Author

تقاذف

|
يبدو أنه لا بد من تكوين هيئة للتحكيم بين الإدارات الحكومية المختلفة للوصول إلى حالة من الشفافية تعطي المعلومات الحقيقية عن كل مخالفة أو تعطيل أو سوء في أداء القطاعات المسؤولة عن أرواح الناس وخدماتهم. تأبى أغلب الجهات أن تعتمد برنامج حاسب آلي لقياس كفاءة المنظومة، ومراقبة ما يحدث عندما يزور المواطن الجهة أو يطلب خدماتها. حتى وإن كانت هناك إمكانية تشغيل مثل ذلك النظام، يبقى قرار التنفيذ حائرا بين أصحاب المصلحة من إخفاء الحقيقة وهم المقصرون في مهامهم. كما ترفض جهات أخرى مجرد الاعتراف بالخلل بمجرد أن يصل عمر المسؤول الذي يقود الجهة إلى السنة الأولى في المنصب. حتى لكأنك تتحدث مع شخص يختلف تماما عن ذلك الذي جاء في البداية وهو ينتقد هذا وذاك، ويبشر بتغيير الإجراء الفلاني وإلغاء الخطوات العلانية. قد يكون هذا الأمر طبيعيا، خصوصا إذا علمنا أنه لسنين لم تتم محاسبة المقصرين واتخاذ إجراءات فعلية بحقهم، وهو أمر أظنه تغير عندما شاهدنا أن مجلس الاقتصاد والتنمية يستخدم صلاحياته لتصحيح الأوضاع بشكل فوري. إذا فهي دعوة للجميع لاكتشاف مكامن الخطأ والعجز في أجهزتهم والتخلص منها ومن مسببيها قبل أن يصبحوا هم الضحايا. على الوزير وكل من تحته من الإدارات أن يقفوا على أصابع أقدامهم وهم يراقبون الأداء في وزاراتهم، وما أسهل أن نراقب الأخطاء ونتعامل معها عندما نكون يقظين ودقيقين في التعامل مع مختلف الحالات التي تعترض العمل العام. كما أن وزراء الخدمات أقرب كثيرا للاكتشاف والمعرفة بسبب حاجة الناس، ووجود كل هذه الأعين التي تخدمهم في الرقابة على الأداء. استخدام الأرقام المباشرة ومواقع التواصل الاجتماعي للحصول على المعلومات وتلقي الشكاوى، واحدة الوسائل. يمكن أن تشكل الأجهزة الرقابية الداخلية وسيلة أخرى مهمة، المهم أن يكون المسؤول على قناعة بأنه بشر والعاملون معه كذلك ولابد من وجود الأخطاء التي يستحسن التعامل معها قبل أن تستفحل. لهذا أدعو الوزارات والمصالح للابتعاد عن تقاذف التهم، والعمل على كشف الحقائق لمصلحتهم قبل أن يكشفها غيرهم. ذكرني بذلك ما تناقلته الصحافة عن تقاذف الاتهامات بين وزارة الصحة والهيئة العامة للطيران المدني حول وفاة معتمرة، ونسيانهم الأمر الأهم وهو النفس التي أزهقت.
إنشرها