العالم

تزايد سلاح «حزب الله» على الأراضي السورية يؤمِّن عمقا استراتيجيا لإسرائيل

تزايد سلاح «حزب الله» على الأراضي السورية يؤمِّن عمقا استراتيجيا لإسرائيل

تزايد سلاح «حزب الله» على الأراضي السورية يؤمِّن عمقا استراتيجيا لإسرائيل

اتهمت الحكومة السورية إسرائيل هذا الأسبوع بشن غارتين على مواقع للنظام قرب دمشق، وفق ما أفاد التلفزيون الوطني السوري. وتقع هذه الضربات في نطاق "الصراع" بين حزب لله وإسرائيل حسبما تداولته بعض الصحف الإسرائيلية والغربية. إلا أن كثيرا من المراقبين يشككون من جهة أخرى، في حقيقة هذا الصراع وجدواه، خصوصا بعد تورط الحزب واستنزاف سلاحه المتواصل في المعارك الدائرة بين النظام السوري ومعارضيه. "استهدفت الطائرات الإسرائيلية هنغاراً للأسلحة في مطار دمشق وآخر في مطار الديماس الصغير الواقع قرب الحدود اللبنانية"، وفق أحد نشطاء المعارضة السورية الذي تحدث إلى "الاقتصادية" شرط عدم الكشف عن هويته. وأعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة السورية في بيان لها أنه "في اعتداء سافر قام العدو الإسرائيلي بعد ظهر اليوم باستهداف منطقتين آمنتين في ريف دمشق في كل من الديماس ومطار دمشق الدولي المدني ما أدى إلى خسائر مادية في بعض المنشآت". ونقلت وسائل الإعلام اللبنانية والسورية أن عشرة انفجارات سمعت بالقرب من مطار الديماس وأن عدة غارات جوية استهدفت منطقة مطار دمشق الدولي. وذكرت مصادر لصحيفة "الأخبار" اللبنانية أن ثماني طائرات إسرائيلية أغارت على الموقعين وتم خلال هذا الهجوم تشغيل نظام مضاد للطائرات يقع في المطار، وفقا لوسائل الإعلام السورية. وفي الوقت الذي نفت فيه المصادر السورية وقوع أي خسائر بشرية في مكان الغارتين، أشار موقع الإعلام الرسمي اللبناني "المركزية" إلى سقوط مقاتلَين من حزب الله. والواضح في هذه العملية أن تل أبيب أرادت حصر ضرباتها ضمن قوانين القتال السياسي متجنبة وضع دمشق أو حلفائها في موقع قد يضطرون من خلاله إلى الرد. وأوضحت مصادر من المعارضة السورية أن هذه الهجمات استهدفت مستودعات كانت تحوي صواريخ من نوع S-300 متجهة لحزب الله. وتعد صواريخ S-300 الروسية الصنع واحدة من أحدث منظومات الدفاع الجوي الصاروخية بعيدة المدى "أرض ـ جو". لذلك، تريد إسرائيل أن تحول دون وصولها إلى أيدي حزب الله بأي ثمن خشية أن تغير هذه الأسلحة التوازن العسكري السائد حاليا بينها وبين الحزب. وفي السنوات الثلاث الأخيرة، نُسبت إلى إسرائيل سبع هجمات: ست منها على الأراضي السورية وواحدة على الأراضي اللبنانية، وقد أدت هذه الضربات إلى عدد من الأحداث الحدودية، إن على الحدود الإسرائيلية السورية أو في مزارع شبعا بين لبنان وسورية، واستهدفت في أغلب الأحيان أنظمة عسكرية متطورة بما في ذلك صواريخ مضادة للطائرات وشحنات أسلحة روسية أو إيرانية الصنع كانت متوجهة إلى حزب الله. وبعيدا عن الضربات التي نفذت مطلع الأسبوع الجاري، يعود آخر هجوم إسرائيلي على سورية إلى شهر تموز (يوليو) الماضي وقد تسبب في وفاة أربعة أشخاص في الجولان السورية وجاء رداً على إطلاق صاروخ من سورية إلى الجولان المحتلة. وفي آذار (مارس) 2014، نفذ الطيران الإسرائيلي غارة داخل الأراضي السورية استهدفت مصالح عسكرية في سورية. وقبل ذلك في شهر كانون الثاني (يناير)، قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية قاذفات صواريخ S-300 في مدينة اللاذقية الساحلية في سورية، وفقا للمعارضة السورية. مع ذلك، ليس من الواضح تماما حتى الآن إذا ما كان النظام السوري يمتلك هذا النوع من الأسلحة. #2# فالرئيس الروسي فلاديمير بوتين كان قد صرح في شهر أيلول (سبتمبر) الماضي بأنه علق تسليم صواريخ S-300 إلى النظام السوري، موضحا مع ذلك أن دمشق تسلمت بعض مكوناتها. وجاءت هذه التصريحات لتصب في سياق الحرب بين إسرائيل وما يعرف بـ"خط الممانعة" المشكل من حزب الله وإيران وسورية المدعومين من روسيا. علماً بأن إسرائيل وسورية هما رسميا في حالة حرب منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967 لمرتفعات الجولان. في المقابل، ساد الصمت لدى مسؤولي تل أبيب ولم يصدر أي بيان أو تصريح من أي جهة رسمية على غير العادة المتبعة في أعقاب اعتداءات إسرائيلية سابقة في الأراضي السورية. وتجدر الإشارة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كان قد هدد مراراً وتكراراً باتخاذ تدابير صارمة لمنع نقل الأسلحة من سورية إلى حزب الله فيما ألمحت وسائل إعلام إسرائيلية إلى أن الهدف هذه المرة كان "سلاحاً كاسراً للتوازن" يجري الإعداد لنقله إلى حزب الله في لبنان عبر منطقة القلمون. كما صرح وزير الشؤون الاستراتيجية المقرب من نتنياهو، يوفال شطاينتس، قائلاً إن إسرائيل "تحاول قدر الإمكان منع نقل أسلحة متطورة وكاسرة للتوازن إلى تنظيمات إرهابية". على الرغم من ذلك، ينجح حزب الله في كسر هذا التعادل. إذ يقول الكاتب نيكولاس بلانفورد المختص في شؤون حزب الله في حديثه لـ"الاقتصادية" ونقلا عن الجيش الإسرائيلي إن ترسانة حزب الله تقدر ما بين 80 ألفا و100 ألف من الصواريخ القريبة والبعيدة المدى. ويضيف بلانفورد مستندا إلى تصريحات أدلى بها الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لحزب الله في شهر تشرين الثاني (نوفمبر) أن الحزب اكتسب صواريخ إيرانية متقدمة "فائقة الدقة" قادرة على "ردع" إسرائيل. وقد أتت تصريحات قاسم لتؤكد تقريرا نشر قبل أسبوعين ورد فيه عن لسان ضابط كبير في فيلق الحرس الثوري الإسلامي أن إيران قدمت لحزب الله صواريخ "فاتح" البالستية الطويلة المدى والشديدة التطور. "فصواريخ "فاتح" مجهزة برأس حربي وزنه 500 كيلو جرام ويصل مداها ما بين 250 و350 كيلو مترا، ما يجعل المفاعل النووي الإسرائيلي في ديمونا في جنوب إسرائيل تحت رحمة حزب الله ـــ حسب الكاتب نيكولاس بلانفورد. وتبعد ديمونا 225 كيلومترا عن جنوب الحدود مع لبنان ما يعني أنه يمكن إطلاق صواريخ "الفاتح" من قواعد حزب الله في التلال غربي بعلبك في وادي البقاع وتستطيع بالتالي أن تصيب المفاعل النووي الإسرائيلي. ويشرح بلانفورد أن النسخة الأولى من صاروخ فاتح A-110 التي أنتجت في عام 2002 هي من بين عديد من أنظمة الصواريخ التي يعتقد أن حزب الله حصل عليها بعد حربه مع إسرائيل في تموز (يوليو) 2006. وقد اختبرت نسخة الجيل الرابع لأول مرة في شهر آب (أغسطس) عام 2012. وكان مدى هذه الصواريخ يصل إلى 300 كيلو متر مع رأس حربي وزنه 650 كيلو جرام. غير أن إيران عملت على تخفيض وزن الرأس الحربي إلى 500 كيلو جرام ساعية بذلك إلى زيادة مدى الصاروخ إلى 350 كيلو مترا. تم تطوير النسخة الخامسة من "فاتح" وجاءت على شكل صاروخ باليستي مضاد للسفن وأطلق عليه في إيران اسم "الخليج فارس". بدأت إيران وسورية منذ عدة سنوات التعاون على برنامج لتطوير وتصنيع الصواريخ. وقد نتج عن هذا التعاون صاروخ M600 السوري أو تشرين، الذي يعتقد أيضا أن يكون في حوزة حزب الله، وهو النسخة السورية لفاتح -A110 ويتميز بقدرة توجيه متقدمة تتيح له إصابة أهداف على بعد 500 متر كحد أدنى و250 كيلو مترا كحد أقصى. فضلا عن ذلك، يُعتقد أن حزب الله يمتلك "بضع عشرات" من صواريخ سكود D التي يصل مداها إلى 700 كيلو متر وهي مخبأة في البقاع الشمالي. "غير أن صواريخ سكود D تضع أمام الحزب عددا من المشكلات اللوجستية مقارنة بأنظمة الصواريخ الأخرى مثل فاتح A-110S وM600s التي يبقى استعمالها أسهل. فصواريخ سكود تعمل بالوقود السائل ما يجعل من عملية إطلاقها عملية طويلة ومعقدة ويحتمل أن تكون خطرة مقارنة بالبدائل. كما أنها تتطلب منصات إطلاق يصعب إخفاءها وتوظيفها دون أن ترصد ـــ حسب الكاتب نيكولاس بلانفور". ووفق معلومات أمريكية نقلتها صحيفة "وول ستريت جورنال" أدخل حزب الله سلاحا جديدا على ترسانته وهو عبارة عن مجموعة من صواريخ كروز الروسية المضادة للسفن التي تعرف بـالياخونت، سلمت منها روسيا 72 صاروخا إلى سورية في كانون الأول (ديسمبر) 2011، إضافة إلى 18 منصة إطلاق .. يصل مدى هذه الصواريخ إلى 180 ميلا، وتحلق على علو منخفض وقريب من البحر وفق سرعة ماخ 2 للهروب من الرادار، وعادة ما تكون مسلحة بخارقة للدروع أو برؤوس حربية شديدة الانفجار. لا يوافق بلانفورد على هذه المعلومات ويعتبر "أن حزب الله يملك صواريخ موازية للياخونت مثل النور التي استعملها في 2006". إن امتلاك هذه الأسلحة من حزب الله يعني، حسب التبرير الإسرائيلي، أنه في أي مواجهة مقبلة سوف يواجه الجيش الإسرائيلي منظمة لديها قدرات دولة، ما سيجعل من الحرب المقبلة حربا شديدة التعقيد. وفي المقابل هناك كثير من المراقبين يشككون في قيمة هذا السلاح الذي يُستنزف يوميا على الأراضي السورية في مواجهات لا تخدم أي قضية بقدر ما تخدم بقاء النظام السوري من جهة ونقل المواجهات لمناطق وأراض أبعد تؤمن للجانب الإسرائيلي عمقا استراتيجيا كافيا لاتخاذ التدابير اللازمة لأي موقف استباقي ناجع.
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من العالم