Author

أناقة الأمنية الكبيرة

|
منذ أن أبصر الأمريكي؛ روبورت جرين، الوعي وهو يعشق الكتابة. كان يحلم أن يكون أديبا فذا. درس الأدب بمتعة. منحته دراسته اطلاعا واسعا على الروايات الكلاسيكية والتاريخ. تخرج وعمل في الصحافة بحثا عن دخل مادي. مع مرور الوقت انغمس في الكتابة الصحافية وهجر طموحاته الأدبية. دعاه محرر سبق أن راجع مواده الصحافية التي قدمها للمجلة إلى وجبة غداء. أخبره المحرر أن أمانته المهنية تطلبت منه أن يصارحه بحقيقة لمسها من خلال الاطلاع على مواده الصحافية. قال له "أنت تصلح لأي شيء إلا الكتابة. اذهب ادرس إدارة أعمال أو قانونا لعلك تجد نفسك فيها. أتألم كلما راجعت لك تقريرا إثر ضعف لغتك وحسك الصحافي". كانت هذه الكلمات كلكمة على بطن روبورت. بعد أن استيقظ من غيبوبة حزنه غادر العمل الصحافي ومسقط رأسه. غادر إلى أوروبا بحثا عن وظيفة تناسبه. عمل في أعمال الإنشاء في اليونان، ثم عمل معلما للغة الإنجليزية في برشلونة في إسبانيا. انتقل إلى باريس ليعمل موظف استقبال في فندق. عاد إلى هوليوود للعمل في تحرير نصوص الأفلام، ثم اتجه إلى العمل في إنتاج أفلام وثائقية. في أثناء عمله مرشدا سياحيا في إيطاليا التقى ناشرا مصادفة، جمعتهما أشياء مشتركة. تحدثا معا عن تجربته الوظيفية وتنقله وخلفيته الصحافية المبكرة. استمتع الناشر بالنقاش كثيرا. سأله إذا كانت لديه ميول كتابية. فأجابه بالإيجاب. حينها دعاه أن يكتب مقدمة لكتاب، وإذا وجده مناسبا فسيتولى نشره ويبرم اتفاقا معه. فور أن انفض اللقاء، ذهب روبورت إلى شقته الرثة وشرع في الكتابة. استمر في الكتابة حتى اليوم التالي. حقن في مسودة الكتاب الذي بدأ في تأليفه كل التجارب المأساوية التي خاضها خلال تنقله بين 80 وظيفة خلال سبع سنوات منذ لقائه الدامي مع المحرر. بعد أسبوع أرسل له ثلاثة فصول من الكتاب. بعدها بأسبوعين وصل روبورت طرد من الناشر يحتوي على عقد سخي لطباعة كتابه ومنحه راتبا مجزيا حتى ينتهي منه كاملا مع تأمين طبي. نشر روبورت الكتاب عام 1998 بعنوان 48 قانونا للقوة. سرعان ما تصدر الكتب الأكثر مبيعا، وما لبث أن أصبح جرين كاتبا تهفو إليه قلوب ملايين القراء. تأخرت أمنية جرين كثيرا، لكنه أصبح كاتبا لامعا. مغادرته الكتابة أثمرت أنه عاد إليها أكثر قوة ومتانة وخبرة.. بخمس لغات وتجربة عظيمة ثرية. الأمنيات الكبيرة تتأخر؛ لتتأنق بما يكفي لتعانقنا. العروس لا تأتي مبكرة. تأتي على أقل من مهلها، لتحبس أنفاسنا وتدهشنا.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها