Author

«عاصفة الحزم» .. حرب ضد الإرهاب والطائفية

|
جاءت "عاصفة الحزم" التي تقودها المملكة بتحالف دولي واسع يضم دول الخليج ومعظم الدول العربية الأخرى، وكذلك دول العالم المساندة لاستقرار المنطقة العربية، جاءت هذه "العاصفة" في وقت أصبح العرب في أحوج ما يكونون إلى جرعة الإنعاش الأخيرة، بعد ما انتهكت إيران كرامتهم وداست على عروبتهم، وصبت الزيت على النار الملتهبة في سورية، وأشعلت الفتنة في اليمن. من خلال "عاصفة الحزم" نتفهم أن الدبلوماسية قد تكون سبيلا لحلحلة الأمور في بعض الأوقات، ولكنها ليست الخيار الأنسب في كل الأوقات، خاصة عندما تصل الأمور إلى منتهاها وينتشر الداء، عندئذ يتطلب العلاج "الحزم" و"العزم" و"السرعة". وليس أقرب إلى الذهن في وصف هذا الوضع من مقولة مأثورة عن الملك المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن "الحزم أبو العزم أبو الظفرات.. والترك أبو الفرك أبو الحسرات"! نعم، كاد العرب أن يفقدوا عزتهم، نتيجة تضعضع مكانتهم الإقليمية والدولية، وضعف كلمتهم، بسبب إثارة النزعات "الطائفية" الدموية التي لم تكن وليدة المنطقة، فقد عاش العرب السنة والشيعة في وئام وتعايش على مدى القرون الماضية، واستطاعت دول المنطقة إذابة الفروق المذهبية، بل قطعت شوطا طويلا في سبيل منح الحقوق دون تمييز، إلى أن جاءت قوى الاحتلال الأمريكي بدعوى إنقاذ العراق، فدمرت العراق، وشردت أهله، وسلمته - نتيجة عجزها عن السيطرة عليه - لإيران، وذلك من خلال استراتيجية النفس الأخير: "فرق تسد" المعروفة في قاموس الحروب والسياسة. ومن المؤكد أن تمدد إيران وتوسعها يعد نشاطا قوميا فارسيا قبل أن يكون دينيا، ولكن من المؤلم أن بعض العرب انخدعوا بالرسائل المضللة التي تصدرها إيران، وتعاطفوا معها، بل أسهم بعضهم في تنفيذ مخططاتها حتى ولو كانت على حساب عروبتهم ووحدة أوطانهم، متناسين أن الله شرف العرب بأن نزلت رسالة الإسلام على نبي عربي، وبلسان عربي، وعلى أرض عربية، ومتناسين أيضا أن المذهب الشيعي ليس فارسيا بالأساس، ولتأكيد اتجاه إيران القومي الفارسي، وليس الديني، أنها ضيقت الخناق على الأئمة الشيعة العرب الذين يظهرون انتماءهم العربي وتعاطفهم مع القضايا العربية، مثل مقتدى الصدر بالعراق وغيره. وفي هذا السياق، يلخص "هيرست" (الكاتب البريطاني المعروف) أسباب التدخل المباشر في اليمن في ثلاثة أسباب، هي: خطورة سيطرة المليشيات المدعومة من قبل إيران على باب المندب، وتبجح إيران وإنكارها تقديم الدعم المالي والتدريب العسكري لجماعة الحوثي المعادية للحكومة الشرعية في اليمن، إضافة إلى وضع المنطقة المتأزم الذي ينذر باندلاع صراع إقليمي "طائفي" واسع ومكشوف. ويؤكد العميد صالح عبيد أحمد نائب رئيس الوزراء اليمني الأسبق أن "عاصفة الحزم" جاءت لتخلص الشعب اليمني من آفة الحروب الأهلية بأبعادها السياسية والطائفية والفئوية والمناطقية.. وإنقاذ اليمن وعروبته من هيمنة دولة إيران التي تنشر خرابها في المنطقة بغية بناء إمبراطوريتها الطائفية العدوانية على أنقاض العرب. باختصار، فإن عاصفة "الحزم" جاءت لتحارب الإرهاب والفتنة، وإلا لما استطاعت المملكة ودول الخليج استقطاب التأييد الدولي الواسع والسريع، بدءا من الدول العربية: مصر والسودان والمغرب والأردن وغيرها، وانتهاء بتركيا وباكستان وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة. ومن الملاحظ أن "عاصفة الحزم" إلى جانب أهدافها المحددة، جاءت بعدد من الإيجابيات خليجياً وعربياً وإقليمياً، ومنها: 1. إن تنسيق دول الخليج لإطلاق "عاصفة الحزم" من أجل إنقاذ اليمن أعاد مجلس التعاون الخليجي إلى سابق قوته وتضامنه ليقود حملة التحالف بجدارة واقتدار. 2. لقد بعثت "عاصفة الحزم" الأمل في عودة التقارب والتضامن العربي بدلالة تصريحات دول عربية بوقوفها ضد أي عدوان على المملكة العربية السعودية، وكذلك بدلالة لقاء معظم الزعماء العرب في شرم الشيخ تحت قبة واحدة، الأمر الذي يعكس استيعابهم لخطورة الوضع الذي آلت إليه الدول العربية، علاوة على تصريح الرئيس العراقي فؤاد معصوم بتأييد بلاده لإنشاء قوة عربية مشتركة. 3. أسهمت "عاصفة الحزم" في تعزيز التضامن الإقليمي الذي أعاد تركيا إلى دول المنطقة للوقوف صفاً واحداً في وجه التوسع الإيراني الذي ينذر بتدمير المنطقة وإشعال نار الطائفية. وفي ضوء هذا التأييد الدولي يتضح جلياً أن المملكة العربية السعودية لا تشجع "الطائفية"، بل تقف ضد الإرهاب والفتنة أيا كان مصدرهما، فقد وقفت ضد "القاعدة" وهي سنية المذهب، ووقفت ضد "داعش" وهي سنية كذلك، وستقف ضد أي جهة ترفع لواء الطائفية وتنشر الإرهاب وتثير الفتنة في أي مكان وفي أي وقت، هذه هي سياسة المملكة المعروفة، وهذا هو موقفها الصامد الذي يعرفه القاصي والداني. ولعل من المناسب أن أختتم مقالي بأبيات رائعة للشاعر المبدع عبد العزيز بن سعود بن محمد آل سعود: سلمـــان مجـــــده للعقيـــــدة عنــــاوين ... إن كان ما شـــفته بعـــينك قريته يوم أن "هادي" قال وين السلاطين ... أعداي هـــدوا داري اللي بنيته أبو فهد ســـــــلمان ضد المعـــــادين ... يرمي عمامـــــة هـــامته لا نخيته
إنشرها