Author

الهيبة السعودية تتجدد عبر «عاصفة الحزم»

|
مختص في التمويل والتنظيم وأكاديمي
لن أتحدث عن دوافع ومبررات "عاصفة الحزم"، لأنها عملية حظيت بقبول محلي وعربي وإسلامي ودولي. فيكفي أنها استجابت لنداء الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، خصوصا أنها أتت من جار لصيق وتربطه بالمملكة أواصر متعددة. فاليمن يتعرض منذ فترة لتدخلات إيرانية صريحة في إطار سعيها لتغيير الخريطة الديمغرافية في هذا البلد العربي الأصيل. ما أحاول الإشارة إليه سريعا في هذا المقال، أن هذه العملية أفرزت جوانب إيجابية على المستوى المحلي أوجز بعضا منها عبر النقاط الآتية: فأولا، إن من أهم ما يميز "عاصفة الحزم" التأييد الشعبي والالتفافة القوية بين كل مكونات المجتمع السعودي حول قيادته. فأعتقد أن الجميع سعى لإنجاح هذه العملية ويعكس هذه الحقيقة الرسائل التي تناولها السعوديون خلال هذه المرحلة سواء عبر وسائل التواصل الاجتماعي أم الرسائل الشخصية المباشرة، التي تعكس ليس فقط حب وولاء أبناء هذا الشعب لقيادته، بل في سعي كل أفراد المجتمع بجميع مكوناته في تحمل مسؤوليته. ولا أدل على ذلك حجم المشاركة في هاشتاق عاصفة الحزم. فأحد أهم الاستراتيجية الأمنية لدينا قائمة على أن المواطن رجل الأمن الأول، كما كان يردد الأمير نايف بن عبدالعزيز يرحمه الله. ثانيا، «عاصفة الحزم» لم تحدث بين يوم وليلة، ولكن كانت نتاجا لعمل متكامل اجتمعت فيه الدبلوماسية الرصينة، والخطة العسكرية المحكمة، والتعامل الإعلامي المتعقل، والحماية الأمنية الحذرة. وأهم من هذا كله وحدة ومتانة الجبهة الداخلية. فعلى المستوى الدبلوماسي، عملت المملكة لفترة ليست بالقصيرة لكسب التأييد الدولي قبل بدء العملية التي اتضحت نتائجها مع بدء عملية "عاصفة الحزم". فالدبلوماسية السعودية فرضت نفسها وأيدتها معظم الدول المؤثرة على الخريطة العالمية. ولعل ثقل المملكة العربية السعودية على المستوى الخليجي والعربي والإسلامي والدولي عكسه حجم التأييد لعملية "عاصفة الحزم". فالحوثيون ومن يقف خلفهم فوجئوا بهذا الترتيب المحكم، ما أفقدهم توازنهم وتعاملهم مع هذه المرحلة. أما على المستوى العسكري، فلعل الفترة القصيرة التي استطاعت طائرات التحالف تدمير المضادات الجوية وشل الدفاعات الجوية للحوثيين وإحكام القبضة على مسرح العمليات دليل آخر على القدرات العسكرية لطيران التحالف والطيران السعودي بشكل خاص. فهناك تناغم بين جميع القطاعات وعمل مهني رفيع المستوى مع وضع كل الترتيبات اللازمة للتعامل مع كل الاحتمالات المتوقعة. أما على المستوى الإعلامي، فإن جل وسائل الإعلام تعاملت مع الحدث بصورة مهنية عالية عكستها الآليات التي تم العمل بها من أجل تقديم المعلومات اللازمة لوسائل الإعلام المختلفة. كما أن ثقل الإعلام الخليجي أطل بوزنه عبر تناوله عملية "عاصفة الحزم" من أكثر من زاوية. بل إن الإعلام الحوثي ومن يقف خلفهم من الإيرانيين فشلوا في كسب الرأي العالمي حول هذه العملية بسبب ضحالة تعامله مع عملية "عاصفة الحزم". أما على المستوى الأمني الداخلي، فتأمين الحدود والجاهزية للتعامل مع كل المتغيرات والأهم من هذا كله الالتفاتة الشعبية حول القيادة كان بمثابة الحصانة الداخلية للجبهة الداخلية. ولعل هذا التكامل في التعامل مع الحدث إحدى نتائج تأسيس المجلس السياسي والأمني الذي أمر بتأسيسه الملك سلمان بن عبدالعزيز. فهذا المجلس على الرغم من حداثته إلا أنه استطاع أن يعطي تكاملا بين أجهزة الدولة المختلفة في التعاطي مع القضايا السياسية والأمنية المختلفة. كما أن المجلس عكس أيضا روح العمل الجماعي الموحدة برئاسة رئيس المجلس الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز ولي ولي العهد وزير الداخلية والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية والأمير محمد بن سلمان وزير الدفاع، إضافة للمشاركة الفعالة من بقية أعضاء المجلس خصوصا وزير الإعلام ووزير الشؤون الإسلامية. هذا التكامل بين قطاعات الدولة المختلفة أعطى تناغما وسرعة في التعامل مع المعطيات بعيدا عن النظرة الفردية لكل قطاع على حدة. فالاتفاق في تحديد ساعة الحزم لم يكن عشوائيا، بل كان في وقت لا يمكن تأجيله. كما أن الاختيار الموفق لإعلان بدء العملية عبر إعلان سياسي من قبل سفير خادم الحرمين الشريفين في واشنطن في رسالة واضحة للعالم لكل من يفهم في الأعراف الدبلوماسية والسياسية. تلا ذلك التنسيق العسكري بين القيادات العسكرية المختلفة بقيادة وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان ومتابعة مباشرة من قبل رئيس المجلس السياسي والأمني ووزير الخارجية الأمير سعود الفيصل وبتوجيه ومباركة الملك سلمان بن عبدالعزيز القائد الأعلى للقوات العسكرية. هذه العملية ارتقت إلى مستوى الثقة الكبيرة والمطلقة في قيادة هذه البلاد على المستوى الداخلي أو على المحيط الإقليمي والدولي. أسأل الله العلي القدير أن يحفظ قادة هذه البلاد ويوفقهم لكل خير وأن يحفظ لنا أمننا وأماننا في ظل قيادتنا الحكيمة. والحمد لله رب العالمين.
إنشرها