Author

الحكومة بين المركزية والمرونة

|
مستشار اقتصادي
تقوم هيئة الاستثمار العامة بعقد ندوات سنوية "منتدى التنافسية العالمي" بدأت أمس وتنتهي اليوم. موضوع هذه السنة مختلف نوعيا: الحكومة التنافسية. سيختلف البعض موضوعيا عن طبيعة ومدى دور الحكومة في خلق مجتمع أكثر تنافسية، دور الحكومة مركزي خاصة في ظل الضغوطات الإقليمية والتحديات التنموية والتجربة الاجتماعية الفريدة للمملكة. أدوار الحكومة متشعبة وعميقة في تشكيل المجتمع، ولكن ما يهمني هنا هو التحدي التنموي عموما وتحجيم "قياس وترشيد وتسخير ودفع" القدرات التنافسية خصوصا. الخلاف والاختلاف حول دور الحكومة ليس جديدا وسيستمر، ولكن هناك إجماعا على بعض المحددات، المحدد الأول هو الطبيعة الريعية للاقتصاد وهذا محدد حتمي ـــ بمعنى أنه واقع لا يرفض ولكن يهذب لتعظيم المصلحة الوطنية. المحدد الثاني ومن منطلق مختلف، حيث يجمع خبراء التنمية على أنه كلما أدارت الدولة "الحكومة والقطاع الخاص" الشؤون الاقتصادية بطريقة تكاملية Saudi Inc تحقق نجاح أسرع وأعمق تأثيرا والعكس صحيح بسبب ترابط شرعية الأداء مع القوة والفعالية. لعل السؤال المفصلي أين نحن من هذه المحددات؟ ليس الخلاف على مركزية دور القطاع الخاص في خلق القيمة المضافة ودور القطاع الخاص في التطور العضوي للمجتمع في المدى المتوسط والبعيد، وليس هناك خلاف حول دور الحكومة في حماية الحقوق والأمن والأمان. الخلاف والاختلاف حول التوازن السحري بين المركزية والمرونة، فيقول صامويل هنتنقتون "إن أهم اختلاف سياسي بين الدول ليس صيغة وشكل الحكومة، ولكن درجة الدور الحكومي في إدارة الدول". الدائرة الأولى لدور الحكومة في حماية الوطن ليست مجالا للنقاش، ما أنا بصدده هو المستوى الثاني من الإدارة الحكومية والتي تحتاج إلى الكثير. الإشكالية الفكرية أن المحدد الأول يصنع بيئة تحد من دور المحدد الثاني. فمثلا المملكة في حالة إشباع مادي تتطلب سياسة عامة تنادي بالكم وليس الكيف لعل أفضل مثال هو اختيار التكنوقراط والكفاءات البشرية القادرة فعلا وليس من يستطيع الوصول فقط. اليوم طبيعة التحدي مختلفة جذريا ولم يعد إشباع الأمس يفي بالغرض. وليست المملكة الوحيدة التي تمر بتحولات فمثلا تمر الصين بحقبة انتقالية من الكم إلى الكيف من نوع آخر "أحد مسببات تباطؤ النمو في استهلاك النفط". دور الإدارة الحكومية في المستوى الثاني غير متجانس وغير متناسق ما يحمل رسائل غير مبرمجة وغير دقيقة لإرشاد وقيادة الفعاليات الاقتصادية الخاصة من شركات وأفراد. الأمثلة كثيرة وتتدرج من سلوك الأفراد في الاستهلاك "عدم توظيف الدعم بكفاءة وعدالة" إلى حوكمة الشركات إلى ابتعاد الحكومة الاختياري عن إدارة مرفق الأراضي وابتعاد البلديات عن إدارة مواقف السيارات. الأمثلة الجزئية كثيرة خاصة فيما يتصل بالدعم والرسوم والبعثات والتعليم الفني المنسي فهذه آليات لم تفعل بالدقة المطلوبة لرفع الكفاءة. فمن دون رفع الكفاءة المجتمعية لن تكون هناك تنافسية. العلاقة بين هذه الخطوات وكفاءة الحكومة طردية فكلما أصرت الحكومة على الدقة والمسألة مركزيا والمرونة في التنفيذ محليا "جغرافيا وأفقيا" ازدادت المساحة للإبداع والتميز والمنافسة الصحية.
إنشرها