Author

الرياضة النسائية ومنهجية التفكير

|
يجري النقاش حول بعض القضايا فتصبح جدلية وكأن القرار فيها للصوت القوي الغاضب، فيبدو وكأنه مدفوع بنار الحقيقة وسطوتها ولأن معرفة الحق تؤدي غالبا إلى كشف الخفايا التي تدور حولك وتأخذ منها تصورا سليما عن أي قضية ترغب الحديث عنها أو تناولها، فالقضايا التي تهم المجتمع القرار فيها بين حالتين إما مزاجية التنفيذ وبالتالي تخضع لرغبة المسؤول أو تخطيط تنظيري لا يلامس الواقع، فأين حقيقتنا وأين منهجنا في التفكير حتى نحتكم إليه من أجل ردم هوة الخلافات فيما يطرح ويتم تناوله، فما دفعني لمثل هذه المقدمة والطرح قصة أوردها أسامة بن منقذ في كتابه (الاعتبار) عن حال رجل وامرأة من القادمين كغزاة أصابهما مرض في بلاد الشام وقت الحملات الصليبية فاستعانا بطبيب من المسلمين يعالجهما ويقدم لهما وصفة الشفاء ـ بإذن الله ـ لمعرفتهما بعظيم خلقهم وبأنهم لا يفرقون في الأعمال الإنسانية بين البشر وحين وصل إليهما عالج الرجل الذي كان يشتكي من خُراج في قدمه ووضع عليه ما يذهب الوجع، بينما المرأة قدم لها حمية تساعدها على تخفيف ألم أصاب رأسها غير أنهما لم يستمرا على الوصفة التي قدمها لهما فغيرا كل شيء بعيد وصول طبيب من أوروبا يرون بأنه حاذق وماهر في العلاج فأمر بقطع رجل الجندي المصاب ما تسبب في وفاته بسبب ذلك وأما المرأة فقد ذكر بأن جنيا قد عشقها ولذا لا بد من حلق شعرها وبسبب ما فتحه في رأسها من جروح وتركها للحمية توفيت كذلك، هذه هي حقيقتنا وهذه هي مسالكنا في كل القضايا، فلماذا بتنا نتقرب للغير بتقليدهم وبتنا نسير بخطى الواثق بأن ما عندهم هو الأصح ونحن أقل درجة في الفهم والإدراك في معالجة ما نريده وما نحتاج. وتأتي الرياضة النسائية كإحدى القضايا الجدلية بالقول عن حقها في الممارسة ومزاولة النشاط الرياضي، وهذا جزء من القضية لا يعارضه أحد ولا يقول بخلافه صاحب رأي، وحين يكون الحديث عن تشكيل فرق تنافسية لها مدربها الخاص وجهازها الإداري ومعسكراتها الداخلية والخارجية الطويلة والقصيرة والانقطاع التام لهذا الغرض، فهذا جزء آخر فيه الخلاف وحوله النقاش فلم نفقد البصر وليس على أفئدتنا غشاوة لها الحق بممارسة الرياضة؟، نعم، وهو شيء مرغوب في أن تفعل ذلك ولها حق الحرية والاختيار في كيفية ممارستها غير أن تشكيل فرق رياضية وزج المرأة السعودية بهذا المضمار لا أعتقد بأنه أمر صواب ولا شرعة مطلوبة ولأن النقاش مستمر والجدل قائم فنحن لا نقرر ولا نملك حق مصادرة الرأي الآخر، فالجميع له حق الرأي غير أن البرهان على صحة وصواب هذا الرأي أمر حتمي حتى يتم قبوله أو رفضه، فهل كلما تحتاجه المرأة هو أن تلعب في الأولمبياد!. وهل كل ما نقدمه لها هو أن نجعلها وسيلة وسُلما لزيادة الحضور الجماهيري وزيادة عدد النقاط المكتسبة في المنافسات الأولمبية ولا يهم بعد ذلك ما يحدث لها من تغير اجتماعي ونفسي ولا على التأثير الذي يلحق بدورها الحقيقي في الأسرة والمجتمع، ولأن لا أحد يملك فرض رأي أو تعميمه فإن الاحتكام للثوابت والأسس التي اتفق عليها المجتمع هي المصدر والمشرع في إصدار الحكم والاختيار، وبعدها سنصل لما نريد فهل نعود لها أم نتجاوزها وفق ما أرغب وما أشتهي.
إنشرها