Author

الرسوم على الأراضي .. وتنشيط الاستثمارات العقارية

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية
قرار فرض الرسوم على الأراضي البيضاء داخل النطاق العمراني، انتظره كثير من المواطنين كحل لأزمة توافر الأراضي السكنية بأسعار مناسبة، وليجعل السوق أكثر نشاطا في وفرة المعروض من الأراضي الصالحة للسكن، ومنذ أن صدر القرار بذلك والمواطن ينتظر أثر هذا القرار في السوق العقارية بما يعكس فعليا الأسعار التي ينبغي أن تكون عليها العقارات، ويعالج مسألة الاحتكار للأراضي التي اكتوى المجتمع بنارها، خصوصا عندما نجد مساحات شاسعة داخل المدن تتوافر فيها جميع الخدمات، وتتمتع بموقع مناسب داخل المدن ولا يستفيد منها أحد في ظل اضطرار المواطن إلى البحث عن أراض بعيدة لا تتكامل فيها الخدمات ليعيش شيئا من المعاناة ولتكثر المطالب على الجهات الخدمية للمطالبة بتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والماء ومن ثم الخدمات الأخرى التي قد تستغرق وقتا وتكلفة مادية تزيد من الأعباء على ميزانية الدولة. وهذا القرار سنشاهد مستقبلا أنه سيكون له أثر حتى على المستوى الاقتصادي بصورة عامة، وذلك من خلال تشجيع ملاك الأراضي والمستثمرين على الاستفادة من هذه الأراضي بما ينفع المجتمع بالتسريع في تطويرها بما يخدم المجتمع ويوفر له احتياجاته، وهذا الأمر قد يأخذ شيئا من الوقت لكن سيغير من مفهوم الاستثمار العقاري الذي يفترض أن يكون عليه وهو أن الاستثمار العقاري يعني الاستثمار في عقارات تدر دخلا وتقدم إضافة للمدن والاقتصاد، وليس من خلال حبس الأراضي وعدم الاستفادة منها، وتعطيل استغلال الخدمات المتاحة بما يفيد المجتمع، كما أن هذا سيكون حافزا للمستثمرين لاختيار المملكة مركزا لنشاطهم التجاري خصوصا بعد مشاريع البنية التحتية العملاقة والتطوير الواضح الذي تشهده الخدمات، ومع وجود وفرة في الأراضي المناسبة سيجدون أن المملكة خيارا مناسبا لتكون مركزا لنشاطهم التجاري والاستثماري. في الفترة الماضية كان الصراع محموما بين مستثمرين عقاريين، وبعض الكتاب الذين يرون أن أسعار العقار لا محالة في طريقها إلى الهبوط، بل قد يرى البعض أن الأسعار قد تنخفض بنسبة 50 في المائة أو أكثر من الأسعار الحالية التي لا تعكس الأسعار الحقيقية للعقارات في السوق، وقد تم الإعلان عن عرض بعض قطع الأراضي للمساهمات العقارية التي تم بيعها، بسبب تعثر مديري تلك المساهمات عن إكمال إجراءات بيعها، ما جعل وزارة التجارة تتولى ذلك لتمكن المساهمين من الحصول على حقوقهم، ولكن الملاحظ أن الأسعار رغم أنها لم تصل إلى النقطة الأعلى لهرم أسعار الأراضي في السابق، إلا أنها بيعت بأسعار مرتفعة نوعا، تفوق غالبا سعر الألفي ريال للمتر، خصوصا أن تلك الأسعار تمت بناء على مزاد تديره جهة حكومية فاحتمالات التواطؤ غير ممكنة إلا على افتراض أن هناك اتفاقا بين تجار العقار لرفع الأسعار وإن كان فيها خسارة عليهم، إلا أن ذلك سيحفظ لهم بقية استثماراتهم العقارية بأعلى قدر ممكن من الأسعار. والحقيقة أن المسألة ستبقى غير واضحة فيما يتعلق باتجاه الأسعار إلا إذا ما تم إعلان طريقة احتساب هذه الرسوم، وطريقة تحصيلها، وهذا مهم جدا في تنشيط مسار حركة ونشاط السوق العقاري بما يعكس القيمة التي تستحقها الأراضي، وبناء عليه فمن المقترح ما يلي: أولا أن يتم تحديد رسوم الأراضي بناء على معايير تعتمد حجم ما يملكه الفرد من مساحات، وقيمة الأراضي، والتفريق بين قطع الأراضي السكنية والتجارية، ووضع حد أعلى وحد أدنى للرسوم على الأراضي، ثانيا: أن يكون هناك تشجيع لملاك الأراضي لتطويرها بحيث يتم إعفاؤه من الرسوم أو جزء منها إذا ما التزم بتطوير الأرض وبيعها خلال مدة محددة، ثالثا: أن يتم وضع آلية بكفاءة عالية في تحصيل الرسوم حيث تتم بصورة سنوية، إذ إن البعض يتحدث عن أن البعض يظن أن المطالبة بتحصيل الرسوم عند الإفراغ ستجعل البعض يحمل المشتري -كما هو الحال في عمولة البيع- قيمة هذه الرسوم، إضافة إلى أنه مع تراكمها قد يؤدي ذلك إلى تكلفة عالية ومشكلات ومطالبات من الملاك، إضافة إلى أن هذا الإجراء سيجعل احتمال وصول الأسعار إلى أسعارها المنطقية يتأخر ومن ثم قد يؤدي مستقبلا إلى انهيارها بصورة مفاجئة بسبب تراكم الرسوم. فالخلاصة، بعد أن تم إقرار الرسوم على الأراضي فإنه في هذه المرحلة يمكن العناية بمعايير تحديد الرسوم على الأراضي وكيفية تحصيلها بما يجعل أثر هذا القرار يلاحظ قريبا، وبما يشجع على وفرة الأراضي السكنية والتجارية، وقد يكون من المناسب العناية بتحفيز ملاك العقارات الكبيرة من خلال إعفائهم من الرسوم إذا ما طوروا أراضيهم وباعوها خلال فترة محددة، وهذا أمر سيكون له أثره في توفير أراض سكنية قريبا.
إنشرها