Author

خطوات فعلية .. هذه المرة

|
قبل أيام قلائل زفت إلينا وكالات الأنباء بشرى بداية الخطوات الفعلية نحو استخدام مصادر الطاقة المتجددة لإنتاج المياه والكهرباء. وقد يكون التفاؤل هذه المرة من كلمة فعلية، وكأن الخطوات السابقة كانت خطوات أولية مع وقف التنفيذ. وكذلك بدأ العمل في أكبر محطة في العالم للتحلية باستخدام الطاقة الشمسية، بهدف الاعتماد الكلي على مصادر طاقة متجددة بعد عشر سنوات من الآن لإنتاج المياه والكهرباء. وباستعراض خريطة توليد الطاقة محليا بلغة الأرقام لوجدنا أن 30 في المائة من إنتاج النفط يذهب للاستهلاك المحلي، وعلى فرض متوسط إنتاج 12 مليون برميل يوميا، منها 1.5 مليون برميل أو ما يعادل 12.5 في المائة من كامل الإنتاج تذهب لإنتاج المياه الكهرباء، وبما أن مؤسسة التحلية تحصل على البرميل بتكلفة ريالين فقط، فإن السعودية تخسر يوميا 12 في المائة من إيراداتها النفطية والتي تذهب لتوليد المياه والكهرباء. وإن لم يكن هذا سببا كافيا لكي نبدأ بجدية في عملية توليد الطاقة من مصادر أخرى متجددة، فإن طاولة النقاشات في الاتحاد الأوروبي وغيرها من الدول الكبرى مليئة بالعديد من المبادرات التي تدعو إلى فرض ضرائب على استخراج النفط باعتبار أن الموارد الطبيعية حق للجميع، وكذلك التاريخ المعروف من التسريبات النفطية وأثره المدمر على البيئة. وتهدف هذه المبادرات إلى استخدام أموال تلك الضرائب في حال إقرارها لتمويل العديد من المشاريع البيئية. وتعتبر توجهات تلك الدول نحو حماية البيئة لا رجعة فيها إذ إنها نابعة من ضغوط شعبية قوية، وعلى حد قول العديد من مختصي البيئة فإن مسألة فرض عقوبات بيئية دولية لاستخراج النفط هي مسألة وقت ليس إلا، وقد شاهدنا أخيرا العقوبات التاريخية التي تم فرضها على «بريتيش بتروليوم» بسبب حادثة التسريبات النفطية. والتي تأتي هي الأخرى في إطار الضغوط التي يمارسها المجتمع الدولي في جميع القضايا المتعلقة بالبيئة. وإذا ما نظرنا حولنا على مستوى المنطقة، ولا أقول العالم، نجد أن العديد من مشاريع الطاقة المتجددة تم تنفيذها وأصبحت جزءا من خطط تلك الدول لتوليد الطاقة، فـ «مصدر» أبوظبي الإماراتية، التي هي بالفعل مصدر لكل ما هو مبتكر في مجال توليد الطاقة من مصادر متجددة أصبحت محط أنظار العالم باعتبارها المدينة الأنظف عالميا والأكثر كفاءة في إنتاج الطاقة، كما أن البلاد لديها بنية تحتية قوية لاستخدام الطاقة المتجددة، بدءا من مشروع شمس 1 الذي يهدف إلى توفير 7 في المائة من احتياجات أبو ظبي للطاقة المتجددة، ومشروع نور1، ومشروع سخانات دبي الذي من المتوقع تطبيقه على 50 في المائة من البنايات في دبي لتوفير 1.4 في المائة من استهلاك الكهرباء، إضافة إلى إنشاء 22 محطة لتحلية المياه الجوفية عالية الملوحة، كل ذلك في إطار رؤية واضحة وأهداف محددة مسبقا. فهيئة دبي تستهدف توليد 12 في المائة من احتياجاتها للطاقة من الطاقة النووية ومثلها من الفحم النظيف، و5 في المائة من الطاقة الشمسية بحلول عام 2030. وفي تجربة رائدة أخرى على مستوى المنطقة وليست ببعيدة من «مصدر» الإماراتية ما زال العمل جاريا على قدم وساق لإنهاء أول مطار صديق للبيئة في مصر بتمويل ياباني يتم تسديده على مدى 40 عاما. وأخيرا فإن صورة أول طائرة في العالم تستخدم الطاقة الشمسية "سولار امبلس2"، دليل لا ريب فيه على أن التحول العالمي قادم لا محالة، وأنه لا مجال إلا للحاق بهذا الركب وإلا فالاندثار، وعلى حد تعبير محمد بن راشد "إما الابتكار أو الاندثار".
إنشرها