما ترتفع حموضة المحيطات عشر مرات أسرع من أي وقت مضى. ويقول رئيس الفريق الحكومي الدولي للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ راجندرا باشوري: "لقد زاد دفء سطح الأرض تباعا خلال العقود الثلاثة الماضية بدرجة أكثر من أي عقد آخر منذ عام 1850م". وفي الواقع نحن نقترب بالفعل من علامة الدرجة المئوية الخطيرة التي من شأنها أن تؤدي إلى عواقب غير مقبولة. وأشار "كي مون" إلى أنه بحلول نهاية القرن يجب أن نصل إلى درجة محايدة الكربون من أجل منع وقوع أضرار مستقبلية لا يمكن إصلاحها. ونظرا لتعاطف الرأي العام القوي مع تقليص انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، فقد اتخذت عدة بلدان تعهدا جديدا في قمة الأمم المتحدة حول المناخ لجعل الاستجابة لتغير المناخ أولوية قصوى يجب أن تمضي قدما. وقد أثبتت مسيرة المناخ الشعبية أن هذه المشكلة مهمة جدا للناس، ومن ثم يجب على السياسيين الاستجابة لذلك. وتعهد عديد من الدول أيضا بتخصيص مبالغ مالية لصندوق المناخ الأخضر، الذي ستجمع فيه الأموال من مختلف البلدان الغنية لمساعدة الدول الفقيرة على الاستثمار في الطاقة النظيفة. وعلاوة على ذلك وافقت قرابة 40 شركة وعدد من الدول على العمل من أجل إبطاء ثم إيقاف إزالة الغابات في نهاية المطاف بحلول عام 2030م. ولقد أدركت الصناعات أخيرا وأصبحت تساهم في مكافحة تغير المناخ، الأمر الذي سيساعد على تشجيع سياسات أكثر فعالية لتخفيف آثار الكربون. وعلى الرغم من هذا التقدم فلا يزال كثير من المشككين يشككون في فعالية مسيرة المناخ الشعبية وقمة المناخ. وقد صرح المختص الاقتصادي ومستشار كي مون "جيفري ساكس" للصحافيين قائلا: "إن هذا الاجتماع في حد ذاته لن يحل المشاكل، فهذا الاجتماع هدفه زيادة الوعي، لأن الحكومات لا تهتم بالمستقبل بل هي قصيرة المدى، وقصيرة النظر". وسيظهر لنا مستقبلا مدى صحة هذا الكلام من عدمها. ولكن من الواضح أن الناس أصبحوا يهتمون أكثر بإيجاد حلول لمشكلة المناخ أكثر من أي وقت مضى، ومن ثم نأمل أن تستجيب الحكومات لهذه الضغوط.
إنشرها