ما هكذا تُقادٌ الهِمــم

ما هكذا تُقادٌ الهِمــم

في ذلكَ اليوم نزلَ علينا خبرُ تقييم الأداء كالصاعقةِ دبًت في أجسادنا , بعد تمتعنا بتقييمٍ عادل ومنصف في الكم والكيف , انتقلنا إلي تقييمٍ متدني لا بل كان مجحفاً جداً يخلو من الانصافِ والموضوعية, وبعد بضعة أشهرٍ انتقلنا من شهاداتِ الشكرِ والعرفان إلي مجلسٍ يتساءلونَ فيهِ عن سببِ هذا التغيرِ الرهيب, ووجهت الينا أصابعُ الاتهامِ في الضعفِ الحاصل الذي لسنا السبب فيه. نعم لم يتغير في اداءنا شيء مازلنا نسير في خطاَ واثقة ثابتة على نفسِ وتيرةِ الهمةِ العالية , مليئة نفوسنا بعلو عزيمتنا وإرادتنا التي دفعتنا للرقي في العلمِ والعمل ,ولكنكم تتساءلون ما حصل؟ قبل شهرين أو ثلاثةٍ فقط ! من موعدِ تقييم الاداءِ السنوي للموظفين قد حصل وأتى الي القسم من يقوده ؟ على ماذا ؟ على التعنتِ والتسلطِ ,و على عنجهيةٍ لم نعهد لها مثيل , ومنهج صفته السائدة ألاً منهج , قد أخذتهُ العزةَ بنفسه وبما يحمله من شهادات ظن بها انه يفوقنا علماً في كل شيء , ولكن لم يضع في ذهنهِ لما اكتسبناه في سنواتنا المهنية الماضية وقد ادهشته قدرتنا على حل ما يواجهه من معضلات التي يراها عظيمٌة ونراها أٌموراَ لا تتعدا المشاكلات اليومية فيضطرٌ في نهاية المطاف الي إحالتها لنا لنقوم بما يتوجب عليه القيام به من اعمالٍ واجتماعاتٍ وامورٍ قياديةٍ لا حصر لها هي من صميم عمله , والطامة الأعم والأكبر هو نظرته الدونية وتكبره وعٌجبه بذاته . قيادة في ثلاثة أشهر كانت قائمة على التشدقِ والنرجسية, لم يُرد أن يقال له لا, أو أن يقوم أحد بإبداء رأيه أو حتى أن يشار لأعضائه بالبنان ويُقدَرٌونَ بالشهادات التي يعتبرها إهانةً لبرجه العاجي الذي رسمه في مخيلته . يا قائدي , أصحاب الهمم لا يهمهم الطاقات السلبية التي يتصادمون معها , كانوا ومازالوا يتوقون الي المعالي . أيها المنصفون, لقد أصبحنا كما قيل لنا ( أيها الجانحون ) نعم يا ساده أصبحنا جانحين لأننا لم نرضَ بالتسلط لم نرضَ بأن نقف متفرجين ونرى الامور تسير الي الهاوية , كنا نقوم بمسؤولياتنا رغم انه يقال لإنجازاتنا عبارات ك ( لا ؟و لماذا ؟وليس هكذا؟! ). في النهاية, اسمح لي يا قائدي بتذكيرك بدرسٍ بسيطاً في القيادة. القيادة في اللغة من "القود" وهو نقيض "السَّوق" فالذي يقود الدابة يمشي أمامها بخلاف الذي يسوقها أي يمشي خلفها.(الفيروز آبادي) ويعرِّف أحمد ماهر القيادة بأنها "هي تمتع القائد بصفات شخصية تميزه عن غيره تجعله مؤثرا على الاخرين" (أحمد ماهر). يا سيدي مثلنا الأعلى في القيادة حبيبنا رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم , كان هيناً ليناً رقيق القلب ,قاد أمةً عظيمه لأمرٍ عظيم على قول الله تعالى { ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك }. قيادتك للأخرين فن , إدارة جذب , صنعة , وبراعة , أن تكون داهيةً و فذاً ومبدعاً أيضا , أموراً قد لا تملكها ولن تتمكن منها بتقليدك لمناصبك .القيادة سحر ,ان تولد ولديك مَلكة الجذب أن تبرع في التأثير وتحريك الافراد لما تريد تحقيقه من خلالهم . أن تقود , يعني أن تمتلك ذكاءً شعورياً وجدانياً يمكنك من الاحساس وقراءة الآخر , فن يمكَنك من معرفةِ مكامنِ فكره ودهاليز شخصه لتصل لعبقريات عقله . القيادة أن تسلك دروباً لم يطرقها غيرك , ادراكُكَ حقاً لاختلاف ادراكهم عنك , لتنوع بيئاتهم وثقافاتهم التي نمت منها أُموراً متأصلة في شخصهم وسلوكهم وردود افعالهم , لا يمكنك تجريدهم منها ,هذه التوليفة والخلطة العجيبة متى ما استطعت فهمها جيدا ستأخذهم الي القمة وستصل بهم فضاءات لم يقتحمها أحد غيرك معهم . يمكنك بِعُجبك أن تجبرني على العمل دون أنصت أو أن تجعلني أنجز مهامك دون أن أفهم, ولكنك لم تصل بي إلي الانتماء إليك وإلي قيادتك . اعلم يا قائدي , ما هو اعتباريٌ وضمني أقوى وأشمل مما هو تسلطيٌ و عنجهي , فما نكتبه في سطورِ تعاميمنا وتقاريرنا وإجراءاتنا الروتينية مهم وقوي , ولكن ما نتركه لك بين حنايا تلك السطور وما لا ننطقه أهم وأعمق . أخيرا, يا قائدي أقول لك عبارةً تختصرُ كلُ ما لم اتمكن من البوحِ به هنا ’ ( ما هكذا تُقاد الهِمم).
إنشرها

أضف تعليق