Author

التعاون «الاقتصادي» بين حزب الله و«داعش» والأسد

|
كاتب اقتصادي [email protected]
"الحقيقة هي عكاز الناس الذين لا يتعاطون المخدرات". روبين وليامز ـــ ممثل وكوميدي أمريكي يحتاج الأمر فقط، إلى رئيس أمريكي ضعيف منعزل دوليا، لا يحظى حتى بتقدير نسبة كبيرة من العاملين معه كباراك أوباما، وإلى سفاح قاتل للحياة بكل أشكالها كبشار الأسد، كي تنعم العصابات الإجرامية على اختلاف أشكالها، بالبيئة اللازمة لها للنمو والتطور. فضعف الأول (أي أوباما)، ليس سوى سلاح في يد الثاني أي الأسد. وهذا الأخير، لم يستفد من دعم مهووس كفلاديمير بوتين، بقدر استفادته من هزالة الرئيس الأمريكي. وكلما نقصت مساحة النظام العالمي على الساحة، ازدادت العصابات وتنوعت، وعثرت على "الأوكسجين" اللازم لها. فكيف الحال، والنظام العالمي هذا ليس موجودا أساسا، نجح شخص كأوباما في إلغائه، وسط خوف مروع من الإعلان الرسمي عن اندثار هذا النظام، من جانب حلفاء الولايات المتحدة نفسها. الحديث هنا لا يخص أوباما الضعيف المهزوز الذي أثبتت الوثائق المسربة من داخل البيت الأبيض، أنه طلب منه يوما الخروج من اجتماع في مكتبه بين أعضاء الكونجرس! بل يخص المجموعات الإرهابية الإجرامية التي وجدت البيئة الحاضنة لها في ظل سياساته الخارجية المضطربة. فالمصالح الخاصة بين العصابات المتصادمة، هي التي تسود، وهذه نقطة أخرى للتأكيد على أن العصابات المشار إليها، لا تستند إلى أي بعد أخلاقي أو إنساني، بل ما كانت لتقوم إلا على الأسس والمبادئ التي توفر الحماية لها. وليس مهما أن تتعارض مع ما هو معلن عنها، أو تتصادم مع شعارات قامت عليها أساسا. وهي لا تؤمن إلا بمبدأ واحد فقط، لا يمكن أن تعلن عنه، وهو "سلاحنا لمن يدفع"، بصرف النظر عن هويته. تتفق الجهات المحايدة المتابعة للأوضاع في المنطقة (ولا سيما تفاعلات الثورة السورية الشعبية العارمة)، مع كثير من المعارضين السوريين الذين اعتبروا منذ البداية، أن حزب الله الشيعي الإرهابي اللبناني اسما، الإيراني فعلا، وكذلك تنظيم داعش الإرهابي، هما وجهان لعملة واحدة، عملة لا تزال في أيدي سفاح سورية. فهذا الأخير"طبع" هذه العملة، ويقوم دون توقف باستخدام وجهيها حسب المكان الملائم لصرفها. ونظام مثل هذا، لا يمكن أن يستمر إلا بدعم العصابات له، وهذا ليس مقصورا على السفاح الابن، بل كان سائدا في عهد الأب السفاح السابق. وعلى هذا الأساس، ليس غريبا أن يتم تعاون "اقتصادي" بين داعش وحزب الله، في الوقت الذي يفترض فيه أنهما ألد الأعداء في الساحة. حزب الله يبيع المخدرات لـ"داعش"، وهذا الأخير يقوم بالاتجار فيها من أجل جمع ما أمكن من التمويلات المالية له، وسفاح سورية يشتري النفط من "داعش" الذي سيطر مبكرا على الآبار والمصافي النفطية في سورية. وتفيد المعلومات من داخل دوائر الأطراف الإجرامية الثلاثة الأسد وحزب الله و"داعش"، أن التنظيم الإرهابي يبيع للأسد بأقل سعر عرفه النفط على الإطلاق، والأخير "يقدر" هذه المعاملة الخاصة، ويقوم بتوفير الممرات اللازمة لعصابات التنظيم، ليس ضمن حدود سورية بل خارجها أيضا. دون أن ننسى، أن قوات الأسد التي تقتل الأطفال والمدنيين بكل الأسلحة الفتاكة، بما في ذلك الكيماوية، لم تستهدف أيا من مواقع "داعش" منذ أن ظهر هذا الأخير على الساحة، مع بعض الاستثناءات المطلوبة من أجل إتمام "المسرحية" بصورة سلسة ومقبولة. على الجانب الآخر، يقوم "داعش" بدور وكيل مليشيات حزب الله في تسويق المخدرات التي تنتجها. وهي بكميات "تجارية" هائلة، بحيث دعا قبل فترة بعض "السياسيين" اللبنانيين، لإدخال هذه التجارة ضمن الموازنة العامة للبلاد! وذلك عن طريق فرض الضرائب عليها! هذه مسألة أخرى على كل حال. تشير تقارير أمنية غربية ولا سيما تلك الصادرة في إيطاليا، إلى أن "علاقة خفية موجودة بين متطرفين إسلاميين وتجارة المخدرات". وقد تم بالفعل ضبط مبيعات كبيرة من الكوكايين القادم من سورية والعراق، يقوم بها منتمون إلى "داعش"، ولا سيما في المناطق الجنوبية من إيطاليا. وهذه المناطق المتوسطية، توفر تسهيلات لوجستية لمثل هذه الأعمال المشينة. صار "داعش" وكيل عصابات حزب الله على الساحة الأوروبية! لا عجب .. التنظيمان الإرهابيان يعملان بصور مختلفة لحساب نظام إرهابي متأصل في سورية. وكل الأطراف تساعد بعضها لتحقيق أهدافها. الأسد .. يريد فوضى بشر بها علنا من أول يوم انطلقت ضده ثورة شعبية سلمية عارمة. حزب الله .. ينفذ (علنا أيضا) استراتيجية التخريب الإيرانية في كل المنطقة. "داعش" .. يؤمن بأن تعليم مادة الكيمياء في المدارس كفر، غير أن ترويج المخدرات وبيعها لحساب ميليشيات إجرامية ليسا كذلك! إنه اقتصاد العصابات، الذي تنتهي أمامه الخلافات، مهما كانت عميقة أو متجذرة. وبالطبع لا معنى للشعارات والمبادئ التي تدعو إلى السخرية المتواصلة. لكن هناك فارق واحد فقط، هو أن "نظاما" يحكم بلدا كنظام سفاح سورية، رفع من قيمته الحقيقية منذ أكثر من أربعة عقود، ليتحول إلى عصابة.
إنشرها