FINANCIAL TIMES

التطورات التكنولوجية تزحف على وظيفة السكرتاريا

التطورات التكنولوجية تزحف على وظيفة السكرتاريا

وظيفة السكرتاريا انتهت. التكنولوجيا وهياكل الشركات المستوية عملت على وضع الوظيفة في سلة المهملات في زاوية المكتب. في المستقبل، سيتم بناء المساعدين الشخصيين من المُعالجات الدقيقة والتحكم عن بُعد. لاحظ أننا قطعنا نصف الطريق إلى ذلك. تريد طلب مدير مبيعاتك عبر الهاتف؟ اطلبه عن طريق برنامج سيري. لا تزال مصمماً على الاحتفاظ بخدمات السكرتاريا؟ إذن عليك بتعيين مساعد افتراضي، مقره في مومباي أو بروكلين، وبالساعة. وظيفة السكرتاريا تبلّور المخاوف بشأن زحف أتمتة الوظائف الإدارية. الروبوتات التي كانت فيما مضى مصدر قلق لعمال المصانع، اليوم هي في المكاتب. بالاعتماد على بيانات مكتب الإحصاءات الوطنية، كارل بينديكت فري ومايكل أوزبورن، من جامعة أوكسفورد، وجدا أن 33 ألف وظيفة سكرتارية اختفت بين عامي 2001 و2013، أي ما نسبته 44 في المائة. هذا كان في لندن فقط. في المملكة المتحدة ككل، كان الانخفاض 47 في المائة، أي فقدان 163 ألف وظيفة. كثير من هذا يمكن أن يُعزى إلى الانكماش، عندما كان أصحاب العمل يخفضون عدد الموظفين والطلب من موظفي السكرتاريا العمل مع عدة مسؤولين تنفيذيين. كذلك بحث أجراه معهد روزفلت، وهو هيئة أمريكية غير ربحية، وجد أن فقدان الوظائف في القطاع الخاص خلال فترة الركود أصاب بشكل خاص موظفات الدعم اللواتي تم توزيع العمل الذي يقمن به على آخرين. وعلى الرغم من تراجع الكآبة الاقتصادية، إلا أن الأتمتة تبقى بمثابة تهديد لمهنة السكرتاريا. يقول أوزبورن "السكرتاريا هي مهنة حيث تم الشعور بأن القدرة المتزايدة للخوارزميات المتطورة ستكون بديلاً عن العمل المعرفي". وتعتقد لين بيريل، التي تعمل بوظيفة سكرتيرة في كاليفورنيا ومؤلفة كتاب "السباحة في بركة ستينو: دليل على إعادة إحياء النجاح في المكتب"، أن الحقيقة تكمُن في مكان ما بين الواقع المرير والواقع الخيالي. "إنها مهنة تتراجع. بالمفهوم القديم، نعم. لكنها تقدّم أيضاً فرصاً أكبر اليوم". هناك سمة واحدة يصعُب استبدالها في الوظيفة، وهي أنها تمنح التنفيذيين مكانة مُثيرة للإعجاب. بما أن الانشغال هو وسام شرف، كذلك هي وظيفة السكرتاريا. وتُشير بيريل إلى أن علاقة وظيفة السكرتاريا بالتكنولوجيا لم تكُن دائماً مُزعجة. ففي النهاية، كانت الآلة الكاتبة مسؤولة إلى حد كبير عن جلب أعداد غير مسبوقة من النساء إلى المكتب بدءا من أواخر الثمانينيات في القرن التاسع عشر. ومنذ السبعينيات بدأت أنظمة معالجة الكلمات المبكرة بتحقيق تقدّم حقيقي فيما كان يُعتبر تقليدياً قلب عمل السكرتاريا: الإملاء والكتابة. وتستدرك بيريل قائلة "هذا كان أمراً جيداً، سمح لأعمال السكرتاريا بأن تتطور إلى مهمات إدارية أكثر تنوعاً، مع أنه كان يعني تعيين عدد أقل من وظائف السكرتاريا، بما أنه دمر أيضا معادلة سكرتيرة واحدة مقابل كل مدير". وتقول بيريل "من المنطقي للمناصب العُليا في الإدارة أن تحصل على شخص يكون بمثابة حارس، فضلاً عن العناية بالمهمات المعقدة لكن المُستهلكة للوقت، الأمر الذي يحرر المدير". والألقاب تعني أشياء مختلفة في مكاتب مختلفة. ويتم تمييز المساعدين التنفيذيين من المساعدين الشخصيين، للدلالة على حقيقة أنه يتم استدعاؤهم ليحلّوا محل مديريهم في الاجتماعات. ووفقاً للجمعية الدولية للمهنيين الإداريين في الولايات المتحدة، التي كانت سابقاً الرابطة الوطنية لوظائف السكرتاريا، فإن الشهادات الجامعية ضرورية للمساعدين ذوي المستوى الرفيع. فيكتوريا رابين، مؤسِسة منظمة المساعدين التنفيذيين، تقول "إن التكنولوجيا جعلت دور الحراسة الذي يقوم به المساعد أكثر أهمية في مواجهة طوفان الطلبات عن طريق البريد الإلكتروني". وفي المراتب الأعلى، تقول "إن أي مُساعدة في الولايات المتحدة تستطيع الحصول على راتب يبلغ ربع مليون دولار، إضافة إلى المكافأة". (متوسط الراتب 50 ألفا إلى 54999 دولارا، بحسب الجمعية الدولية للمهنيين الإداريين). وتقول رابين إن الطبقة العليا "تقوم بكل ما يلزم لتكون حتى لا يمكن الاستغناء عنها". وهذا يتطلب مرونة ومهارات اتصال وتضحية. "لا يمكنك اعتبار أي شيء على أنه أمر شخصي - في بعض الأحيان يكون الأمر كأنك تعملين كجليسة أطفال". ستيف هالام، العضو المنتدب لدعم السكرتاريا والأعمال في شركة التوظيف، بيج جروب، يقول "إن إدارة اليوميات هي واحدة من أهم الأدوار. إذا لم يكُن الرئيس التنفيذي على متن طائرة يمكن أن يؤثر ذلك في الأرباح". أما سارة إيفريت، فقد كانت تعمل منذ 30 عاماً مُساعِدة شخصية لمُخضرم في مجال الأسهم الخاصة، هي جون مولتون ـ لديه مساعِدة شخصية أخرى تتعامل فقط مع شركته، بتر كابيتال. تقول إيفريت "إنها تعرف مولتون منذ فترة طويلة بحيث أصبحت تعرف كيف يُفكّر. وظيفتي تنمو دائماً. لا أستطيع أن أرى أبداً أنها ستكون عملاً أقل". لورا شوارتز، المتحدثة المحترفة التي عملت في إدارة كلينتون لمدة ثمانية أعوام، بدأت حياتها المهنية بوظيفة مُساعِدة ترد على الهاتف. وتعتقد أنه "قد تم منح المُساعِدات الشخصيات سلطات واسعة بسبب التخفيضات" لأن الوظيفة هي أكثر إبداعاً وأقل تكراراً. مع ذلك، تحذّر من أن واحداً من مطبّات "مجال المُساعدات الشخصيات" هو أن بعض المُساعِدات يبدأن بالتحدث كما لو أنهن هن المديرات ـ في حالتها الرئيس الأمريكي. والمهنة إلى حد كبير تبقى للإناث: 97 في المائة من أعضاء الجمعية الدولية للمهنيين الإداريين البالغ عددهم 15 ألفا، مثلا، من النساء. لكن العلاقة الشخصية يمكن أن تتسبب في المشكلات. إحدى المُساعِدات الشخصيات، التي عملت في لندن لأكثر من عشرة أعوام، تقول "إن العمل لدى الرؤساء التنفيذيين يمكن أن يكون صعباً: فدائماً ما يتم الأمر على طريقتهم، أو الخروج من العمل". ما أنهكها كان الإحباط. تقول "كان يقوم بإحباطي. وتوقّف عن قول شكراً". وكان أيضاً ينتظر حتى يجلس الجميع أثناء الاجتماعات قبل أن يطلب منها أن تصنع له كوباً من الشاي، الأمر الذي شعرت أنه مُصمم لتحجيمها. تقلّصت الأرقام منذ الخمسينيات، لكن دور المُساعِدة الشخصية أصبح يتضمن مزيدا من المسؤوليات.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES