العالم

إيران تتخذ من سورية ولبنان مسرحا لعملياتها ومساوماتها السياسية

إيران تتخذ من سورية ولبنان مسرحا لعملياتها ومساوماتها السياسية

قامت القوات الموالية للنظام السوري بشن هجوم في جنوب سورية على منطقة درعا، التي تعد تحت سيطرة الثوار السوريين وبعض الميليشيات المتطرفة مثل جبهة النصرة. هذا الهجوم هو جزء من التصعيد العسكري الذي شهده هذا القطاع منذ الهجوم الذي شنته إسرائيل في الثامن عشر من كانون الثاني (يناير)، ما تسبب في سبعة قتلى على الأقل في صفوف حزب الله والحرس الثوري الإيراني. كما واصل الجيش السوري تقدمه نحو جنوب سورية، بقصف قرى دير العدس، والدناجي، ودير ماكر، وتلال مصيح، ومرعي، والعروس، والسرجة من بين أماكن أخرى. مع ذلك، ذكر الموقع الإلكتروني "سورية مباشر"، أن هناك "هدوءا يتسم بالتوتر" كان يسيطر على جبهة دير العدس. كما أكد الموقع الإلكتروني أيضا أن النظام السوري قام بتكثيف هجومه على مدينة درعا المتنازع عليها، وأفادت التقارير باستخدام القنابل العنقودية في الحي الجنوبي الذي يسيطر عليه المتمردون والقذائف المدفعية حول مسجد الحمزة والعباس. بدأت العملية العسكرية على جنوب سورية في وقت سابق من هذا الشهر من أجل عزل العاصمة دمشق عن مناطق يسيطر عليها الثوار في منطقة درعا جنوب سورية، خاصة بعد سلسلة من انتصارات المعارضة الشهر الماضي التي سمحت بالاستيلاء على بلدة الشيخ مسكين التي تشكل قاعدة اللواء 82. وفقا لمصدر من المعارضة السورية تواصلت معه "الاقتصادية" هاتفيا بشرط عدم الكشف عن هويته، فإن المليشيات الشيعية الموالية للنظام، بما في ذلك حزب الله، كانت توجه القتال. في العام الماضي، ظهرت معلومات تتعلق بتشكيل "حركة مقاومة" محلية. كما أفاد معهد أبحاث الشرق الأوسط، أن مسؤول الحرس الثوري الإيراني حسين الهمداني اعترف في خطاب ألقاه في شهر أيار (مايو) من عام 2014، أن إيران قامت بتأسيس "مليشيات شعبية ثانية تابعة لحزب الله في 14 محافظة سورية مكونة من 70 ألف عضو، من الشيعة والسنة والعلويين في سورية". ولقد تم تأكيد الدور القيادي للإيرانيين وحزب الله اللبناني من قبل صحيفة ذا ستار اليومية التي أوردت ما جاء على لسان مصدر عسكري سوري. إضافة إلى ذلك، قتل أخيرا اثنان من الضباط الإيرانيين من ذوي المراتب العليا، وهما علي سلطان مرادي وعباس عبد الله، في القتال في جنوب سورية. كما تحدث موقع سورية مباشر أيضا عن مشاركة المليشيات العراقية "أبو الفضل العباس" وكذلك المقاتلون الشيعة الأفغان. ووفقا لتقرير أصدره أخيرا معهد دراسة الحرب، (ISW)، فإن الوجود الكثيف للإيرانيين وحزب الله في هذا الهجوم قد يُشير إلى أن النظام يفتقر القدرة على شن عمليات هجومية في جنوب سورية" أو أن "النظام قد ينوي الاستفادة من التركيز الإيراني على مقاطعة درعا لتوجيه انتباهه نحو جبهات قتال أخرى". أما على جانب المتمردين، يبدو أن جبهة النصرة قد اتخذت الدور القيادي في بعض العمليات بدعم من عدة ألوية أخرى مثل لواء الفرقان ولواء توحيد الأمة، فضلا عن فصائل أخرى مثل حركة المثنى وأحرار الشام، وذلك وفقا لوسائل الإعلام اللبنانية. ووفقا لصحيفة الأخبار، المملوكة لحزب الله، هناك فصيل الفيلق الأول الجديد الذي يقوده أيضا العقيد زياد الحريري. في هذا السياق المعقد يظهر دور الأردن الغامض الذي، وفقا لصحيفة الأخبار والوطنية (صحيفة باللغة الإنجليزية قائمة في الإمارات العربية المتحدة)، أسهم في إنشاء القيادة المركزية في عمان، التي تقوم بتنسيق عمليات المتمردين في سورية. على الرغم من أن الدافع وراء هجوم النظام في درعا كان جزئيا بسبب تقدم المتمردين خاصة في منطقة اللواء 82 وبلدة الشيخ مسكين المجاورة، إلا أن هناك مصلحة استراتيجية قامت بتحفيز القوات الموالية للنظام، لا سيما قرب المنطقة من إسرائيل. يقول الدكتور هلال خشان، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية في بيروت، متحدثا إلى صحيفة "الاقتصادية"، "إن الإيرانيين يريدون فتح جبهة جديدة في مواجهة الجولان، وهذا يعتمد على قدرتهم على السيطرة على القنيطرة". بالتالي، لقد كان هجوم الثامن عشر من كانون الثاني (يناير) في القنيطرة بقيادة الإسرائيليين ضد حزب الله ومجموعة الحرس الثوري بمثابة تحذير دموي ضد ظهور جبهة تسيطر عليها إيران وحزب الله على حدود الجولان المحتل. وكان "معهد دراسة الحرب" قد سلط الضوء على النشاط الزائد للحرس الثوري وحزب الله والقبضة الإيرانية في هذه المنطقة فضلا عن ظهور "خلايا الزحف الإيرانية" في القنيطرة. في نظر إسرائيل، يقول الصحافي حازم الأمين في حديثه لصحيفة "الاقتصادية"، إن المنطقة هي خط أحمر لا ينبغي تجاوزه. بالتالي، الهجوم على درعا هو بمثابة رد غير مباشر من إيران وحليفها اللبناني حزب الله على إسرائيل، للإشارة إلى أن طموحها للوصول إلى الصراع العربي الإسرائيلي من سورية لن تردعه "تحذيرات" إسرائيل. هذا التطور في سياسة إيران في سورية برز بوضوح في الخطاب الذي ألقاه أخيرا أمين عام حزب الله، حسن نصر الله، الذي قال، "إنه لا يوجد أي اعتراف بالتقسيم إلى ساحات" ومن حق المقاومة مواجهة العدو "أينما تريد وكيفما تريد". علاوة على ذلك، في هذا الخطاب وصف نصر الله وفاة عناصر حزب الله والحرس الثوري الإيراني في العملية الإسرائيلية بأنها "اختلاط الدم اللبناني بالدم الإيراني على الأراضي السورية" وذكر أن هذا يعكس الحقيقة أن هناك هدفا واحدا، ومصيرا واحدا، ومعركة واحدة. "لقد أوجدت إيران لنفسها مسرحا واحدا من العمليات يمتد من إيران إلى البحر المتوسط"، بحسب وصف الضباط الإيرانيين. ووفقا لمعهد أبحاث الشرق الأوسط، هناك تحليل، تم تأكيده من خلال ظهور حالات عديدة لضباط إيرانيين مثل، يحيى رحيم صفوي، القائد السابق في الحرس الثوري الإيراني ومستشار الشؤون الأمنية للقائد الأعلى علي خامئني. وقد قال في شهر أيار (مايو) من العام الماضي، وفقا لمركز الأبحاث، "إن عمقنا الاستراتيجي يصل إلى البحر المتوسط، وفوق رأس إسرائيل". من خلال نشر القوات مباشرة على حدود إسرائيل، أصبحت إيران على نحو فعال بلدا مجاورا لإسرائيل، على الرغم من كونها بعيدة جغرافيا، في حين أن سورية ولبنان قد أصبحتا عنصرين أساسيين في "المقاومة" الإقليمية على نطاق واسع بقيادة إيران ضد إسرائيل. ويتوقّع الدكتور خشان أن الوضع في بلاد الشام يتجه نحو الأسوأ. يضيف خبير العلوم السياسية، "سواء كانت هناك صفقة بين إيران والولايات المتحدة أم لا، فقد يحدث تصعيد محتمل على الجبهة السورية واللبنانية، وقد تتم إثارتها إما من قِبل إيران في حال فشلت الصفقة مع الولايات المتحدة أو من قِبل إسرائيل في حال شعرت أن إيران ستنجح في التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة".
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من العالم