Author

تطوير مسار أنظمة التعليم ولوائحه

|
تحدثنا في المقال السابق عن الأوامر الملكية الجديدة التي أصدرها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، القاضية بدمج وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، وإلغاء عدد من المجالس واللجان العليا، والاكتفاء بمجلسين مساندين لمجلس الوزراء هما؛ مجلس الشؤون السياسية والأمنية ومجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية، باعتبارها خطوة تاريخية مهمة في تطوير العمل التنظيمي والنظامي، لما تحققه من تسريع في المسار الزمني لإجراءات إصدار قرارات الدولة وأنظمتها، والحد من التعقيد والازدواجية التي تولدت نتيجة نشوء عدد كبير من المجالس واللجان العليا، وبعد ذلك أصدر مجلس الوزراء الترتيبات التنظيمية اللازمة بحسب مقتضى هذه الأوامر الملكية، ومن أهمها تحديد اختصاصات ومهام المجلسين وعلاقتهما بأجهزة مجلس الوزراء. ويوم الثلاثاء الموافق 5/5/1436هـ عقد مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية اجتماعاً واستمع المجلس إلى عرض مقدم من وزير التعليم بشأن توجهات وزارة التعليم ورؤاها وأهدافها المستقبلية، واتخذ المجلس حيالها عدداً من التوصيات اللازمة لذلك. وبعد هذه التطورات التنظيمية الموفقة في قطاع التعليم بالمملكة، وإعادة الهيكلة لمستوياته الإدارية العليا، ولمّ شتاتها المبعثرة بين أكثر من لجنة ومجلس بعد دمج وزارتي التربية والتعليم، والتعليم العالي، وإلغاء اللجنة العليا لسياسة التعليم ومجلس التعليم العالي والجامعات والمجلس الأعلى للتعليم، تبرز الحاجة إلى مراجعة الأنظمة القائمة ذات العلاقة بالتعليم وتطويرها وسن أنظمة جديدة، إذا دعت الحاجة، بما يحقق توجهات الوزارة ورؤاها وأهدافها المستقبلية، والاستفادة من المكتسبات التي تهيأت للوزارة، وما ترتب عليها من اختصار في المسار الزمني لإجراءات إصدار القرارات، والحد من التعقيد والازدواجية والروتين والغموض في العمل التعليمي. ويمكن القول إنه على الرغم من مضي أكثر من 80 عاما على إنشاء مديرية المعارف التي تأسست عام 1344هـ وما لحقها من تطورات تنظيمية، فإن البناء النظامي The Legal Framework لقطاع التعليم في المملكة لم يكتمل بعد ولا يزال متأخراً مقارنة بالدول المتقدمة في التعليم، خصوصا التعليم العام، ولم يجد المسار النظامي نصيبه من الاهتمام والتطوير على غرار ما حصل مع عدد من الجهات الحكومية الأخرى التي أنشأت برامح متخصصة للأنظمة واللوائح كالهيئة العامة للسياحة والآثار، ووزارة التجارة والصناعة، ووزارة العمل، وأخرجت منظومة متكاملة وحديثة للقطاعات التي تشرف عليها. وأقترح على الدكتور عزام الدخيل وزير التعليم الاهتمام جدا بالمسار النظامي لقطاع التعليم والإسراع بإنشاء برنامج متخصص يضم فريقاً من مختصي التعليم والقانون، يتولى مراجعة الأنظمة والتنظيمات واللوائح وغيرها من الأدوات النظامية لدى الوزارة، سواء في مراحل التعليم العام أو مرحلة التعليم العالي، ومن ذلك لائحة المرحلة الابتدائية ولائحة المرحلتين المتوسطة والثانوية ولائحة المدارس الأهلية التي مضى عليها وقت طويل، وينبغي أن يعمل الفريق على الاستفادة من قوانين التعليم في الدول الأخرى، خصوصا الدول المتقدمة، ورفع أنظمة جديدة أو تطوير الأنظمة واللوائح القائمة التي تكفل ترجمة توجهات الوزارة ورؤاها وأهدافها المستقبلية في نصوص نظامية وتطبيقها على أرض الواقع، تمهيدا لإصدارها من مجلس الوزراء بعد دراستها من مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية ومجلس الشورى وفقا للإجراءات النظامية اللازمة لإصدار الأنظمة. ولعل من نافلة القول إن توفير إطار نظامي متكامل ومحدث لقطاع التعليم لن يمكن الوزارة من تحقيق رؤاها وأهدافها المستقبلية فحسب، بل سيسهم كذلك في تمكين المواطنين ذكورا وإناثا من الحصول على تعليم مثمر ونافع يمكّنهم من القيام بدورهم المهم في التنمية، وذلك لما يحققه وجود الأنظمة لقطاع التعليم من نقل العمل التعليمي من مرحلة العمل الاجتهادي والمستوى المنخفض في التنظيم والشفافية إلى مرحلة العمل المؤسساتي والمستوى المرتفع في التنظيم والشفافية، الذي يعد من أشد احتياجات وزارة التعليم أهمية في المرحلة المقبلة.
إنشرها