Author

وين رايح؟

|
"التفت سلّم علينا.. ما روينا من حنانك.. ومنك ما اكتفينا". لوحة صُورت رحيل الأب القائد. حصلت هذه الصورة على اهتمام كل مَن شاهدها. لعل الرسام نفسه لم يكن يتوقع أن تحوز رسمته تلك كل هذا الاهتمام، لكنها فعلت. صورت رسمة الفنان خروج الملك عبدالله -رحمه الله- إلى الفضاء المفتوح، وحكت الكلمات التي بجوارها واقع الشعب كله. نعلم أن الملك كان يعاني المرض، ويضغط على نفسه وصحته ليهتم بشؤوننا. نعلم أنه كرّس حياته لقضايانا وقضايا المسلمين في كل مكان، لكننا نردّد وين رايح؟ طمع بشري تصوره تلك المعلقة، طمعنا في بقاء الحبيب، وحبنا لرؤياه وهو يبث جمال روحه، ويسعد كل من حوله. طمعنا في المزيد منه، لكن كل حبيب يرحل، وكل لقاء ينتهي ويمضي الحبيب لوجه ربه ونناديه.. التفت سلم علينا. عبدالله بن عبدالعزيز، حالة استثنائية. حالة من العطف والحب والحنان ترسمها كلماته التي لا ينساها أحد "أقسم بالله أنكم في قلبي"، "المواطن.. ثم المواطن.. ثم المواطن"، "المواطن من ذمتي إلى ذمتكم"، "ما دمتم بخير، فأنا بخير" . كلمات عفوية سمعناها كثيرا من الفقيد، لكننا جميعا نعلم أنها تصدر من قلب مخلص، ما روينا من حنانه. نعم الحنان الأبوي هو ما شاركنا به أبناء الملك، ولئن ظن أحد أننا نحسد أبناء الملك على كونهم أبناءه، فهو مخطئ. فقد كنا جميعا أبناء الملك، نشر حنانه من روح عظيمة تحب الشعب كله. حاج ومعتمر يشاهد أعظم توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين، وطالب يتلقى العلم في أعظم جامعات العالم، ومريض يعالج في أرقى المدن الطبية، وفقير منحه الملك وقته وعطاءه وأمر له بالمزيد، وموظف نال العلاوات وترقى في المراتب، الكل في قلب الملك. نحزن على فراق الملك، لكننا نعلم أن حزننا لا يعيده، فلماذا تعلق الجميع بتلك الكلمات ونشرتها كل الصحف وقابلت كاتبها أغلب القنوات؟ إنه التعبير عن المودة التي لن تغيب وعن الحب الذي سيظل مضيئا لذكرى ملك عشقته قلوبنا، ومنه ما اكتفينا.
إنشرها