Author

على قيد السهاد !!

|
أمسك قلمي و بركان من الأفكار ينفجر في رأسي ، شيئا فشيئا تتسرب حمم هذه الفوضى من رأسي ، تسيل حتى يقطر لهيبها على يدي فيلهب أناملي ،، سيل من المفردات يجتاحني، بعض منها يأسرني و يحلق بي بعيدا حتى يخيل لي أنني وصلت السماء السابعة . أشعر أنني في حالة جنون غير مسبوقة ، في فكرة لا نهائية ، في طور كتابة شيء لا منتهي ، بشكل ما و بطريقة لا منطقية أشعر أنه بإمكاني أن أكتب عددا لا نهائيا من الكلمات و أشكل صورا لا محدودة كتلك التي تدور في فلكي فتتماثل على أسطري، لدي رغبة ملحة في أن ألفظ كل تلك الفوضى دفعة واحدة على ورقة واحدة فقط بثمانٍ و عشرين حرفا! في خضم هذا الضجيج .. يصدر صمتٌ مفاجئ من خلف كرسي الليل ، يوحي لي أن أُلملم كل تلك المشاهد في لوحة ناعسة تعكس سحنة ليل الدهشة الذي أفضى بي إلى هذا الجنون.. فقررت أن أكتب لأستريح .. سأكتب عني ، بل عن ضجيجي ، سأكتب عن كل تلك الأشياء التي أحدثت ألف قدٍّ في جسد المساء . سأكتب عن البشر العالقين على قيد السهاد . سأكتب عن الفكرة الحائرة في القلب المفطور .. عن اللسان المتدلّي من فم الخيبة ! سأكتب عن القمر المفقود .. عن الليلة الظلماء .. عن القصص التي لم تبدأ . عن الصباحات الناقصة .. عن المرايا التي تهتك ستْر العيون . سأكتب عن ذلك الشعور المؤلم ،حين العناق ، بأن هناك لحظة فراق يوما . سأكتب عن المشاعر .. عن الفصل الخامس من فصول الحياة ، عن أسراب الطيور وفكرة الهجرة. عن غربة الأمواج في شواطئ الغياب .. عن رسائل البحر الغرقى .. عن صوت أجراس السفن .. عن الإنذارات الأخيرة للرحيل .. عن الغائبين . عن السفن التي تمخر عباب البحر .. عن الأمواج الخائفة .. عن الأيدي التي تلوّح بالوداع .. عن الغياب ،، عن الشطآن الموبوءة ،، عن الجفاف وبقايا حطام السفين . عن صالات الإنتظار بالمطارات .. عن الأمنيات المعلّقة بأطراف صوت النداء .. عن الحديث الذي يكون على سُلّم الرحيل ! عن غربة الحقائب في رفوف الطائرات..كلُّ حقيبةٍ تمسح الحزن من وجه أختها .. فـ تعاويذ الرحيل تخضّب أرجاء المكان . عن الرسائل التي لا تصل .. عن أرصفة الإنتظار .. عن الأسفار الطويلة .. عن قِلّ المؤونة .. عن تخلّف الأصحاب .. عن كآبة المنظر و وعثاء الطريق ، عن القطارات المعطّلة عن الشوق الذي يسكن قضبان الحديد .. عن الرحلات الطويلة .. عن الرحلات التي تكون بوجهةٍ واحدة .. الرحلات التي ليس بها إياب .. عن التذكرة الأخيرة لمحطة الأرض .. عن التذكرة الأولى لمحطات السماء .. عن الموت . عن حروف الفقد التي تملأ قلوب الأيتام ،، عن الوسائد المبلولة ،، عن ذكريات الراحلين . عن الملح الذي يجفف الوجنات ،، عن الذكرى التي تتمدد في القلب كالوقت القديم ،، عن الليل الذي يستيقظ فيك إن نام النيام . عن الصباحات الكسولة .. عن الشمس التي تفضح سهر العيون .. عن العصافير التي توقظ النائمين ! عن الغيم الحزين الذي لايفتأ يبكي ،، عن حزنه القديم من أقدار السماء ،، يقع على بئر مهجورة ،، فيموت مرتين ،، عن الخذلان ! عن الماضي الجميل .. عن أولئك الاشخاص البسطاء .. عن قلوبهم الطيبه .. عن حزننا عليهم . عن المزامير المُعطّلة .. عن الأصوات المهجورة .. عن رجْع الصوت .. عن الصدى الذي يحمل رسائل الأثيرِ فوق هام السحاب ، عن العاديات الضبح .. عن جياد الشوق الصافنات في القلوب .. عن مضامير الحنين المُتعبة .. عن الليل الطويل ! عن الأحياء القديمة.. عن الأزقّة الفقيرة .. عن الأطفال يلعبون بالتراب ويضعونه على وجوههم .. عن الملابس المعلّقة على نواصي البيوت..عن البسطاء. عن الأمواج التي تخدش حياء البحر .. عن الليل الساتر .. عن الأوطان .. عن الغرباء الذين يسكنون أرواح المنفى ، عن الأصوات التي تعبر حدّ الأثير .. التي تعانق السحاب .. التي يفضحها المطر .. فتهطل على قلوب الأحباب كـ رخّات ! عن الأمهات اللواتي يسهرن الليالي الطوال .. عن العقوق الذي يحيل الحياة إلى عذاب . عن المواثيق العتيقة ،، عن الكفوف المتشابكة ،، عن الأعين الراجفة ،، عن العناقات الطويلة ،، عن الخيبة ،، عن الخيبة ! عن المرافئ .. عن الشطآن الحزينة .. عن الخوف الذي يسكن أطراف الأرض .. عن الإنتظار الذي يشرخ قلوب التائهين . عن الحزن الذي يمخر عباب الأرض .. عن القلق الذي يسكن أفراح الناس في الطرقات . عن الأمنيات البيض .. عن الأحلام الموؤدة في مهْد الحياة ، عن الأشواق المخبأة تحت الوسائد ،، عن الرسائل التي لا تصل .. عن وعثاء الطريق وكُنْه السؤال . عن الوجع الذي يسكن غرف التنويم .. عن الأحلام المؤجلة .. عن أحاديث الليل والفرح البعيد . عن الحب الحقيقي عن الإبحار في بحور الطوع والخضوع،،عن سعادة تشرح الفؤاد وتُراقِص الأمنيات،عن لحظات تنسيك العالم بمجرد الوقوف بين يديه ، عن الصلاة التي تأخذك للطرف البعيد من الحياة .. عن الوعود القديمة .. عن الأمنيات المُدّخرة .. عن الراحة التي تسكن قلوب المُتعبين ! عن الأبواب المؤصدة،،عن الشمس التي تنام خلف الأفق كالحزن القديم،،عن الطيور التي هاجرت قسراً عن الأوطان،،عن الأسرار التي تخاف عيون النوايا،،عن أماني عن الأصوات المزدحمة في رأسي ... عن صوت الضمير الذي يقطّع نياط القلب .. عن الأسئلة الحائرة التي تعاقر فصوص الدماغ . عن أمي .. وهنا يقف الكلام !!
إنشرها