Author

أبو متعب .. ودمعة ابنتي

|
دخلت على صغيرتي في غرفتها فوجدتها تبكي بصمت، وهذا ليس من عادتها فكل أمر يضايقها كانت تخبرني به قبل أن تنزل دموعها حتى.. إلا هذه المرة فالأمر مختلف تماما! حين سألتها وأصررت عليها بالسؤال ارتمت في حضني وهي تبكي بشدة قائلة "عشان بابا عبد الله مات". أن نبكي نحن الكبار على موت "أبو متعب " -رحمه الله- فهذا أمر طبيعي، لكن أن يبكي الأطفال على موته، فهذا أمر غير طبيعي، فسبحان من طبع محبتك يا "أبو متعب" حتى في قلوب أطفالنا. دموع ابنتي الحارة التي امتزجت بعبراتها الصادقة جعلتني أتأمل مدى حب الناس لمليكنا الحبيب "أبو متعب" -رحمه الله- واكتسابه كل هذه المشاعر الصادقة من الحب والولاء ودعوات الناس له. ــــ "أبو متعب" -رحمه الله- لم يتخرج في جامعة هارفرد أو أكسفورد، لكنه بمجرد أن يتحدث تصغي إليه القلوب قبل الأسماع؛ لأن كلماته تخرج عفوية من قلبه دون تنميق أو تزييف، وهذا درس بليغ لكل مَن يظن أن محبة الناس تكتسب بالشهادات أو الخطابات المنمقة! ــــ "أبو متعب" -رحمه الله- في كل مناسبة تجمعه بالمواطنين يقتسم معهم مشاعره، ولذلك ظلت عبارته المشهورة "ما دام أنتم بخير فأنا بخير" تتردّد أصداؤها في أرواح شعبه، فأحسوا أنه "أبوهم" وليس ملكهم فقط، وهذا درس بليغ لكل مَن يظن أن محبة الناس تكتسب بالقوة والدكتاتورية! ـــ "أبو متعب" -رحمه الله- في شخصيته كانت تمتزج الهيبة بتواضع المحب، يبتسم للأطفال في المناسبات ويحتضنهم، وينصت لكبار السن حين يحدثونه، ويتحدث مع العامة بأسلوب بسيط، دون أن يقلل ذلك من هيبته، وهذا درس بليغ لمَن يظن أن محبة الناس تكتسب بالعجرفة واستعراض التفاخر الممزوج بالاستعلاء والترفع عن البسطاء! ــــ "أبو متعب" -رحمه الله- لم يكن ملكا فقط بل كان أبا مشفقا محبا لأبنائه وأشعرنا دوما بأننا كلنا أبناؤه، لذلك حين سمعت بخبر وفاته -رحمه الله- شعرت أن "أبوي" مَن توفي وليس مليكي! رحمك الله يا والدنا الحبيب وأسكنك فسيح جنانه وجمعنا وإياك وأحبابنا والمسلمين أجمعين في جنات الخلد. ولن ننساك من دعائنا، كما أوصيتنا، يا "أبا متعب".

اخر مقالات الكاتب

إنشرها