Author

«عاصفة الحزم» أختنا الكبيرة

|
حين كنا صغارا "ونتهاوش" مع عيال وبنات الحارة وتتضخم المشكلة، وتبدأ التهديدات يتوالى علينا الهجوم من قبل هؤلاء "الفتوة الصغار"، كنا "نزبن" بالمنزل ولا نفارقه خوفا من أسلحتهم الفتاكة التي كان معظمها عبارة عن حجارة وحصى تصوب علينا، وكان معظمها يتركز في الرأس مسببا علامات غائرة تظل معنا لأرذل العمر "كفلقة" تحكي مرحلة شقاوة ولت، لكنها على أي حال لم تكن تتسبب في مقتلنا، لأن هؤلاء "الفتوة الصغار" كانوا يدركون جيدا أثر الحرب النفسية، فقد كانوا يتعاملون بمبدأ "خذوهم بالصوت لا يغلبوكم"، ولذلك بمجرد محاولتنا الخروج من المنزل كنا نسمع صياحهم المخيف فنتراجع ونقرر المكوث في المنزل. وحين تبدأ التساؤلات من الأهل عن سبب جلوسنا في المنزل على غير العادة، وبعد حصار مكثف من التحقيقات، نبدأ بالاعتراف المغمس بالإحساس بالعار والجبن، وهنا تنتفض أختنا الكبيرة وهي تنتخي بعزة وشموخ "أنا بنت أبوي بنته، قوموا اطلعوا معي وإذا واحد فيه خير يلمسكم"، ويبدأ هذا الإحساس الجميل بالقوة ينتقل إلى أرواحنا ونشعر بأننا نستطيع أن نهزم الحارة كلها وليس "فتواتها الصغار" الذين يترصدون لنا وهم يتحينون لحظة خروجنا للهجوم علينا. ونفتح باب الدار بعد أيام من العزلة ونخرج منه وأمامنا تسير أختنا الكبيرة وهي تصيح بأعلى صوتها "من اللي يبغى يضرب إخواني منكم، اللي فيه خير يسويها"، وبمجرد رؤيتهم لأختنا الكبيرة يصيبهم الرعب وتتساقط الحجارة من بين أيديهم ويبدأون في الهروب كجرذان أغرقها السيل، وهنا تسقط الصورة الخيالية المخيفة التي رسمناها لهم في خيالنا "كفتوة" لا يهزمون، وتتساقط أوراق التوت عنهم لنكتشف أنهم كانوا مجرد طبول مجوفة لا تملك سوى صوت مرتفع يحاولون به إخافة كل من لا ينضم إليهم صاغرا، وبضربة قوية من أختنا الكبيرة تمزقت هذه الطبول وأخرست أصواتها وظهرت الحقيقة أمام أعيننا. وخزة ــ "عاصفة الحزم" هي أختنا الكبيرة التي علمتنا أنه بقدر إيماننا بقيمة أنفسنا من عدمها سينظر إلينا العالم بنظرتنا نفسها هذه، ولنا حرية اختيار قيمتنا من عدمها! ــ "عاصفة الحزم" هي أختنا الكبيرة التي علمتنا أن فتوة الصغار التي كانت ترعبنا كانت مجرد أكذوبة هشة مصنوعة من ورق. ــ "عاصفة الحزم" هي أختنا الكبيرة التي علمتنا أننا لا نكون شيئا متفرقين، وأننا سنكون كل شيء بحول ربي مجتمعين. الشكر لله تعالى ثم لأبينا سلمان حين سمح لأختنا الكبيرة "عاصفة الحزم" أن تعلمنا كيف نثق بأنفسنا من جديد.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها