«أوبك» تتوقع عودة التوازن بين العرض والطلب في سوق النفط خلال النصف الثاني
توقع عبد الله البدري الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أن تعود سوق النفط الخام إلى التوازن خلال النصف الثاني من العام الجاري، مشيرا إلى أن النصف الأول اتسم باستمرار وفرة إمدادات النفط الخام العالمي بفائض عن الطلب يصل إلى مليوني برميل يوميا. وقال البدري – في النشرة الدورية الأحدث للمنظمة – إن الشهور الماضية شهدت ارتفاعات واسعة للإمدادات من منتجي النفط خارج أوبك موضحا أنه منذ عام 2008 ارتفعت إمدادات النفط من الدول خارج المنظمة بنحو ستة ملايين برميل يوميا فيما بقى إنتاج "أوبك" ثابتا عند 30 مليون برميل يوميا.
وأكد البدري أن الطلب على النفط في عام 2014 كان أضعف من المتوقع أصلا في بداية هذا العام، مشيرا إلى أن توقعات نمو الطلب هذا العام أفضل من العام الماضي حيث كان نمو الطلب في العام الماضي مليون برميل يوميا ومن المتوقع أن يصل إلى 1.2 مليون برميل يوميا هذا العام.
وأوضح البدري أن مؤشرات الاقتصاد العالمي تحمل توقعات متفائلة ومتشائمة على السواء إلا أن منظمة أوبك تتوقع أن يسجل النمو الاقتصادي العالمي في العام الجاري نسبة 3.4 في المائة، مقارنة بـ 3.2 في المائة في 2014.
وأشار الأمين العام لمنظمة أوبك إلى أن صناعة النفط والغاز العالمية مرت بعدد من الدورات والتغيرات التي تؤثر في تكيف وتطور الصناعة، معتبراً أن الفترة الماضية كانت صعبة وتمثل تحديا للسوق والعاملين فيها وليس هناك شك في أن الأشهر التسعة الماضية كانت من أخطر فترات التقلب بعد عدة سنوات من الاستقرار.
وذكر البدري أن المنظمة لا تعتقد أن أساسيات السوق الفعلية يمكن أن تقدم تفسيرا معقولا لخسارة ما يقرب من 60 في المائة من جراء الانخفاض في الأسعار في الفترة بين حزيران (يونيو) 2014 وكانون الثاني (يناير) 2015.
وأوضح البدري أن نشاط المضاربة دون شك كان له دور أساسي في حدوث هذه الأزمة الغريبة والطارئة، مشيرا إلى أن انخفاض الأسعار الحالية كان اختبارا لجميع المنتجين والمستثمرين.
وقال البدري إن الأسعار المنخفضة للنفط تعني أقل الإيرادات للمنتجين ومن ثم يتسبب أقل الإيرادات في إعداد الميزانيات المتقشفة، وأنه على الرغم من قناعة "أوبك" من أن أسعار ستنتعش بدون شك كما حدث بالفعل في الآونة الأخيرة إلا أنه من الواضح أن هذه الصناعة تشهد حاليا تحولات جذرية على المستوى العالمي.
وأشار البدري إلى وقوع عدد من التداعيات السلبية خلال الفترة الماضية جراء انخفاض الأسعار ولعل أبرزها إلغاء عدد من المشاريع أو تأجيلها إلى جانب تنقيح خطط الاستثمار، وخفض التكاليف.
وشدد البدري على ضرورة إدراك الحقائق الراهنة في سوق النفط وأبرزها حدوث متغيرات حيث تعتبر المرحلة الراهنة من أصعب الأوقات التي مرت بها هذه الصناعة، لذا يجب أن ندرك أنه يمكن أن نفعل الكثير إذا ركز على الاهتمام المتوازن بين الوضع الراهن للصناعة وبين ما يمكن أن نفعله في المستقبل وسبل تنمية وتطوير هذه الصناعة الحيوية، وعلى سبيل المثال يجب أن نكثف الجهود من أجل التوصل إلى طرق جديدة لتخفيض التكاليف وتحقيق أكثر كفاءة في ممارسة العمل.
ولفت البدري إلى أهمية تعزيز التعاون بين شركات النفط الوطنية وشركات النفط العالمية ومع شركات الخدمات من اجل التعاون المشترك وتبادل وجهات النظر حول أفضل السبل لضمان مستقبل أكثر ازدهارا لهذه الصناعة.
ونبه إلى ضرورة الحفاظ على مبادرات البحث والتطوير واستمرار تطوير التقنيات التي يمكن أن تساعد في اكتشاف واستخراج وإنتاج احتياطيات النفط والغاز بشكل أكثر فاعلية من حيث التكلفة والتنمية المستدامة.
وأوضح البدري أنه بالنسبة للمنتجين قد يكون من المفيد استغلال انخفاض أسعار النفط لإيجاد حوافز لاستخدام الطاقة بشكل أكثر كفاءة وتنفيذ سياسات تعتمد على تنويع مصادر الطاقة.
وركز البدري على ضرورة أن يهتم أصحاب المصلحة في هذه الصناعة بالرؤية المستقبلية لتطور السوق، مشيرا إلى أنه من المتوقع أن يرتفع الطلب على الطاقة بنسبة 60 في المائة بحلول عام 2040، مع بقاء الوقود الأحفوري مكونا مركزيا في مزيج الطاقة العالمي.
وأضاف البدري أن العالم سيحتاج إلى المزيد من الاستثمارات النفطية خاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي ستظل مركزا رئيسيا للاستثمارات النفطية، مؤكداً أن الاستثمارات النفطية التي تحتاج إليها السوق تقدر بنحو عشرة تريليونات دولار من الآن وحتى عام 2040.
وقال البدري إن الطلب العالمي على النفط سيرتفع بقيمة 21 مليون برميل يوميا في عام 2040 ليسجل 111 مليون برميل يوميا وأن 75 في المائة من النمو في الطلب سيجيء من آسيا وسيظل الشرق الأوسط المورد الرئيسي للنفط والغاز إلى آسيا.
وأكد البدري أنه على الرغم من هذه الإحصائيات فإنه لا يمكن التنبؤ بالمستقبل بشكل دقيق والتاريخ أثبت ذلك والشهور التسعة الماضية خير دليل على صحة هذا الأمر، مشيرا إلى ضرورة أن تكون لأصحاب المصالح في السوق القدرة المتطور على مواجهة التغيرات والتحديات في السنوات المقبلة. وأشار إلى أنه بجانب تطورات السوق يجب أن ندرس جيدا مجموعة من العوامل أبرزها الأثر المحتمل لمفاوضات الأمم المتحدة حول تغير المناخ ودور الأسواق المالية والمضاربة في سوق النفط وسياسات الطاقة في بعض الدول المستهلكة واختناقات القوى العاملة ومدى التقدم في التكنولوجيا وارتفاع تكاليف الإنتاج.
وذكر البدري أنه من الواضح أن هناك فرصا هائلة لنمو هذه الصناعة على الرغم من التقلبات الأخيرة وحالة عدم اليقين الحالية إلا أنه ودون شك هذه الصناعة لديها على المدى البعيد رؤية إيجابية في المستقبل.
ومن جانبه، يقول لـ "الاقتصادية"، سباستيان جرلاخ رئيس مجلس الأعمال الأوروبي، إن سوق النفط الخام في العالم يمر بارتفاعات وانخفاضات متلاحقة وهذا جزء من طبيعة هذه الصناعة والدورات الاقتصادية التي تجتازها ولكن بدون شك فإنها صناعة قوية ولها استثمارات مهمة وبارزة وسيظل الاعتماد على النفط التقليدي لعقود مقبلة حيث سيظل مكونا رئيسا من مكونات مزيج الطاقة العالمي.
وأشار جرلاخ إلى أن السوق تعاني بالفعل حاليا وفرة المعروض على حساب الطلب لكن الرؤية المستقبلية للسوق تؤكد أن الطلب سينمو بمعدلات متسارعة في السنوات المقبلة وربما يفوق الإمدادات المتاحة التي بدأت في التقلص بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج وانخفاض الأسعار.
فيما أوضح بيوتر فدفنسكى المحلل البولندي، أن كل الانتاج مرتفع التكاليف خاصة النفط والغاز الصخريين يواجه أزمة كبيرة حاليا وهو ما أدى إلى التوقف المستمر في الحفارات النفطية وإعادة الكثير من الشركات مراجعة خططها وتوسعاتها الاستثمارية مشددا على ضرورة تخفيض تكاليف الإنتاج وترشيد استهلاك الطاقة كجزء من مواجهة الأزمة.
وشدد فدفنسكى على ضرورة الاستعداد دوما لمفاجآت السوق بالتوازي مع الاهتمام بالدراسات والتحليلات الاستشرافية، التي تتنبأ بوضع السوق، موضحا أن تنويع مصادر الدخل للمنتجين أصبح ضرورة ملحة وعاجلة حتى لا تتأثر الميزانيات بالارتفاعات أو الانخفاضات الحادة المفاجئة في السوق.
من جهته قال مايكل تورنتون المختص بمبادرة الطاقة الأوروبية، أن سوق الطاقة في أوروبا تشهد تغيرات متلاحقة وتحديات واسعة خاصة حالة عدم اليقين من مسار الأسعار وتغيرات ظروف السوق ولذا يجب دائما العمل على تبادل الخبرات ومناقشة الاستراتيجيات ونظم العمل في مؤسسات الطاقة.
وشدد تورنتون على ضرورة البحث عن فرص الاستثمار الحديثة والمتطورة وحسن استغلالها بما يدفع نحو نمو السوق مشيرا إلى أهمية توسيع الاتصالات بين مختصي الطاقة والاهتمام بدراسات السوق للتعرف على فرص التجارة والاستثمار المتميزة في مجالات الطاقة المختلفة.
وكانت أسعار العقود الآجلة للنفط قد تفاوتت أمس الأول إذ لامس خام برنت أعلى مستوياته في أربعة أشهر ونصف لكن الخام الأمريكي تراجع بفعل المخاوف من زيادة أخرى لمخزونات الخام الأسبوع المقبل واتجه الخامان الرئيسان نحو تحقيق مكاسب أسبوعية. ولاقى خام برنت أيضا دعما من تراجع الدولار الذي حد من تراجع أسعار الخام الأمريكي، وارتفع سعر برنت في العقود الآجلة لتسليم حزيران (يونيو) عند التسوية 43 سنتا إلى 65.28 دولار للبرميل بعد أن لامس في وقت سابق المستوى 65.80 دولار أعلى سعر له منذ العاشر من كانون الأول (ديسمبر).
وكان برنت قد زاد 2.12 دولار عند التسوية أمس الأول، وختم برنت التعاملات مرتفعا للأسبوع الثالث على التوالي بصعوده 3 في المائة هذا الأسبوع.
وتراجع سعر الخام الأمريكي الخفيف في عقود حزيران (يونيو) عند التسوية 57 سنتا إلى 57.15 دولار للبرميل، وسجل الخام الأمريكي اليوم السابق أعلى مستوى له في 2015 عند 58.41 دولار.
وبنهاية التعاملات حقق الخام سادس مكسب أسبوعي له على التوالي وهي أطول موجة صعود له منذ الربع الأول لعام 2014.
أضف تعليق