أخبار اقتصادية

مصارف تتحايل على التمويل العقاري بعقود «الأثر الرجعي»

مصارف تتحايل على التمويل العقاري  بعقود «الأثر الرجعي»

كشف لـ "الاقتصادية" مصرفيون ومتعاملون مع عدد من المصارف المحلية، لجوء بعض المصارف إلى التحايل على شرط أنظمة التمويل التي أقرت أخيرا، ومن أهمها دفعة الـ 30 في المائة، من خلال كتابة عقود التمويل الجديدة بتواريخ سابقة لتاريخ القرار، أي بأثر رجعي، مع التزام العميل بدفع الأقساط الشهرية من تاريخ بدء العقد. يقول مدير أحد فروع المصارف الوطنية في المنطقة الشرقية، "إن بعض المصارف اضطرت إلى تجاوز الشرط الأخير، بعد أن وجدت أن ذلك يمكن أن يهبط بمستوى عملياتها التمويلية هذا العام، وذلك بحجة أن تقديم الطلب تم قبل التاريخ المحدد، وعمدت إلى تمرير عدد لا بأس به من الطلبات المعلقة بسبب عدم قدرة أصحابها على توفير 30 في المائة من قيمة التمويل العقاري للمسكن. من جانبه أكد عدد من المتعاملين -تحتفظ "الاقتصادية" بمعاملاتهم الرسمية- أنهم تقدموا بطلبات قروض تمويل عقاري من مصارف محلية، قبل صدور أنظمة التمويل الجديدة، ونظرا لأن معاملاتهم أخذت بعض الوقت، حتى صدر القرار، فقد خيرهم المصرف بين رفض طلب التمويل، أو القبول بدفع ثلاثة أقساط لشهور سابقة، وتوقيع العقد بتواريخ ما قبل صدور اللوائح التنفيذية لأنظمة التمويل العقاري؛ التي وضعت تحديد نسبة التمويل المستحق للمستهلك بمقدار 70 في المائة من قيمة المسكن محل عقد التمويل العقاري، وبالتالي فإن المتمول يلتزم بدفع 30 في المائة من قيمة القرض مقدماً. وهنا قال لـ "الاقتصادية" طلعت حافظ رئيس لجنة التوعية في المصارف السعودية "إن هذا الأمر غير ممكن لأسباب عديدة، منها المراقبة الشديدة التي تنفذها مؤسسة النقد العربي السعودي على المصارف المحلية، إلى جانب الالتزام المعهود عن المصارف السعودية تجاه القوانين والأنظمة المصرفية". وأضاف "قد تكون حدثت هذه المسألة لعميل أو عميلين كانا بالفعل تقدما بطلبات الاقتراض قبل صدور اللوائح الجديدة، ثم تم تنفيذ طلباتهما بعد ذلك"، مشيرا إلى أن مسؤولية تتبع مثل تلك التجاوزات من قبل المصارف تقع على عاتق مؤسسة النقد، التي يمكنها بالفعل التعليق على هذا الموضوع. وأكد حافظ أن اللائحة الجديدة ألزمت جهات التمويل بعدم تجاوز نسبة 70 في المائة كتمويل للمستفيد، وأن النسبة المحددة تتواءم مع معظم الممارسات العالمية المتعارف عليها، كما أن جميع الشرائح سواء أصحاب الدخل المرتفع أو الدخل المحدود، سيستفيدون من أنظمة التمويل، لأن الوحدات السكنية تختلف في حجمها من وحدة إلى أخرى. وبين حافظ أن القروض البنكية يفترض أن تكون لشريحة معينة من القادرين على تحقيق شرط الـ 30 في المائة، فيما تم توفير حلول أخرى لغير القادرين على توفير هذا الشرط، من خلال زيادة رأسمال صندوق التنمية العقاري، وقيام وزارة الإسكان بتنفيذ بناء آلاف الوحدات السكنية في عدة مدن سعودية، والبدء في توزيعها. يأتي ذلك بعد أن كان قد أبلغ "الاقتصادية" ثلاثة من كبار التنفيذيين في ثلاثة مصارف محلية الأسبوع الماضي، أن هناك هبوطا كبيرا في حجم طلبات التمويل العقاري، التي تمت الموافقة عليها خلال الشهرين الماضيين. وقال المسؤولون المصرفيون حينها "إن مسحا ميدانيا أجراه بعض المصارف للقدرة المالية للعملاء، اتضح من خلاله أن نسبة القادرين على الوفاء بهذا المتطلب ضعيفة، وإن المستفيد الأكبر منها هم "ملاك العقار" أو المقاولون الذين يستفيدون منها في إنهاء التشطيبات للفلل والعمائر التي يقومون ببنائها، أو توسيع قاعدة السوق السوداء للتمويل، التي يلجأ إليها طالبو التمويل لتوفير الـ 30 في المائة". وبين المصرفيون أن تراجع حجم القروض العقارية التي تقدمها المصارف ضمن نشاط مبيعاتها، رفع مستوى المنافسة بين المصارف المحلية على أسعار الفائدة في الفترة الأخيرة، لكسب أكبر قدر من العملاء على هذا المنتج. وتوقع المصرفيون أن اللائحة الجديدة التي نصت على أن يكون الحد الأعلى للتمويل العقاري للمسكن 70 في المائة، ستكون من أحد أهم أسباب انخفاض أسعار العقارات بشكل عام في المملكة، بسبب تراجع الطلب، كونه من الصعب على المستهلك ذي الدخل المحدود توفير 30 في المائة من قيمة المسكن، مؤكدا أن اللائحة أسهمت بشكل كبير في ضعف الطلب على القروض العقارية. وبحسب مختصون تحدثوا لـ "الاقتصادية" في وقت سابق فإن قانون التمويل العقاري بصيغته الجديدة الذي يشترط دفع 30 في المائة كدفعة أولى للحصول على تمويل عقاري من المصارف لتملك المساكن لن يخدم إلا 20 في المائة من الراغبين في التملك. وقدروا حجم منخفضي الدخل في السعودية غير القادرين على تأمين الدفعة الأولى عند الحصول على تمويل عقاري بنحو 80 في المائة، مشيرين إلى أن القانون في صيغته الجديدة لن يضع حلا للأزمة الإسكانية، لأنه سيخدم شريحة ضيقة فقط. واقترحوا أن تقوم المصارف بمنح القرض العقاري دون فوائد، على أن تتحمل الدولة، دفع تلك الفوائد، مطالبين المصارف بالنظر في أمر المقترضين عقاريا من خلال مسؤوليتها الاجتماعية، وألا تكون الأرباح هي الهم الأكبر من خلال رفع نسبة الفائدة، كما طالبوا باستثمار احتياطيات مؤسسة النقد السعودية المقدرة بثلاثة تريليونات ريال لتوفير المساكن للمواطنين. ووفق الأرقام التي أصدرتها مؤسسة النقد العربي السعودي، فقد ارتفعت القروض العقارية التي منحتها المصارف التجارية في السعودية للأفراد خلال الربع الثالث 2014 لتصل إلى نحو 88.45 مليار ريال بنسبة زيادة بلغت 34 في المائة مقارنة بنحو 66.23 مليار ريال خلال نفس الفترة من العام الماضي، فيما بلغت القروض العقارية الممنوحة للأفراد منذ بداية العام حتى نهاية سبتمبر 249.49 مليار ريال. وحسبما أوردت النشرة الربعية لمؤسسة النقد العربي السعودي للربع الثالث 2014 بلغ إجمالي القروض العقارية الممنوحة للأفراد والشركات نحو 140.4 مليار ريال.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية