Author

الشقيقان المفصولان

|
أقيل المهندسان الدنماركيان، لارس وجينز راسموسن، من شركة تقنية في كاليفورنيا 1998 إثر تبديدهما مع زملائهما رأسمال الشركة، الذي بلغ 45 مليون دولار أمريكي، على مشاريع تقنية لم يكتب لها النجاح. أصبح عملهما في الشركة وصمة عار تطاردهما أينما قدما سيرتهما الذاتية. اضطر الأخ الأكبر جينز أن يعود إلى الدنمارك، مسقط رأسه؛ ليعيش مع أمه، لضمان منزل يؤويه، حتى ينهض من جديد. وظل جينز رغم البعد الجغرافي على تواصل مع أخيه لافتتاح شركة تقنية تعيدهما إلى ما يحبان. كان جينز مؤمنا بأن الخرائط التقنية ثروة جديرة بالبحث والعمل. صمم برنامجا لتطوير الخرائط وتفعيلها وتبسيطها وعرضه على شقيقه الذي تحمس له جدا. لكن المشكلة أن البرنامج يحتاج إلى تمويل. غادرا إلى أستراليا بعد أن أبدت شركة صغيرة اهتماما بمشروعهما. عملا معها نحو ستة أشهر ثم اتصلا برجل الأعمال فرانك مارشال، في كاليفورنيا الذي تربطهما به علاقة جيدة وطلبا مساعدته للبحث عن ممول. ساعدهما على التواصل مع عشر شركات كلها رفضت سوى واحدة تدعى "سكويا كابيتل"، التي أبدت استعدادها للاستثمار في مشروعهما مقابل شروط تعجيزية. وفي الأسبوع الذي سيوقعان فيه الاتفاق معها أعلنت "ياهو" عن برنامجها المتخصص في الخرائط الإلكترونية. ورغم أن الفكرة تختلف تماما عن فكرة الأخوين راسموسن إلا أن "سكويا كابيتل" انسحبت من تمويل مشروعهما. لم يجدا سوى أمهما ليلجآ إليها هاتفيا ويسكبان في أذنيها ألمهما. هدأتهما واختتمت المكالمة قائلة: أثق بأن غدا أفضل لكما ولي. عندما علم فرانك بما آل إليه حال صديقيه ساعدهما على التواصل مع شركة جوجل، المنافسة لـ "ياهو" وقتئذ، التي لا ترى ضيرا في دعم أي منتج حتى لو كان تقليديا، لكن المهم أن تكون له هوية مختلفة ويمتلك عناصر جديدة. استحوذت "جوجل" على شركة الأخوين بثمن بخس عام 2004 لأنها تدرك أنهما لا يملكان خيارات أخرى. منحتهما "جوجل" فرصة أخرى بعد نجاح "جوجل مابز" أو "خرائط جوجل" الذي قاما بابتكاره، في إنشاء منتج "جوجل ويف" ومنحتهما تمويلا يقدر بـ 25 مليون دولار و60 مهندسا تحت تصرفهما لكن المنتج فشل تماما. ما حدث للأخوين راسموسن يثبت أن المال والموارد البشرية والخبرة وحدها لا تصنع النجاح. فالنجاح خلطة لا يعرف أحد مقاديرها. فهما فشلا في مشروع بـ 45 مليون دولار وآخر بـ 25 مليون دولار ونجحا في مشروع لم يكلفهما الكثير. قد لا نعرف سر النجاح، لكننا نكاد نجزم بأنه لا يعانق الساكنين.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها