Author

سكن مكلف وسيئ

|
أخبار السكن والإسكان هي حديث الساعة لمواكبة مشاريع الدولة الضخمة لبناء السكن، وإيجاد حلول موازية يحصل فيها المواطن على منزل، وهي من ضرورات الحياة المستقرة. وفي السياق نفسه، يتحدثون عن الترف المنزلي، والعزل الحراري، وتوفير الطاقة، والمنزل الذكي، وكل هذه المسميات التي نتمنى أن تخلو من أخطاء الهندسة، والبناء التي ارتكبها الجيل السابق، فقد كانت الـ 50 سنة الماضية تجارب فاشلة في بناء المنزل السعودي، بحيث كبر واتسع على حاجة ساكنيه، ولم يتناسب مع البيئة الجغرافية ليكون مناسبا للتطرف المناخي، الذي تعيشه بلادنا، فكان الأمر كأننا بتغيير شكل وبناء السكن نغير الطقس، وهذا غير صحيح. قديما كان البيت بخدماته، وحوشه المفتوح على السماء، وبئر الماء، وغيرها عالما مكتملا يرضي حاجات السكن، وتنفس الهواء الطبيعي، بمعنى أن المنزل الشعبي القديم على صغره، وبساطة مواد بنائه يلائم الطبيعة المحيطة، ولا يعزل الساكن عن الخارج، ولا يرتفع لأدوار بحكم أن بيئتنا صحراوية حارة، أما اليوم فصار البناء عمارات مصمتة، تعزل الساكن عن الهواء والسماء، ليحملق في شاشة معلقة على جدار أو شاشة على طاولة، هي كل اتصاله بالعالم الخارجي، المقصد أنه لا علاقة لمساكننا الحالية بالبيئة، فهي تحتاج إلى الطاقة بكميات هائلة لتبريدها، وتدفئتها، ولم نبتكر حلول عزل وتهوية تتدارك هذا الخطأ التاريخي، وتعيد علاقة المنزل ببيئته المحيطة، وعلاقاتنا الإنسانية ببعضنا، وهي أحد ما أصابه الخواء عندما استنبتنا حياة غير حياتنا في صوب معزولة على الطريقة الغربية، وحتى تلك المبادرات من قبل البعض للعودة إلى البيئة جاءت من خلال عقل غربي وغالية الثمن، بحيث لا تجد الرواج بين عامة الناس. من حلول الأولين للحر اللاهب والبرد القارس أن أكثر البيوت، والمساجد لها قبو تحت الأرض يتبرد به أهل المنزل في حر القيلولة، ويلجؤون إليه في ليال الشتاء؛ لأنه لا تكييف ولا تدفئة، وكان البيت نفسه مبنيا بالطين العازل أصلا للحرارة والبرودة، وقد جربت تلك الأقبية المبنية تحت الأرض، فكانت باردة صيفا ودافئة شتاء، وكانت أفضل تعامل واع مع البيئة. قد توجد بعض الحلول العصرية بأنواع من العزل الحراري، لكن التبريد والتدفئة للمنشآت يشكلان إرهاقا لموارد الطاقة، ويحرقانها بإسراف كان يمكن تلافيه بوضع الحلول منذ البدء، لكن التسرع في التنمية جاء بهذه المشكلات في الـ 50 سنة الماضية. باختصار حلول بيئة للسكن السعودي مطلوبة وبسرعة، فقد نجد كل هذه المباني تعصف بها الريح في أزمة من أزمات الطاقة.
إنشرها