Author

غياب المرأة عن مجالس الإدارات

|
كان ولا يزال موضوع مشاركة المرأة ومستوى تمثيلها في مجالس إدارات الشركات السعودية من المواضيع التي يتم تناولها بالكثير من الحذر. وقد أعلن معهد أعضاء مجالس الإدارات في دول مجلس التعاون الخليجي أخيرا أن نسبة مشاركة العنصر النسائي في مجالس إدارات الشركات الخليجية لا يزيد على 1 في المائة منذ عام 2009، وبمقارنة سريعة لنسب مشاركة المرأة على مستوى العالم، نجد أن الدول الاسكندينافية تحتل الصدارة في نسب مشاركة المرأة، حيث تتصدر النرويج القائمة بنسبة 40 في المائة، بينما النسبة هي 16 في المائة في الولايات المتحدة، 15 في المائة في بريطانيا، 11 في المائة في ألمانيا على التوالي حسب "الكاتاليست". الغريب أنه رغم انخفاض نسبة مشاركة المرأة، إلا أن المشاركين في الاستبيان رأوا قيمة مضافة للمرأة المشاركة في مجالس الإدارات تتمثل في إثراء وانضباط النقاش، ويمكن القول إن واقع مشاركة المرأة في مجالس الإدارات لدينا بين الغياب والتغييب. خلص تقرير نشرته "الماسة كابيتال" إلى أن 22 في المائة من الأصول في منطقة الشرق الأوسط، التي تقدر قيمتها بما يفوق 700 مليار دولار تعود ملكيتها للعنصر النسائي. ودعونا بداية نتفق على أن هناك العديد من النماذج النسائية الناجحة في منطقة الشرق الأوسط وتحديدا في منطقة الخليج، فلم يعد تعليق ضعف مستوى تمثيل المرأة على مسألة الكفاءة مقبولا. فنسبة الـ 20 في المائة من مجلس الشورى المخصصة للسيدات، وهو المجلس المسؤول عن إصدار توصيات لمجلس الوزراء لها علاقة وثيقة بالتنمية، دليل قوي على قدرة المرأة المشاركة في صناعة القرار على مستوى الاقتصاد الكلي، فكيف تكون نسبة تمثيلها في مجالس الإدارات أقل من 1 في المائة. هذا إذا ما علمنا أيضا التقارب الكبير لنسبة الذكور والإناث حسب الإحصائيات الرسمية، بل أكثر من ذلك أن دراسة حديثة كشفت عن أن أبناء مالكي الشركات من الإناث أكثر من نظرائهم الذكور، ما يعني مشاركة شبه حتمية للإناث في إدارة الشركات العائلية. من جهة أخرى، فإن الاهتمام الكبير الذي شهده تعليم المرأة، وقد كان آخرها المشاركة الكبيرة والمتميزة في بعض الأحيان للكثير من النساء في برامج الابتعاث، وكذلك الاهتمام الكبير من وزارة العمل على مدى السنوات القلائل الماضية بزيادة نسبة مشاركة المرأة من إجمالي القوى العاملة في المملكة أسباب كافية لأن تصل نسبة أكبر من النساء إلى مناصب قيادية، وبالتالي إلى مجالس الإدارات لتكون جزءا مهما من صناعة القرار. وأما التحجج بثقافة المجتمع والذي يعد أكثر الأسباب المثارة عند الحديث عن الموضوع، فلم يعد مقبولا هو الآخر، إذ إن جمعا كبيرا من كبار رجال الأعمال أبدوا ترحيبا بشغل بناتهن للمناصب القيادية في الشركات، وبتمثيل عائلاتهم في مجالس الإدارات. وإذا ما علمنا أن غالبية الشركات السعودية هي شركات عائلية أصبح الأمر أكثر حيرة. ولا شك أن هذه التصريحات وغيرها في مجملها إيجابية وتدل على تحول واضح في ثقافة المجتمع، ولكن الأهم هنا هو الخطوات العملية، التي تبدأ ببرامج التدريب المتخصصة، ثم انخراط للعنصر النسائي داخل الأقسام المختلفة في الشركات واكتساب الخبرات اللازمة التي تمكنهم من الوصول إلى أعلى الهرم الإداري. وتجدر الإشارة هنا إلى أن العديد من الدول بدأت بتطبيق نظام "الكوتا"، ففي أوروبا اتجهت فرنسا والنرويج إلى تحديد نسبة تمثيل السيدات في مجالس إدارات الشركات بـ 40 في المائة وتتجه ألمانيا حاليا إلى التوجه نفسه. خلاصة القول هنا، إن ثمة دورا حقيقيا يمكن أن تلعبه النساء المؤهلات في توجيه الشركات، ولكن يجب أولا إزالة تلك العقبات التي طالما وجدت على الطريق واتخاذ خطوات واقعية نحو تحقيق هذا الهدف.
إنشرها