Author

«إذا كثر الخبث»

|
تابعت خلال الأيام الماضية "تغريدات" ومناقشات حادة بين موافقي ومعارضي أحد أعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي أجرى مقابلات مع قنوات فضائية برفقة زوجته التي كانت مكشوفة الوجه. بادرت مجموعة من قبيلة الرجل بإصدار بيان "براءة" مما فعله "ابن عمهم"، ويكيلون له الاتهامات. عندما سألت في أحد المواقع عن علاقة القبيلة بهكذا سلوك فردي، تبرع كثيرون بمخالفتي وتقديم التبريرات على أن هذا هو الصحيح. طبعا، غني عن القول إننا مجتمع لا يزال يعاني تركيبته القبلية والعائلية التي تخشى أن يصلها "عار" ما يفعله أي من أفرادها. تلك الحادثة ذكرتني بحادثة أخرى بطلتها "ناشطة" حاولت أن تدخل الأراضي السعودية وهي تقود سيارتها، على الرغم من علمها بأن القوانين تمنع هذا الأمر. قدمت عائلة الفتاة خطاب اعتذار و"براءة" مما فعلته الفتاة. تخيلوا لو أن كل واحد ارتكب محظورا أو دخل سجنا أو كان لا يصلي، وهي أهم من كل ما سبق، صدر بحقه خطاب براءة من عائلته أو قبيلته، سوف يؤدي هذا إلى إزالة مفهوم القبيلة، لأننا جميعا مقصرون وخطاؤون. الحق أن ما يدور في المجتمع من مشكلات أو تجاوزات، من قبل أشخاص محسوبين على فئة أو قبيلة أو عائلة، تشغلنا عن التعامل مع مشكلات حقيقية تحتاج إلى حلول واضحة وجريئة. نالت القضيتان السابقتان من المتابعة والنقاش ما لم تنله قضية المطرب الأجنبي الذي كان يغني وسط نسائنا من "بنات الحمايل"، وكانت كل واحدة تحاول أن تحظى بـ "سيلفي" معه، لدرجة أنهن كن يقتربن منه بشكل لا يرضاه شخص في قلبه ذرة من غيرة، المشكلة أن صورهن واضحة في المقطع الذي انتشر. انطلقت فتيات في شارع التحلية في جدة وهن يرتدين بناطيل "الجينز"، ويبتسمن للجمهور الذي كان يحييهن في الشارع، ووجوههن واضحة كذلك. ثم جاء العريس الذي يراقص عروسه التي ترتدي فستانا يكشف أغلب جسدها، وكلاهما معروفان ومن عائلتين أشهر من النار على علم. راقبت هذه وتلك وعلمت أن التركيز على الأمور الصغيرة يحرمنا فعلا حماية المجتمع من الكبائر التي تهلك الأمم، حتى وإن كان فيها "صالحون".
إنشرها