Author

عاهلنا الراحل .. أشعرتنا أن قلبك يخفق مع قلوبنا

|
.. كنت في كاليفورنيا قبل شهور، وتفضل مجموعة من أبنائنا المبتعثين بـ "عزيمتي" في أكثر من مدينة.. وكنت كل مرة أقول لهم أمرين: الأمر الأول: تثبت آلية الحكم في المملكة العربية السعودية أنها الآلية الصحيحة. وما يثبته الواقع المعاش أقوى من كل الانتقادات والتوقعات التي تقول العكس، وبعض هذه التوقعات هي في الحقيقة أمنيات أن يفشل نظام الحكم في بلادنا ليكون نهبا للفوضى والضياع والخسارة الوطنية في انهيار جدار الأمة. ولقد جاءت وقائع ما سميت بسلسلة الثورات الربيعية وثبت أن آلية الحكم في البلاد، وهي آلية حكم متشابهة تقريبا في دول الخليج، تبقى الراسخة الآمنة والثابتة، وما يتمنى أي شعب في الدنيا إلا عنصر الأمان، لأن الأمان هو القاعدة التأسيسية التي تبنى عليها كل مقومات نشاط وتقدم وبقاء الدولة. الأمر الثاني: كنت أقول لهم أنتم من أحلام قائد عظيم هو الملك عبد الله بن عبد العزيز - رحمه الله، لقد كان حلمه الأكبر هو العلم. كان يستشف برؤية القائد المحب لأمته وشعبه أن المولد الذي سيدفع محركات الأمة إنما هو العلم، خاصة في التقنية والمعلومات. لذا ابتعثكم لأحسن جامعات العالم ضمن خطة استراتيجية كبرى ربطها برؤية ذكية في أقمار صناعية تدور في فلك واحد ضمنها تأسيس جامعات عديدة في الداخل، وطموحه الكبير إيجاد أمة ثرية بعقولها تبقى بعد عصر البترول، بل ربما حتى أقوى وأكثر ازدهارا لأن الثروة الحقيقية هي أنتم شباب وشابات البلاد الذين تسلحتم بالعلم حتى أضراسكم، بفضل ومنة من الله تعالى، ثم بفضل هذا القائد الذي ألهمه الله أن يجعلكم أنتم الأصل الأول والأخير للبلاد وليست أي ثروة تحت الأرض أو فوقها. جاء دوركم الذي كلنا نعقد عليه الآمال لتضعوا عقولكم وخبراتكم وعلمكم وطاقاتكم وقلوبكم في كل عمل يخص تخصصاتكم لتكتمل أنوار تلك الأقمار الصناعية التي خطط لها العاهل الراحل، ونرتقي بعقولكم، لا بثروة أحفورية تنضب وتنتهي. وتمر الأيام، وتمر الشهور.. ويقدر الله العلي العظيم أن يأتي يوم الحق، ويتوفى الملك عبد الله الذي تولَّع به شعبه حتى تكاد لا ترى قلبا لا يحبه، ليس فقط حب الشعب لقائده، بل لشعور المواطن الفرد أن قلبه يخفق مع قلب الملك عبد الله فسمي "ملك القلوب". تولَّع شعبه بابتسامته الطيبة الصادقة، وانتقلت هذه العفوية لنفوس الناس، فهي بسمة تحكي شيئا يهمنا وتصل لعين قلوبنا كأنها تقول لنا:"لا بأس عليكم، ثقوا بالله.. كل شيء على ما يرام". وانتقل للرحمة الإلهية و"كل شيء على ما يرام". إنه مهندس النقلات الكبريات وراسم الطرق الجديدة للمجتمع والبلاد في مجالات عدة لم يبق كاتب ومراقب لم يتناولها. لذا حل حزن كخيمة كبيرة أعتمت الضوء عن القلوب والنفوس.. وسالت الدموع. على أنه يبقى أن "كل شيء على ما يرام" كما طمأننا عاهلنا الراحل، وبإذن الله سيبقى كل شيء على ما يرام. ما حدث في انتقال الحكم بانسيابية المياه بجداولها أربكت كل حائكي القصص التي تعكس أمنياتهم في تخلخل أمن البلاد بل خرابها.. إنه انتقال لم يسمع له صوت، وأهميته تبقى عظيمة.. إن الماء يجري بلا صوت ولكن أهميته عظيمة، أو أنه صوت خرير المياه، وهو صوت يشنف الآذان، ويسعد الأرواح. الآن عاهلنا هو الملك سلمان بن عبد العزيز أيده الله.. وليس ذلك مفاجأة، ولا هي أخبار وراء الآكام. "سلمان بن عبد العزيز" يعرفه كل مواطن، فهو في الصورة القريبة مع الناس منذ عقود، ومن طبيعته الانخراط معهم، ويتعامل بصداقة معرفية مع الإعلام. تقول مقالات كثيرة إنه صديق الصحفيين ويتابع المقالات التي تكتب في جرائدنا، على أن سلمان بن عبد العزيز مع كل الصحافة العربية. من يراجع التاريخ الصحافي مثلا في لبنان في السبعينيات والثمانينيات يجد قوة حضور الأمير سلمان في إعلامها وصداقته التي يتباهى بها كبار رؤساء التحرير والصحفيين. إن "حدس" الملك سلمان الإعلامي الكبير قد يكون مفتاح شخصيته.. وهذا في رأيي مفتاح المفاتيح لإدارة أي أمة في الداخل، وإدارتها من خلال أحداث الخارج. إننا مع ملك جديد نعرفه حق المعرفة، وهذه معرفة.. ليست جديدة.
إنشرها