أخبار اقتصادية

«مكافحة الفساد» .. مهمة محفوفة بالمخاطر في أفغانستان

«مكافحة الفساد» .. مهمة محفوفة بالمخاطر في أفغانستان

بات الفساد في أفغانستان مثل الماء والهواء، ولا حديث بين النخب السياسية والدبلوماسيين الأجانب في العاصمة كابول سوى عن تفاقم الفساد الذي طال كبار المسؤولين. رغم أن حميد الله فاروقي أستاذ جامعي يعيش حياة هادئة، بعيدا عن الملاجئ والقناصة الذين باتوا يحاصرون مكتبه في كابول، إلا أنه وافق على الاضطلاع بمهمة محفوفة بالمخاطر تقضي بالقيام بحملة لمكافحة الفساد لم تقدم عليها أي حكومة في أفغانستان حتى الآن. ونقلت "الفرنسية"، عن هذا الأستاذ الذي يبلغ الثانية والستين من عمره وقد رفع على جبينه نظارتيه المخصصتين للقراءة، قوله "إن إجراء تحقيق حول الفساد مسألة تشبه التصدي لعصابات المافيا". وقد يكون الفساد أكبر مشكلة تواجهها أفغانستان التي شهدت نزاعا استمر أكثر من 30 عاما، وطالما أجج هذا الفساد عدم المساواة وعجز الحكومة والارتياب الذي ينجم عنه، وهو ينخر إدارات دولة ما زالت تعيش على ما تحصل عليه من المساعدات الخارجية التي تبلغ مليارات الدولارات. ومنذ وصوله إلى الحكم في أيلول (سبتمبر) الماضي، أبدى الرئيس أشرف غني المسؤول السابق في البنك الدولي الذي درس في الولايات المتحدة، عزما على التصدي لهذا الفساد، خصوصا في قراراته الأولى، ومنها فتح تحقيق حول عقود لوجستية وإعادة فتح التحقيق المتعلق ببنك كابول، إحدى أبرز فضائح اختلاس أموال مصرفية في البلاد منذ 2001. وحرصا منه على تنظيم هذه الثورة ضد الفساد، اختار غني حميد الله فاروقي، الأستاذ في جامعة كابول الذي كان في عداد فريق حملته، ويهتم فاروقي في هذه الأيام بالعقود الدسمة التي وافقت عليها الإدارة السابقة، لتوزيع الفيول على الجيش الأفغاني التي تناهز قيمتها الإجمالية نحو مليار دولار. وبحسب فاروقي، فقد أنهى الرئيس غني هذه الاتفاقات المعقودة في إطار منظومة تزوير "بالغة التطور"، ومن بين العيوب التي كشف عنها فاروقي، أن أربع شركات كانت مرشحة لأحد هذه العقود، قدمت بالضبط المبلغ نفسه، حتى الأرقام بعد الفاصلة، وهذا بالطبع لم يكن ممكنا إلا من خلال ترتيب بين المرشحين أو وجود تسريبات من الإدارة. وأكدت "شركة النفط الأفغانية الوطنية" إحدى الشركات المرشحة أن عناصر من الشرطة متواطئين مع منافسيها أقدموا يوم إيداع العروض على توقيف مسؤوليها على الطريق عن سابق تصور وتصميم، وقال محمود قادري مدير الشركة "إننا وصلنا متأخرين 20 دقيقة وقالوا لنا فات أوان تقديم الترشيحات"، مشيرا إلى ضربة موجعة تلقتها الشركة. وقد أخذ فاروقي علما بكل هذه التفاصيل المثيرة للشكوك ونقل ملاحظاته إلى الرئيس غني، وسرعان ما ظهرت نتائج الخطوات الأولى لهذه الحملة الرسمية غير المسبوقة في أفغانستان، وتمثلت في موجة من احتجاجات رجال السياسة وزعماء الحرب السابقين القلقين المنغمسين في هذا الفساد. وحول انهيار بنك كابل واختلاس 900 مليون دولار ما أدى تقريبا إلى انهيار النظام المالي الأفغاني في عام 2010، ذكرت سيما غني الناشطة على صعيد مكافحة الفساد أن إعادة فتح قضية بنك كابول مسألة جيدة، لكن السؤال هو: هل أدى إلى سجن واحد على الأقل من مهندسي الفضيحة؟ كلا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية