Author

سلمان بن عبد العزيز .. قائد المرحلة

|
في بحر الحياة المتلاطم بأمواجه العاتية، تبحر سفينة مملكتنا بفضل الله، بكل ثبات واستقرار، فما إن يختار الله أحد القادة إلى جواره، تنتقل السلطة من ملك إلى ملك، ومن ولي إلى ولي، بكل سلاسة ويسر. حقا إنها لنعمة تستوجب منا الشكر، فجميعنا شاهد تلك التغييرات الكبيرة التي اجتاحت المنطقة العربية، وغرق معها الكثير من السفن، وظهر معها ما يسمى بثورات الربيع العربي، الذي لم يكن ربيعا على الإطلاق، بل كان بمثابة خريف طويل تساقطت فيه آخر أوراق التوت! ونحن ولله الحمد ننعم بالعدل والأمان والاستقرار، حتى باتت المملكة نموذجا يحتذى به في استقرارها وتقدمها ونهوضها وازدهارها، إن هذا يستوجب شكرا آخر. رحل ملك الإنسانية عبد الله بن عبد العزيز، وبرحيله، فقدت مملكتنا أحد رجالاتها الكبار، وهذه سنة الله في الوجود. ولكننا بمبايعتنا لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، فإننا نشعر بأمل كبير في مستقبل مشرق، تحت قيادة هذا الملك الفذ، الذي تفاءل به الشعب منذ اللحظات الأولى لاعتلائه موقع الحكم، وهو يعاهد الأمة على السير على النهج نفسه الذي سارت عليه هذه البلاد منذ عهد المؤسس ـــ رحمه الله، نهج القرآن الكريم والسنة المطهرة. وعلى الرغم من امتلاء قنوات التلفاز، والإذاعات، والصحف، وشبكات التواصل الاجتماعي، بالحديث عن إنجازات وجهود خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، متعه الله بالصحة والعافية، إلا أن جهوده أكبر بكثير من أن يمكن اختصارها في صفحات قليلة. بصماته وحياته الحافلة بالتجارب والمسؤولية والعطاء منذ شبابه المبكر وهو دون الـ 20 عاما، هي شاهد على حنكته السياسية والإدارية. وإذا كتبنا، فهل نكتب عن الملفات والمهام الكثيرة التي أوكلت إليه من قبل أشقائه الملوك الذين سبقوه ـــ رحمهم الله؟ أم نكتب عما قدمه لعاصمتنا الرياض على مدى أكثر من خمسة عقود، تحولت معها من بلدة متوسطة الحجم يسكنها نحو 200 ألف نسمة، إلى إحدى أسرع العواصم نموا في العالم العربي، حيث إنها اليوم تحتضن أكثر من خمسة ملايين نسمة، وتحولت معه إلى مركز ثقافي وحضاري يعكس وزن المملكة العالمي؟ وهل نتحدث عن قربه من المواطنين في تلك الفترة ومعايشته لهم؟ أم نكتب عن التطوير الشامل الذي شهدته وزارة الدفاع في عهده؟ أم عن وعيه العميق بكل التحديات والأزمات الإقليمية، ومبادراته التي انطلقت من حرصه على استقرار الأمن في الشرق الأوسط، وعلاقاته الواسعة والمميزة مع قادة العالم؟ أم عن جهوده ــــ أيده الله ـــ في دعم التنمية السياحية والتراث الوطني في المملكة؟ أم عن جهوده الإنسانية وأعماله الخيرية الواسعة في كل المجالات، حتى باتت جميع المؤسسات والجهات الخيرية تتسابق على حمل اسمه كرمز لها؟ أم نكتب عن دعمه للصحفيين وكتاب الرأي والمثقفين، وقربه منهم؟ حري بنا أن نفخر بهذا الملك المثقف، والحاصل على عديد من الشهادات الفخرية والجوائز الأكاديمية، حيث بنى لنفسه مكانة خاصة عند جميع المواطنين. ولا غرابة في ذلك، فالتواد والتحاور والتواصل سنة تحكم العلاقة بين السعوديين وقيادتهم الرشيدة. وليس غريبا على الملك سلمان رجل الدولة، أن يتصف بكل صفات الحنكة والحكمة، فقد ورث عن والده - المغفور له بإذن الله - الملك عبد العزيز، كاريزما "القائد التحولي الملهم" بشخصيته وبعد نظره وثاقب رؤيته المستقبلية. مساحة المقال تجبرني على التوقف. رحم الله الملك عبد الله بن عبد العزيز، ووفق لطريق الخير خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وولي عهده الأمير مقرن بن عبد العزيز، وولي ولي عهده الأمير محمد بن نايف. فسيروا على بركة الله، تحيطكم عناية الله ورعايته.
إنشرها