FINANCIAL TIMES

لندن على طريق الاستقلال وإدارة ظهرها لإنجلترا

لندن على طريق الاستقلال وإدارة ظهرها لإنجلترا

لندن لا تحتاج إلى رئيس بلدية، بل تحتاج إلى رئيس وزراء. بريطانيا تتصدع. اسكتلندا ربما تخرج من الاتحاد وإنجلترا تدير ظهرها لأوروبا. وأعضاء حزب المحافظين ينشئون المتاريس ضد المهاجرين الذين يشكلون عصب الحياة في العاصمة. العاصمة الأكثر حيوية في العالم لا يمكن أن يفوض مصيرها إلى إنجلترا الصغيرة. هذه لحظة من أجل تصور مستقبل مختلف: الاستقلال. يقول بوريس جونسون، العمدة الحالي، إنه يريد أيضا أن تتحول السلطة من وستمنستر إلى قاعة البلدية (سيتي هول). طلباته – مقدار قليل إضافي من الاستقلال المالي والإشراف على المحاكم – تعتبر عبثا. وليس في ذلك ما يدعو إلى الاستغراب. فجونسون سيتخلى قريبا عن سيتي هول للانتقال إلى مجلس العموم. وهو يشعر برغبة شديدة في أن يحل محل ديفيد كاميرون في داونينج ستريت. وولاء جونسون للندن لا يعد شيئا مقابل الطموح الطويل. واقتصاديات الاستقلال في لندن تتحدث عن نفسها. يبلغ عدد سكانها 8.5 مليون (أقرب إلى 13.5 مليون نسمة في منطقة العاصمة الأوسع)، وبالتالي فهي تشكل أكثر من خمس الناتج المحلي الإجمالي في بريطانيا، وتولد جزءا كبيرا من عائدات الضرائب. هذا يعطيها اقتصادا يبلغ حجمه حجم السويد. البطالة أقل من 3 في المائة؛ والوضع الديموغرافي يعد أكثر شبابا من بقية المملكة المتحدة. وينفق السياح 20 مليار جنيه سنويا في العاصمة. أصبحت هذه المدينة الكبيرة مركزا للشركات العالمية ذات القيمة العالية التي تجعلها تصل إلى ما وراء دورها التقليدي كمركز بارز للخدمات المالية. وهي أيضا الموطن المختار لكبار الأغنياء المرتحلين وأولئك الذين هم في قاع الكومة ولديهم الطاقة والعزم لانتشال أنفسهم من شظف العيش. لندن تدندن بالمشاريع والطاقة والناس الذين يشعرون بالمتعة. بالنسبة لأولئك الذين لا يغضبون من الأصول العرقية لجيرانهم، تعتبر لندن مكانا عظيما للعيش فيه. الأمر المفهوم بشكل أقل هو أن العاصمة لديها كل الصفات الأخرى التي توجد في أي دولة حديثة: حدود طبيعية، ووصلات نقل رائعة، وتعليم من الدرجة الأولى، وشبكات صحية، وتراث منقطع النظير، ومراكز ثقافية - وحتى رئيس جاهز للدولة. ثم هناك أول ستة فرق لكرة القدم في الدوري الممتاز، ومنازل للعبة الكريكيت ولعبة الرجبي في لورد وتويكنهام. بالتأكيد، الاستقلال قد يترك بعض الأمور غير الجيدة. الأصول والديون يجب أن تخصص بصورة عادلة إلى حد ما بين طرفين منفصلين. لندن تستطيع تحمل أن تكون سخية. الطريق السريع الدائري M25 ـ الحدود الجاهزة ـ يوفر الوصول إلى المدينة والاتصالات السريعة لبقية إنجلترا. الطريق إلى داخل وخارج الطريق المنحدر يضم مواقع مثالية لوظائف مراقبة الحدود، وإن أصبح من الممكن في هذا العصر الرقمي أن تحل المراقبة الإلكترونية وعملية التعرف بواسطة الأجهزة محل طوابير الهجرة من الطراز القديم. رقائق الهوية التي أصبحت الآن جزءا لا يتجزأ من جوازات السفر يمكن بسهولة أن تتكيف على الزجاج الأمامي للسيارات. مطار هيثرو، بالطبع، بالكاد يكون إعلانا جيدا لدولة - مدينة في القرن 21. لكن تحت إدارة جديدة، يمكن تحويله إلى مطار نصف لائق. بقية إنجلترا سترث جاتويك كنقطة دخول لشركات الطيران إلى الشرق والجنوب. سيتم تشغيل عبّارات الركاب من لندن إلى بقية أوروبا من ميناء التايمز من تيلبوري. لندن، بما فيها من أحياء وبلديات، لديها البنية التحتية السياسية من أجل ديمقراطية جديدة. السجلات الانتخابية قد تحدد الأهلية للتصويت في الاستفتاء على الاستقلال. بافتراض أن الأهلية للتصويت بنعم - لا أستطيع أن أتخيل إمكانية أن يكون غير ذلك - سيتم إنشاء برلمان جديد في وستمنستر. قد تتجنب لندن الحكومة المركزية، وتعتمد بدلا من ذلك دستورا اتحاديا على غرار ذلك الذي كتبه مسؤولون بريطانيون لجمهورية ألمانيا الاتحادية. وبالتالي المدينة ستتذكر درسا نسيته بريطانيا: من الأفضل ممارسة السلطة على مقربة من الناس. الملكة إليزابيث يمكن أن تحتفظ بمنزلها في قصر باكنجهام كملكة دستورية لدولة المدينة. عضوية الكومنولث ستتبع ذلك. يمكن أن تنضم الدولة الجديدة إلى الاتحاد الأوروبي، ما يزيل التهديد حول صحة المؤسسات المالية العالمية والخدمات المهنية الأخرى. ولأنها ستكون خالية من تأثير المناهضين للاتحاد الأوروبي (حزب الاستقلال في المملكة المتحدة التابع لنايجل فاراج أحرز نتائج سيئة في العاصمة)، فإنها ستنضم إلى منطقة شينجن الخالية من الحدود، لضمان أن أبوابها تظل مفتوحة أمام الأطباء البولنديين والمصممين الإيطاليين والمختصين الفرنسيين في الرياضيات. ولبعض الوقت، على الأقل، ستحتفظ لندن بالجنيه. أما بقية إنجلترا فستكون لها الحرية في مشاركة العملة. حين تتحرر العاصمة بهذا الشكل، ستعترف بأن التنوع هو قوتها. الأطفال الذين يقومون بمعظم المهام لرفع المعايير في مدارسهم هم من نسل مهاجرين من الجيل الأول. بالنسبة للمواطنين من خارج الاتحاد الأوروبي سيكون هناك نظام هجرة ليبراليا، على أساس النقاط لجذب من هم أفضل وألمع من جميع أنحاء العالم ليتوافق التوظيف المفتوح مع مهاراتهم. ستكون هناك ترتيبات خاصة تعمل للعاملين الذين يسافرون إلى المدينة من إنجلترا. لكن هذا لن يكون مشكلة. لدى بريطانيا أصلا أنموذج حدود مفتوحة في منطقة السفر المشترك مع إيرلندا. لكن إذا اختارت إنجلترا إنشاء سياج على جانبها من الطريق الدائري M25، فسيتعين على مواطنيها التنافس مع مهندسي تكنولوجيا المعلومات الهنود، وأصحاب المشاريع البرازيليين، من أجل الحصول على أذون عمل في لندن. لا شك أن القوميين الإنجليز (من حزب استقلال بريطانيا) الذين يشعرون بوخزة، وجماعات الضغط ضد الهجرة، سيعترضون بشدة. رؤيتهم عن الدولة، التي تركز اهتمامها على نسبة السكان من "البيض"، ستتعقد من نجاح لندن. أما رواد الصالونات في المناطق المحلية فيمكن أن يُترَكوا لنقاشاتهم المعذبة حول الهوية. ينبغي على أهل لندن أن يتحرروا.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES