Author

التنمية البشرية في مواجهة المخاطر المستقبلية

|
بداية ، لا يهدف هذا المقال إلى بعث التشاؤم عن المستقبل بقدر ما هو مصارحة ومكاشفة من جانب، ومسؤولية تقع على عاتق كل فرد في هذا العالم من جانب آخر. وقد كان السبق في هذا الشأن للعديد من الكتاب والمهتمين بالتنمية البشرية في مواجهة المخاطر المستقبلية التي يجب العمل على إصلاحها في إطار مشروع استراتيجي وخريطة طريق تساعد على تحقيق الأهداف الإستراتيجية للتنمية البشرية وتتعامل مع الإنسان على أساس أنه المصدر الرئيس للطاقة. وهذا الأمر لا يتعارض بالتأكيد مع الاستفادة من الطاقات الطبيعية وغيرها من الطاقات التحويلية، بل يستدعي الأمر إلى تسخيرها في تحقيق الأهداف التنموية البشرية التي نحتاج لها في مستقبلنا. أصبح الكثير من دول العالم سواء النامية منها أو الناشئة لا يأبى بقيمة العنصر البشري لاعتبارات اقتصادية أمام التقنية المتاحة التي تحل في جوانب كثيرة مكان الإنسان بأقل كلفة دون أي اعتبار لقيمة الإنسان، وما يجب أن يكون عليه في ظل هذه المصالح القاسية التي خلفت الفقر والبطالة والصراع في كثير من دول العالم. كما أن الاعتماد على النفط باعتباره الطاقة الأقل كلفة والأكثر مصلحة من الناحية الاقتصادية أوجد مفاهيم ترتكز على أن الاستثمار في النفط أجدى من الاستثمار في البشر أنفسهم، دون الأخذ في الاعتبار ما سوف تؤول إليه هذه المفاهيم من مخاطر مستقبلية! وحيث إن الطاقة الفعلية التي يحتاج إليها العالم لبناء التنمية في حاضرهم ومستقبلهم تكمن في البشر أنفسهم، خصوصا في ظل التقارير التي تؤكد على نضوب النفط مستقبلا. إن هذا الأمر يستدعي إعادة النظر في تفعيل وبناء دور الإنسان لضمان إحلاله مكان الطاقة والتقنية التي سوف تنضب بالتأكيد في يومٍ ما. ولعل هذا الأمر يستدعي أن تتضافر الجهود من قبل الجهات المعنية في دراسة الحاجات والمقومات الرئيسة التي تؤهل الإنسان إلى أن يكون قادرا على الأداء والإنتاج والإبداع والتعامل مع الطبيعة باعتبارها مصادر متعددة للطاقة وليس على أساس أن النفط هو المصدر الوحيد كما هو الحال الآن! إن تحقيق أهداف التنمية البشرية يحتاج إلى إحداث ثورة فكرية في الدرجة الأولى، تهدف إلى بناء مفاهيم عميقة عن دور الإنسان في بناء المستقبل ما يعزز هذه المفاهيم في بناء الرؤية التي يحتاج إليها الإنسان لتنمية مهاراته وصقل معرفته بما يتواءم مع أهداف التنمية، وبالرغم من أننا أصبحنا نعيش نهضة فكرية وصحوة شبابية في كثير من الجوانب المعرفية والتقنية وغيرها تنطلق هذه النهضة والصحوة من ذاتها دون أن يكون للخطط التنموية "النظرية" أي إسهام في هذا الميدان، إلا أن الحاجة إلى وجود حاضنات احترافية تساعد على تهذيب هذا النهوض لبلوغ أهدافها أصبحت بالغة الأهمية. وفي رأيي المتواضع ينبغي أن يكون هناك عمل مشترك ما بين القطاعين الخاص والحكومي بعد ما ثبت وجود تشوهات تنظيمية وتكاملية بين القطاعات والمؤسسات الحكومية المعنية بإدارة هذا الملف التي أصبحت تقدم منجزات صورية ليس لها قيمة مستقبلية، بل الحاجة إلى هيئة مختصة لإدارة ملف التنمية البشرية بصورة احترافية ربما يكون هو الخيار الأنسب تمهيدا لبناء وزارة تعنى بشؤون الشباب والتنمية وعسى أن يكون ذلك قريبا.
إنشرها