Author

الشركات العائلية في ميزان الاستدامة

|
الشركات العائلية أحد أهم الأرقام الاقتصادية التي تسيطر على الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 90 في المائة، حيث تقدر استثمارات الشركات العائلية في السعودية بنحو 248 مليار ريال، ومن المتوقع زيادة معدل نمو الاستثمار حتى نهاية 2015 بنسبة 4 في المائة. هذا النمو يعززه التوجه الحكومي الساعي إلى تقليل الاعتماد على النفط والتحول إلى دعم المقومات الاقتصادية الأخرى. في ظل التوقعات بنمو استثمارات الشركات العائلية في المملكة، فإن هذا النمو يواجه الكثير من الأخطار والتحديات التي قد تعوقه عن تحقيق أهدافه أو استمراريته لأسباب عدة، "سيشار إليها في هذا المقال". هذه الأخطار ستنعكس بالتأكيد سلبا على الاقتصاد، ما يجعل لهذا الأمر أبعادا أخرى ترتبط بصورة مباشرة وغير مباشرة بالاقتصاد الكلي، ما استدعى وجود أنظمة وقوانين احترازية لمنع وقوع مثل هذا النوع من الأخطار، إلا أن هذه الأنظمة والقوانين ما زالت غير ملزمة على الرغم من أننا أصبحنا نرى ونسمع عن تعثر وتدهور بعض الشركات العائلية فضلا عن انهيار بعضها. إن من أبرز التحديات التي تواجه الشركات العائلية هو انتقال الإدارة من جيل إلى آخر، وعلى الرغم من أن هذا الانتقال يسبقه الانتقال من المؤسس إلى الجيل الأول إلى الجيل الذي يليه، فإن لهذا الانتقال أبعادا خطيرة، تتمثل غالبا في نشوب صراع على السلطة، وهذا النوع من الخلاف الأكثر انتشارا وفتكا على كيان الشركة، وخاصة عند تسرب هذا الخلاف إلى الساحات الخارجية للشركة. كما أن من الأخطار التي تواجه الشركات العائلية ضعف أداء مجلس الإدارة، ويعود غالبا هذا الضعف إلى المجاملات، دون الأخذ في الاعتبار أهمية الكفاءة والفاعلية في الإدارة، ولعل المزج ما بين الملكية والإدارة هو ما نراه منتشرا في أغلب الشركات العائلية، ويؤكد قصر عمرها وربما زوالها في حال لم تتم معالجتها بصورة احترافية. لتجنب هذه التحديات والأخطار المتوقعة، فإنه يتطلب وجود ميثاق عائلي "فاعل"، والمقصود بمصطلح "فاعل" هو أن تتوافر الضمانات التي تساعد على الالتزام بهذا الميثاق من داخل وخارج الشركة، على أن ينال هذا الميثاق موافقة أفراد العائلة، ويصبح المرجع لضمان استمرار شركته واستقرارها وتقدمها، واتخاذ القرارات الاستراتيجية التي تحدد مستقبلها، كما أن تطبيق مبادئ الحوكمة الرشيدة يعد أحد أهم العوامل التي تضمن استقرار واستمرارية الشركات العائلية. يعد تطبيق نظام الحوكمة من الخيارات الاختيارية في حالة لم تكن الشركة العائلية شركة مساهمة. وقد اطلعت على بعض الشركات العائلية التي بادرت منذ وقت مبكر إلى تطبيق هذا النظام، على الرغم من وجود أخطار وتجاوزات لدى بعضها جهلا وليس قصدا؛ بسبب حداثة النظام، وغياب الكفاءات والخبرات التي تساعد على تفادي هذا الخلل قبل وقوعه، إلا أن هذه المبادرة تشير إلى الوعي وإدراك أخطار المستقبل لدى تلك الشركات، وهو مؤشر جيد يستدعي من وزارة التجارة والصناعة أن تبادر إلى دعم تلك الشركات، وتحفيز الشركات العائلية الأخرى للمبادرة في تطبيق نظام الحوكمة لما يعود بالنفع على تلك الشركات. من الوسائل المهمة في الحفاظ على استمرارية الشركات العائلية التحول إلى شركة مساهمة، سواء كانت مساهمة مقفلة أم مساهمة عامة، حيث إن هذا التحول سيساعد الشركة العائلية على حل المشكلات الناتجة من الخلافات بسبب الملكية، وذلك من خلال توزيع حصص الشركة العائلية على أسهم، ووضوح ملكية كل فرد في الشركة، كما أن لهذا التحول أثرا إيجابيا في تجنيب الشركة الخلافات الإدارية من خلال فصل الملكية عن الإدارة بتطبيق نظام الحوكمة، الذي يعد في هذه الحالة ملزما؛ كون الشركة أصبحت مساهمة. ومن الجوانب الإيجابية في هذا التحول حل المشكلات التمويلية التي تحتاج إليها الشركة من خلال إمكانية زيادة رأس المال، والقدرة على التوسع والانتشار لزيادة الحصة السوقية. ولعلنا نشهد خلال الفترة المقبلة تحول كثير من تلك الشركات العائلية إلى شركات مساهمة لما في ذلك منافع متعددة، تلقي بظلالها على ملفات مهمة جدا، على قائمتها ملف البطالة، لما ستحققه تلك الشركات من توسع وانتشار سيساعد على زيادة الفرص الوظيفية، ومن ثم تخفيض نسبة البطالة.
إنشرها