FINANCIAL TIMES

أمريكا .. الجهاديون في صدارة سباق 2016 الرئاسي

أمريكا .. الجهاديون في صدارة سباق 2016 الرئاسي

الاتجاه الجديد في السياسة الأمريكية هو سرقة ملابس بعضهم بعضا. نظراً لمدى الاستقطاب الذي أصبحت عليه أمريكا، هناك إجماع ملحوظ على المواضيع الرئيسية للنقاش. فبعد أعوام من تجاهلها، أصبح الجمهوريون فجأة يشعرون بالقلق بشأن ضغط الطبقة المتوسطة، كما لو أنها ظهرت في الربع الأخير. لقد كان الليبراليون يركّزون على مشاكل العامل العادي منذ أكثر من عقد من الزمن. وفي الوقت نفسه، الديمقراطيون يشعرون مرة أخرى بالقلق من الخطر الجهادي - وهي نقطة حديث مُحافظة لا تتزعزع منذ عام 2001. كل منهم يرفض التحيزات التي يركز عليها الطرف الآخر، لكنهم ينظرون إلى القائمة نفسها. ركود الاقتصاد العام والإرهاب هما أهم القضايا الكبرى التي ستظهر في سباق عام 2016. ومع أن الأحداث الأخرى سوف تتدخل، لن يكون من السهل إسقاط أي منها. المذبحة في مكاتب مجلة "تشارلي إبدو" في باريس كانت الأحدث في خط الفظائع الذي يبدو أنه يتصاعد لتذكير الناخبين في الولايات المتحدة بأن القاعدة وفروعها لم تمت بموت أسامة بن لادن. وجاء ذلك عقب المذبحة التي نفذتها طالبان في حق 148 طفلا في مدرسة بيشاور، وقطع الرؤوس المُنظم في سورية من قِبل "داعش". للمرة الأولى منذ عام 2009 يعتبر الناخبون في الولايات المتحدة أن الإرهاب يأتي على رأس أولويات أمريكا (76 في المائة)، وذلك وفقاً لاستطلاع الرأي الذي أجرته وكالة بيو الأسبوع الماضي. ونظراً لثبات مكاسب جماعة "داعش" في سورية والعراق - حافظت على موقعها على الرغم من الضربات الجوية الأمريكية - وتقدّم القاعدة القوي في اليمن وأبعد من ذلك، من الصعب تصوّر أن هذا سيتغيّر في عام 2015. ومع أن الإرهاب لم يختف أبداً، إلا أنه أصبح في مركز الصدارة مرة أخرى. بين الطامحين للوصول إلى البيت الأبيض من الجمهوريين يوجد منافس واحد فقط، راند بول - الفنان المعروف سابقاً بـ "الانعزالي"، وأيضاً عضو مجلس الشيوخ من ولاية كنتاكي - ينحرف عن خط حزبه القوي فيما يتعلق بالأمن القومي. وكلما زاد ازدحام ساحة الحزب الجمهوري، برز بول أكثر. من ناحية، هذا نقطة تسويق حقيقية. يوجد الكثير من الليبراليين من جيل الألفية هناك. لكن هذا أيضاً يجعل بول هدفاً مثيراً للاهتمام على نحو متزايد. فهو يتكيّف بسرعة. في العام الماضي انتقل من كونه انعزاليا إلى "تأييد سياسة عدم التدخل" والآن هو "واقعي" في السياسة الخارجية. على هذا المعدل سيُصبح من المحافظين الجُدد قبل عيد الاستقلال. المقياس الآخر هو هيلاري كلينتون. وزيرة الخارجية السابقة تملك اسم العلامة التجارية الأقوى في السياسة الأمريكية - حتى أكثر بكثير من جيب بوش. لكن لا يزال الجمهوريون يحاولون ربطها بنقاط الضعف الملموسة في السياسة الخارجية للرئيس باراك أوباما. بول الآن يصف الفوضى في ليبيا بأنها "حرب هيلاري كلينتون" - فقد كانت وزيرة الخارجية عندما ساعدت الولايات المتحدة على تنظيم العملية الأنجلو ـ الفرنسية للإطاحة بمعمر القذافي. كذلك كانت لا تزال في تلك الوظيفة عندما قُتل السفير الأمريكي في ليبيا وغيره من المواطنين الأمريكيين على يد الجهاديين في بنغازي. في خطاب لها في الشهر الماضي، قالت هيلاري إن الولايات المتحدة ينبغي أن "تتعاطف" مع أعدائها. مع أنه تم أخذ تصريحها خارج السياق، إلا أن الجمهوريين تمسكوا به لإظهارها أنها لينة مع الإرهابيين. وبين الديمقراطيين، تعتبر كلينتون متشددة نسبياً. وسيضغط الجمهوريون عليها أكثر في ذلك الاتجاه عندما تعلن عن نواياها. كذلك قلق الطبقة المتوسطة لن ينتهي. الأمر الأكثر إثارة للدهشة بشأن الانتعاش هو كيف أن معظم الأمريكيين الآن أكثر فقراً مما كانوا عند بدايته. الدخل المتوسط لا يزال 8 في المائة أقل مما كان عليه في عام 2007 وأقل بما يزيد على 5 في المائة مما كان عليه في بداية الانتعاش في عام 2009. ويعتقد بعض خبراء الاقتصاد أن عام 2015 سيكون العام الذي يتغلغل فيه بعض النمو الكلي في أمريكا إلى راتب العامل العادي، لكن هناك دلائل ضئيلة جداً على ذلك حتى الآن. في كانون الأول (ديسمبر) تقلّص متوسط الأجر الأسبوعي عما كان عليه قبل عام. ومعظم الأمريكيين لا يعتبرون أن مواردهم المالية ستتحسّن خلال العام المقبل. مرة أخرى، السباق الجمهوري لعام 2016 يوفر أفضل فرصة في هذا الشأن. قبل عشرة أيام، ميت رومني، المرشح الجمهوري الخاسر في عام 2012، أوضح أنه لا يزال "يريد أن يكون رئيساً" ـ نادراً ما كان يتم إعادة دفن شخص متميّز بهذه السرعة. رعب الجمهوريين من احتمال إعادة ترشيح رومني لا يتعلق سوى جزئياً بحقيقة أنه حصل على فرصته بالفعل. وأيضاً بالطريقة التي فشل بها. عدد قليل من الناس سينسى تصريحاته المرتجلة التي قال فيها إن 47 في المائة من الأمريكيين كانوا "مُتلّقين" (متطفلين)، عبارة مستعارة من آين راند، الفيلسوفة التي لها أتباع كالطائفة الدينية والتي تؤمن بالحكومة الصغيرة. إلى جانب أن لمعان رومني بسبب ثروته وضع نوعا من القيود على أصوات العمال. بوش، الاسم الأكثر صلة بسلالة حاكمة في ملعب الحزب الجمهوري، فقد استوعب بوضوح هذا الدرس. أداته الخاصة بالتمويل تسمى "الحق في الارتفاع"، وهي إشارة إلى تراجع الحراك الاقتصادي في الولايات المتحدة. في خطاب القبول الذي ألقاه هذا الشهر جون بينر رئيسا لمجلس النواب، تحدّث عن الحاجة المُلحّة لعكس "اعتصار الطبقة المتوسطة" في الولايات المتحدة. حتى الآن، هناك عدد قليل من الحلول المُحافظة على آثار العولمة والتكنولوجيا على الدخل المتوسط. الموافقة على أنابيب النفط الجديدة وإلغاء برنامج أوباماكير (للرعاية الصحية) من غير المرجح أن يُقنعا كثيرا من الناس. كذلك لم يعترف الجمهوريون بارتفاع عدم المساواة، لكنهم على الأقل قاموا بتحديث مفرداتهم. في الوقت نفسه، هيلاري نوعاً ما هي شخص متنفّذ بسبب ثروتها. ويمكن أن تكون أيضاً أكثر ضعفاً بشأن الأمن القومي مما هو مفترض. مع ذلك أهم سماتها الأساسية هي أنها تتمتع بمهارات عالية لتركيب وتوليف مجريات الأمور. عليك أن تتوقّع أن يكون ألم العامل العادي والخطر الجهادي في قلب رسالة الإطلاق الخاصة بها.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES